{ قراءة تربوية في خطبة سماحة المفتي العام } اطلعت على كثير من خطب سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله ومنها ما قرأته في مجلة الدعوة العدد 2264 في 6/11/1431ه وهو يوجه في هذه الخطبة توجيهات عظيمة وآراء سديدة ، إلى قرابة نصف مليون من العاملين في الميدان التربوي ، شرح فيها سماحة المفتي مبادئ العلاقة بين المعلم والمتعلم ، في تأصيل علمي متين جعل الوازع الديني والضمير الحي ، هما المحرك الأساسي للمعلم والمعلمة ،لأداء هذه المهمة على أكمل وجه ، وقد خرجت بعد قراءتي لهذه الخطبة بعدة نقاط رئيسة أسأل الله أن أوفق في عرضها بصورة واضحة للقارئ الكريم . • عندما تقرأ سطور خطبة سماحة المفتي حفظه الله فإنك تجد الحس الأبوي والكلمات اللطيفة ، التي تلامس شغاف القلوب والأسلوب الرحيم الذي ناشد به كلاً من المعلمين والمعلمات ورجال الصحافة والآباء والأمهات ، في العناية بأجيالنا الصاعدة ، ثم تلاحظ تعبيره في أكثر من مرة في قوله أبنائنا وبناتنا ، فهذه الأساليب الرائعة تجعل النفوس أسرى لتوجيهات سماحته ، ولطالما كانت الحكمة والرحمة والرأفة وصدق العاطفة وإعطاء الثقة للآخرين ، سفيراً تتفتح له العقول ، مع العلم أن سماحته جعل الكلمة المؤثرة ، والنصيحة الهادفة ، والقدوة الحسنة ، سبباً لاستقامة أبنائنا وبناتنا. • أكد سماحته على عظم شأن الأمانة ، وأنه لابد من تصور حقيقي لهذه الأمانة الكبيرة التي يتولاها المعلم والمعلمة ، وأن المدرسة التي ينشأ بها الطلاب الصغار سيكونون غداً كباراً من معلمين وخبراء ومهندسين وأطباء ، وهنا يكون الإحساس بالأمانة أمر مهم فيمن يتولى بناء العقول والتعليم مهنة ليست كسائر المهن ، وهي تحتاج إلى قدر كبير من الصبر والحلم . • كما عدد سماحته من واجبات المعلم والمعلمة ، التبكير في الحضور للدوام ، وتأدية الحصص ، وشرح المنهج ، وزاد أيضاً الحرص على إيصال المعلومة إلى أذهان الطلاب والطالبات ، وفوق هذا كله أكد على أهمية الاعتناء بالتربية والسلوك والأخلاق ، حتى تخرج لنا أجيالُ مؤمنة ومتمسكة بالقيم والفضائل في شتى ميادين الحياة . • بين سماحته شأن النية في عمل المعلم والمعلمة ، فهو داعٍ إلى الله وإلى دينه، إذا صدقت نيته مستدلاً بقوله عز وجل : (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) ، ولقد عمل العلماء بهذا المنهج الذي ينزه العلم ، بحيث لا يكون سبيلاً لأغراض مادية بل لابد من ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى . • ويلفت سماحته إلى أهمية القدوة الحسنة أمام الطلاب والطالبات ؛ لأن كلماتهم وتصرفاتهم تثبت في القلوب مؤكداً على حسن الألفاظ وتهذيب اللسان ، لأن الخطأ يبقى خطأ حتى لو كان من المعلم أو المعلمة ، وزيادة على ذلك فهذه الصورة السلبية ترسخ في عقول الأجيال . • بين حفظه الله العناية بالأمن الفكري ، وأن مسؤولية المعلمين والمعلمات كبيرة ، لاسيما مع خسارة بعض شبابنا ، الذين أساءوا في حق أنفسهم وإلى دينهم ولآبائهم وأمهاتهم ،وإلى مجتمعهم المسلم الفاضل فعلى العاملين في الميدان التربوي ، تحذير شبابنا وفتياتنا من هذه الأفكار الغريبة بالإقناع والحوار ، مستدركين أهمية فضل اجتماع الكلمة ووحدة الصف محذرين من الدعايات المضللة مؤكداً أن المعلم والمعلمة رقباء على أبنائنا وبناتنا في تحذيرهم من المخدرات وجلساء السوء ، الذين يلقون في قلوبهم الشر والبلاء ويستخدمونهم ليبثوا هذه السموم المختلفة . • وأكد حفظه الله على نعمة الأمن والاستقرار ورغد العيش وتهيئة المدارس ، التي يحسن بالمعلم والمعلمة تنمية المشاعر الإيجابية تجاه هذه النعم ، لدى الطلاب والطالبات والتي جاءت بتوفيق الله وتحكيم شرعه ، واجتماع الأمة بقيادتها على خير وتعاون . • وتطرق سماحته إلى أنه لا تنافي في المنهج الإسلامي وبين العلوم المتعددة ؛ لأن الجمع بينهما ممكن فنحن غداً إن شاء الله نجني ثمار علوم أبنائنا وبناتنا ، ونجد منهم من يسد الثغر ويقوم بالمهمة في جميع ميادين التعلم ، وحتى يجمع أبنائنا بين خيري الدنيا والآخرة . • ومما لفت نظري وبإعجاب في خطبة سماحته ، هو أهمية التواصل بين المدرسة والطالب وولي أمره ، خصوصاً إذا عرفنا أن هذه العلاقة قد ضعفت بسبب أمور متعددة ولكن ما لا يدرك كله لا يترك بعضه وتكمن أهمية هذا التواصل لنضمن لأبنائنا الانتظام والمحافظة على أخلاقهم ونبعدهم عن من يريد إفساد عقولهم وأفكارهم . ومن هنا ومن خلال هذه الإلماحة الموجزة لخطبة سماحة المفتي حفظه الله يتضح لنا وبدون أدنى شك أن سماحته رجل تربوي ، وعالم موسوعي ، قد تناول الموضوعات التربوية بقضاياه المعاصرة على ضوء الشريعة الإسلامية السمحاء ، وربط بشكل رائع وجميل ما بين هذه القضايا وبين التعاليم الإسلامية ربطاً توفيقياً ، فلنتخذ من هذه الخطبة دروساً مستفادة ، في مدارسنا ، وجامعاتنا ، وكل صروحنا التعليمية . عبد العزيز بن سعد عبد الرحمن العرفج الدلم ماجستير الإدارة والتخطيط التربوي