خلف الدوسري- سبق- بعثة المشاعر المقدسة: تبقى الروحانية التي يعيشها الحجاج عنواناً للمّ الشمل والتآخي والرحمة، وتتعزز في نفحات أيامه الدروس والعبر، وبين صفوف شباب الجوالة والكشافة تظهر في موسم حج كل عام فصول من المبادرات البطولية في مساعدة الآخرين، وتقديم العون لهم، من خلال سلوكيات تترجمها أفعالهم؛ فتجد شباب الجوالة والكشافة جميعاً أثناء أدائهم لمهامهم اليومية في خدمة حجاج بيت الله الحرام في سباق لجمع الحسنات، وبنفوس علاها الطهر والنقاء وخلال ساعات العمل الميداني؛ حيث يلهث الجميع نحو كل عمل يُقَرّبهم إلى الله في خير أيامه، محاطين برحمة ربهم وغفرانه. الكشاف فيصل حمود العنزي نال شرف المشاركة بمعسكرات جمعية الكشافة للخدمة العامة بالحج من محافظة العلا، وسطر عبارات متوّجة بمعاني الفخر والاعتزاز؛ نظير ما قدّمه من عمل إنساني أثناء أدائه لمهام إرشاد حجاج بيت الله الحرام بمشعر منى مع رفاقه.
وفي معسكر "منى الجبل"، شاهد "فيصل" -خلال ساعات الظهيرة- حاجاً طاعناً في السن من الجنسية الإندونيسية، ويبلغ من العمر (80) عاماً، يعيش في دوامة من التعب والإعياء تائهاً حائراً، أنهكه المسير في جنبات المشاعر، يبحث عن مخيمه، ولا يتحدث العربية؛ الأمر الذي لفت انتباه الكشاف "فيصل"، الذي شعر بمعاناته؛ ليبادر سريعاً إلى إنقاذه مقدماً له في البداية جرعات من الماء، ثم شارك الحاج الطاعن رحلة البحث عن مخيمه.
وبعد أن قرأ بيانات بطاقة الحاج والمعلومات التي تدوّن عادة على معصم كل حاج، استدل على اسمه وبلده وموقع مخيمه؛ وبرغم بُعد المكان؛ إلا أن الكشاف "فيصل" أصرّ على إيصاله لمخيمه بأمان؛ غير آبه بما سيتكبده من تعب ومشقة؛ لعدم مقدرة الحاج على المسير بسبب ما يعانيه من تعب وإجهاد؛ فقرر حمله على ظهره متوجهاً به -بكل عزيمة- نحو مقر مخيمه، واستمر في المسير محتسباً الأجر لمسافة تزيد على (2) كم.
وفور وصوله مقر مخيم حجاج إندونيسيا، وجد ذويه في انتظاره؛ مندهشين من موقف هذا الكشاف، الذي حمل الحاج الطاعن على ظهره مسافة طويلة حتى مقر مخيمه؛ مُبدياً سعادته بنجاح مهمته وتسليمه لذويه، وسط دعوات من الحاج الطاعن وذويه بأن يوفق هذا الكشاف على جميل صنيعه.
إلى ذلك، عبّر الكشاف فيصل العنزي عن هذا الموقف المشرّف قائلاً: "إن هذا العمل أكسبني شرف خدمة حجاج بيت الله الحرام، وأضاف أن شباب الكشافة يمثلون أنموذجاً يعكس جهود شباب المملكة في تقديم الصورة الحسنة للمواطن المرحب بضيف الرحمن في أطهر وأحب البقاع إلى الله".