طالب سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المعلمين والمعلمات بتحصين طلابهم "من الأفكار المنحرفة والشاذة ومن دعاة الضلال والفساد والفرقة والاختلاف، ممن يحبون تفريق جمعنا، وتشتيت كلمتنا". وقال: ربما سمع المعلمون من طلابهم أثناء الدراسة شيئاً مما تلوثت به أفكارهم، فيبادرون في إصلاحها واستجلابها من نفوسهم، فالأمة إذا صلح شبابها واستقام أبناؤها وتمسكوا بدينهم أدى ذلك إلى الخير.
ودعا المعلمين والمعلمات للاعتزاز والفخر بمهنة التعليم والتدريس، وقال: أيها المعلم، انظر لمهنتك بعين التقدير والإعجاب؛ فأنت معلم مسؤول في إصلاح المجتمع، فاتق الله، وحسّن أخلاقك، وأخلص لله في عملك، وتواضع، واعدل، وارحم من أمامك، وكن طيب الخلق والكلام، لا بالسباب واللعان، ولا الغليظ الشديد المُتناهي الشدة، وإنما هو بين أمرين، بين حلم وحزم وأناة ورفق وأداء للواجب، وهكذا فليكن معلّمونا، وفقهم الله لكل خير.
وأردف المفتي مخاطباً المعلمين: أيها المعلم، تعلم أن الأمة تعيش في منعرج خطير، وكثير من القنوات والفضائيات قد جلبت علينا بخيلها ورجلها بدعايات مضللة من شبهات باطلة وأخلاق رذيلة، فهم دعاة سوء وفساد.
وأضاف: فإذا أحسست من الطلاب أنهم تأثروا بشيء من تلك الأفكار الملوثة فاستغل الفرصة في أي لحظة للتوجيه والإرشاد والحث على الأخلاق السليمة والقيم الفاضلة، والحرص على الارتباط بحب هذا الدين وحب الوطن للمسلمين، وحب ولاتهم وارتباط بعضهم ببعض.
وحضّ سماحته المعلم والمعلمة على التحلي بالصبر، وقال: إن بالصبر تنضبط الأمور، ويعان على حل المتاعب والمشاق، فإن الله خلق الناس بأمزجة مختلفة وطباع متنوعة؛ يحتاجون إلى من يصبر على أمورهم ويحل مشاكلهم، فأبناؤنا وبناتنا في أمسّ الحاجة إلى أن نصبر عليهم، ونعالج مشاكلهم.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: أخي المعلم، قد تقف على بعض مشاكل الأبناء وما يعوقهم في دراستهم، إما مشاكل داخل بيوتهم بين الأبوين، أو بين الإخوان، فلا بد أن تعالج المشكلة، وأن تحرص على حلها بين الطلاب، وضرورة الاتصال بأولياء أمورهم؛ لأنك مؤتمن على هذا الأمر العظيم، فلا بد من صبر واحتساب وتحمل للخير.
وناشد المفتى العام للسعودية المعلم والمعلمة التواضع لله، وقال: بتواضعك أيها المعلم وأيتها المعلمة، بالتواضع الطيب يقبل عليكم الطلاب والطالبات، ويسألون ويستفسرون، أما إذا كان المعلم متكبراً متعالياً متعاظماً في نفسه، لا ينظر لطلابه إلا نظرة الاحتقار والازدراء، أو أنه يؤدي وظيفة دون أية مسؤولية، فهذا خطأ، فالتواضع وسيلة لكل خير، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله".
وتابع المفتي العام للسعودية توجيهاته ونصائحه للمعلمين والمعلمات قائلاً: لا بد من أن يلتزم المعلم والمعلمة بالتعامل بالعدل مع الطلاب؛ فإن الله يقول {إن الله يأمر بالعدل والإحسان..} فالعدل مطلوب، فالطلاب أمام معلمهم كأنهم رعية أمام راعيهم، فيكون معهم بالعدل في أمورهم كلها، فبالعدل قامت السماوات والأرض.
وحث المفتي العام للسعودية المعلم والمعلمة على الرحمة والإحسان إلى الأبناء وإلى البنات، وقال: فلا بد من حلم وسماحة وأخلاق كريمة، فبالحلم والسماحة يجرؤ الطلاب على معلمهم، ويسألونه ويستفسرون منه، وبقسوة قلبه وجفائه يفرون من طباعه.
ودعا سماحته المعلم إلى أن يكون قدوة صالحة حسنة لطلابه، وأن تكون المعلمة قدوة صالحة لتلميذاتها، وقال: إن المعلم إذا اتقى الله، وأدى واجبه، فكان مظهره إسلامياً طيباً وألفاظه ألفاظاً طيبة، لا يتكلم إلا بخير، ولا يقول إلا خيراً، ينبس مع طلابه، لكن باتزان وعقلية راجحة، لا ينبس معهم في أمور ترهات لا قيمة لها، بل يظهر لهم حلمه وقدرته على أداء الواجب مع التخلق بالأخلاق الكريمة والصفات الحميدة، فلسانه طيب، وعمله طيب، وتقويمه طيب، ونظره طيب، فيعاملهم بما يحب أن يعامل أبناءه به من صبر عليهم وتوجيه وإرشاد ونصيحة وانضباط.. يناقش ويحذر، فلعل للطالب مشكلة في نفسه مع أبويه ومع أهل بيته، فينظر فيها نظرة الرحمة والمودة؛ لأن الأصل والهدف من ذلك إصلاح الطلاب والهداية إلى الطريق المستقيم. سائلاً الله التوفيق والسداد للجميع.