طالبت شبكة الجزيرة الفضائية الحكومة الأردنية بتقديم تفسير رسمي لعملية التشويش المتعمد التي تمت من أراض أردنية، واستهدفت بث قناة الجزيرة الرياضية خلال كأس العالم، وأكدت أنها ستوظف كل الوسائل المتاحة لضمان محاسبة الأطراف التي ارتكبت هذا الفعل، غير أن الأردن نفى هذه التهمة، وأبدى استعداده للتعاون مع أية جهة تحقيق فنية محايدة في هذه القضية. وأوضح موقع "الجزيرة نت" أن الشبكة أعلنت أمس الخميس أن تحقيقاً أجرته فرق دولية مختصة مستقلة توصلت إلى أن التشويش الذي استهدف بث قناة الجزيرة الرياضية خلال كأس العالم صدر من موقع في الأردن. وذكرت الجزيرة أن التشويش الذي صدر من منطقة جلعد بمدينة السلط الأردنية تعمد إعاقة إشارة بث الجزيرة الرياضية؛ ما نتج منه تشويش البث المباشر لعدد من مباريات كأس العالم، وقد ترتب على ذلك معاناة الملايين من المشاهدين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. من جانبه أكد مدير القطاع الفني في شبكة الجزيرة المهندس سعيد باوزير أن شبكة الجزيرة بدأت التحقيق في عمليات التشويش منذ اليوم الأول لحدوثها، وأنها في بادئ الأمر سعت لتدارك تداعيات عملية التشويش على ملايين المشاهدين فأطلقت أكثر من 16 باقة إضافية على عدد من الأقمار الصناعية، ثم أجرت اختبار تشويش من خارج الأراضي القطرية وباستخدام تقنية عالية جدا تدعى نظام "جيولوكش"، وثبت لدى خبراء الجزيرة مكان التشويش. وأوضح باوزير أن احتمال الخطأ في هذا الاختبار واردة، ولكنها تتراوح بين ثلاثة وخمسة كيلومترات فقط؛ الأمر الذي يثبت أن عملية التشويش تمت من الأراضي الأردنية. وعن توقيت إعلان الجهة التي تقف وراء التشويش قال مدير قناة الجزيرة الرياضية ناصر الخليفي: "لقد أردنا أن نتأكد أكثر بواسطة الاختبارات التي شارك فيها خبراء دوليون وشركات مستقلة عن الجهة التي تسببت في هذا التشويش". وأكد أن شبكة الجزيرة ستلاحق قضائياً المتسببين في عملية التشويش التي حرمت 167 مليون مشاهد من مشاهدة مباراة الافتتاح في كأس العالم. مشيراً إلى أنه لأول مرة في تاريخ كأس العالم تنقل 25 مباراة مجاناً، وهو ما فعلته الجزيرة الرياضية. وكانت الشبكة قد أعلنت قي وقت سابق على لسان متحدث باسمها أنها ستوظف كل الوسائل المتاحة لضمان محاسبة الأطراف التي ارتكبت هذا الفعل؛ وذلك حرصا على حقوقها وحقوق مشاهديها ضد أي أفعال مماثلة مستقبلاً، وطالب الحكومة الأردنية بتفسير رسمي لتلك الواقعة الموثقة بالأدلة. وكانت صحيفة الجارديان البريطانية قد أكدت أن الوثائق السرية التي حصلت عليها تكشف أن الأردن كان موقع انطلاق التشويش على بث قنوات الجزيرة الرياضية خلال نقلها مباريات كأس العالم لكرة القدم. وقال محرر شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة إيان بلاك ل(الجزيرة) إن الصحيفة ما كانت لتنشر الخبر لو لم تكن على درجة من اليقين. واستبعد بلاك، الذي رفض الكشف عن مصدر معلوماته، أن يتم ذلك التشويش دون علم من السلطات الأردنية. مستنداً في ذلك إلى رأي الخبراء. ونقلت الجزيرة عن بلاك قوله إن التجهيزات الفنية التي استُخدمت في عملية التشويش كانت متطورة للغاية وليست لهواة. مشيراً إلى أن عملية التشويش تمت في الأردن، وبعلم السلطات الأردنية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وعن توقيت نشر الخبر قال بلاك: إن عملية التحقق والتثبت من مصادر المعلومات استغرقت وقتاً طويلاً، وبعد استشارة خبراء في مجال التشويش. وكانت الصحيفة قد ربطت بطريقة غير مباشرة بين التشويش وانهيار مفاوضات الأردن مع الجزيرة الرياضية لنقل مباريات كأس العالم للمشاهدين الأردنيين. وفيما يتعلق بموقف الأردن من هذه القضية رصد مراسل قناة الجزيرة في عمّان ما قال إنه رغبة في التهدئة على الصعيد الرسمي، ونقل عن مصدر رسمي نفيه تورط الأردن في هذه القضية، مبديا استعداد الأردن للتعاون مع أية جهة تحقيق مستقلة بشأنها. وقال مراسل الجزيرة في عمّان إن الصحف القريبة من النظام لم تتناول هذه القضية، كما أنه لم يكن هناك حالة تجييش ضد الجزيرة في الصحف الرسمية كما كان يحدث في كثير من الخلافات التي تقع بينها وبين الأردن. وكانت الحكومة الأردنية قد رفضت ما أوردته صحيفة الجارديان، وقال مصدر حكومي في بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية "بترا" ردا على تقرير الصحيفة "إن الأردن كان قد تحدث مع مسؤولين في قناة الجزيرة، وحاول شراء حقوق البث قبل نحو أربعة أشهر من انطلاق المباريات، لكن قناة الجزيرة لم تبدأ المفاوضات الفعلية إلا قبل أيام من انطلاق المباريات". وتابع المصدر قائلاً إنه وقبل نحو أربعة أيام من بدء مباريات كأس العالم تقدمت الجزيرة بعرض لبيع حقوق البث الأرضي للأردن لعشرين مباراة تختارها هي، وكان معظم هذه المباريات من الدور الأول مقابل ثمانية ملايين دولار، والسماح ببث المباريات على شاشات كانت ستوضع في المناطق النائية والفقيرة مقابل خمسين ألف دولار لكل شاشة عرض. وبحسب المصدر فإن الحكومة "رفضت هذا العرض لأنها اعتبرته متأخراً جداً، ولأن المباريات التي سمحت الجزيرة ببثها وعدد هذه المباريات لم يكونا مناسبَيْن". يُشار إلى أن بث قناة الجزيرة الرياضية تعرض للتشويش أثناء المباراة الافتتاحية للمونديال الأخير بين المكسيك وجنوب إفريقيا، وفي مرات أخرى بعد ذلك.