نزل الحادث المروري الذي وقع مساء السبت الماضي وراح ضحيته 9 أشخاص جنوب محطة الجبل، بينهم الأكاديمي المصري الدكتور شعبان جمعة عبد العزيز، وأسرته المكونة من الزوجة وخمسة أطفال، كالصاعقة على أهالي محافظة القنفذة وما جاورها. وتوفي الدكتور شعبان وزوجته (أسماء) وخمسة من أطفالهم –رحمهم الله- وهو أستاذ مشارك بالكلية الجامعية في محافظة القنفذة فرع جامعة أم القرى، قسم الدراسات القرآنية والإسلامية، وله مبادرات لم ولن ينساها من عرفه في محافظة القنفذة.
كما أنه من حفظة كتاب الله الكريم، وكان أحد المعلمين البارزين في حلقات الذكر والتحفيظ إبان بداية حلقات الذكر في ذلك الوقت، وكان عدد الطلاب قليلاً آنذاك، وقد تتلمذ علي يديه العديد من القراء والأئمة البارزين على مستوى القنفذة، إضافة إلى أنه من الشخصيات المحببة للطلاب في كليته، فهو ذو ابتسامة لا تفارق محياه، حسب ما ذكره طلابه الذين كانوا أكثر تأثراً بوفاته هو وأسرته.
ومن المواقف التي ما زال يتذكرها أهالي القنفذة أنه في أحد أيام الجمعة في الجامع الكبير بالقنفذة، تأخر الإمام في الحضور وكاد رواد المسجد يصلون ظهراً وكان من بين المصلين الدكتور شعبان جمعة –رحمه الله– الذي وقف وتقدم إلى المنبر وألقى خطبة ارتجالية تمنى كل المصلين بالجامع أن يستمر ولا يوقف ثم أدى صلاة الجمعة، وبيّن أنه من الصعب أن تفوت الجمعة على جمع كبير، قائلاً: "ما الفائدة مما تعلمناه إن لم نلقِ خطبة".
وللدكتور محبون في كليته وفي حلقات القرآن، فقد عاش منذ زمن طويل بالقنفذة وله محبون ممن عرفوه ولازموه، كانوا وما زالوا أشد تأثراً وبكاءً بعد سماعهم بوفاته في الحادث هو وأسرته، رحمهم الله.
أما زوجته فهي الأخرى حافظة لكتاب الله (خريجة معهد إعداد معلمات القرآن الكريم بالقنفذة)، وتروي معلمتها "أ. أ" أن أسماء زوجة الدكتور شعبان رحمهما الله كانت ذات خلق رفيع جداً ومن طالبات المعهد المميزات، وكانت أكثر جدية وأكثر حضوراً في المعهد.
وأضافت: كانت مجتهدة إلى درجة أنها تكابر على ما يصيبها من عارض صحي من أجل أن تظفر بحفظ كتاب الله، إلى درجة أنها في أصعب ظروفها الصحية كانت تحضر للمعهد، وكان ذلك محل تقدير من معلماتها حيث أقمن لها حفلاً بمناسبة ولادتها، وهو الحفل الوحيد الذي أقامه المعهد احتفاء بها لما وجدوه منها من حب وإقبال على كتاب الله.
وأردفت: ليس هذا فحسب بل إن أبناءها وابنتها ومنهم (يوسف وشروق) كانوا أيضاً من حفظة كتاب الله، والطريف أن (يوسف) كان يدخل المعهد ليلتقي أمه ويجلس بجوارها في القاعة، وكان يقرأ لدى معلمة أمه، وفي كل مرة يحفظ بعض الورد أو بعض الآيات يأتي للمعلمة بالذات ليلقي عليها ما حفظه من كتاب الله، وكان يقول لأمه أنا لا أريد أحداً يسمع لي القرآن إلا هذه.. يقصد معلمة والدته.
أما شروق فلا تقل ذكاءً عن أخيها يوسف، فهي الأخرى حافظة لكتاب الله وتدرس بالمدرسة المتوسطة لتحفيظ القرآن بالقنفذة.
وتداول أهالي القنفذة خلال أمس واليوم على مواقع التواصل الاجتماعي مآثر تلك الأسرة، ودورها البارز ومحبتهم لدى كثير من الناس بالقنفذة وفي مراكزها أيضاً، فيما خيم الحزن على زميلات شروق بمدرستها اليوم في القنفذة، كما تأثرت معلماتها أيضاً.
وقد سعى طلاب الدكتور شعبان وزميلات زوجته بالقنفذة إلى عمل وقف خيري لهما يعود عليهما بالخير ويعد من الأعمال الصالحة التي تهدى من الأحياء إلى من يحبون ممن توفاهم الله.
يذكر أن الحادث الأليم وقع عند عوتهم من أداء العمرة بمكةالمكرمة، وقد أديت صلاة الجنازة عليهم بعد صلاة العشاء أمس الأحد بعد قدوم ذويهم من مصر بمشاركة عدد من أهالي القنفذة ومن طلاب الدكتور شعبان.
وكانت "سبق" قد نشرت الحادث الذي أودى بحياة 9 أشخاص بينهم الدكتور شعبان وزوجته وأطفاله الخمسة، على طريق مكة – الليث جنوب محطة الجبل. وهو الطريق الحيوي الذي يقصده الحجاج والمعتمرون من الجنوب ولا يحظى باهتمام وزارة الطرق والنقل حتى الآن.