أدى المصلون في منطقة عسير، صلاة عيد الأضحى المبارك، يتقدمهم أمير منطقة عسير، الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز؛ وذلك بمصلى العيد الكبير "المشهد" بمدينة أبها. وأَمّ المصلين المستشار الشرعي بإمارة منطقة عسير الدكتور عبدالله بن محمد بن حميد، الذي استهلّ خطبته بالتكبير والتهليل، وحمِدَ الله -سبحانه وتعالى- على نعمه الدائمة التي شرعها الله لعباده، وسخرها لهم، وخَصّ موسم الحج بخصائص كبرى وشمائل عظمى من الطاعات والقربات، ومنها شعيرة ذبح الأضاحي، التي يستوي فيها الحجاج والمقيمون؛ اقتداء بسيدنا إبراهيم الخليل، واتباعاً لسنة نبينا الكريم محمد بن عبدالله عليهما أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وقال "ابن حميد" في خطبته: "لقد تزامن هذا الموسم التعبدي العظيم الذي أدى فيه حجاج بيت الله الحرام مناسك حجهم في أمن واطمئنان، ونعمة وإيمان، ووفرة للتسهيلات والخدمات التي تقدمها حكومتنا الرشيدة -أيدها الله- في كل عام لخدمة الحجاج والمعتمرين والزائرين، بذكرى مرور 84 عاماً على توحيد هذا الوطن على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -طيّب الله ثراه وجعل الجنة مثواه- تحت شعار التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
وأضاف: "حيث قضى على الفتن والفوضى، وأقام شريعة الإسلام على نور من الله، وجاهد في الله حق جهاده هو وجنوده الأبطال من الآباء والأجداد، حتى عَمّ الأمن والاستقرار، وسادت السكينة والطمأنينة، وأصبح الناس إخوة متحابين، وعلى الخير متعاونين، ثم سلّم الراية من بعده لأبنائه البررة من بعده، الذين أكملوا مسيرته المباركة في التنمية والبناء والنهضة والارتقاء، مع التمسك بثوابت الدين وعقيدة التوحيد الصافية، مع الحرص على محاربة الأفكار الشاذة والمبادئ الضالة، التي تقوم على الشرك والسحر والخرافة والبدع، والأخذ بمبدأ الوسطية والاعتدال، والسماحة والرحمة، وإقامة العدل ومحاربة الظلم، ونصرة المظلومين والوقوف ضد الظالمين.
وأبان في خطبته أن الخارجين عن منهج الوسطية والاعتدال موجودون منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة؛ فأشكالهم ونظراؤهم ونماذجهم السيئة تتكرر في كل العصور، وقد وصفهم رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام بأنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها؛ مُحَذّراً المجتمعات من هذه الفئة الخبيثة الضالة الذين يخرجون في كل زمان ومكان على جماعة المسلمين وولاة أمورهم؛ لأنهم تنكبوا مسالك الغلو والتطرف، واتهام النيات، واتباع الأهواء والجهل، وعدم أخذ العلم الشرعي من أهله الراسخين في العلم.
وأردف: "إلى جانب إهمال الأسر وغفلتهم عن مراقبة أبنائهم؛ مما أدى بهم إلى التورط في الانضمام إلى بؤر الفتن والجماعات الإرهابية التكفيرية؛ مستشهداً على ذلك ب"قاعدة الشر" و"داعش" وغيرهما من الطوائف الضالة المضلة خارج الوطن، والتي حَذّرَنا منهم قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وعلماء الأمة الأجلاء.
ودعا المستشار الشرعي بإمارة عسير، المسلمين إلى الاعتصام بالوحدة الدينية والوطنية اتباعاً لقوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوناً}؛ مؤكداً على أهمية وحدة الكلمة وجمع الصف، والحذر من الفتن، وتجنب مضلات المحن والرزايا، وعدم تصديق الأراجيف والشائعات، وأنه لن يصد تيار التشتت والتفرق والغلو والتطرف؛ إلا الوحدة والاتحاد والتلاحم والترابط والتراحم، وتقديم مصلحة البلاد على هوى النفوس؛ فمحبة الأوطان فطرة الديان.
وأشار الدكتور "ابن حميد" إلى أن المسلم الصالح، يقتضيه صلاحه الوفاء لبلاده وصونها عن الفتن والمحن، والصدق في السر والعلن، وأن يتحلى بثقافة الحوار، والائتلاف والترابط، والبعد عن الانقسام والاختلاف، وتجنب الحزبيات، أو التعصب للمذهبيات، منوهاً بحق الوطن على أبنائه في تحقيق المصالح ودرء المفاسد؛ داعياً خطباء المساجد وأساتذة الجامعات والمدارس والآباء والأمهات في المنازل إلى تعزيز اللحمة بين الراعي والرعية، وتحصين العقول والنفوس؛ لا سيما الأبناء والشباب من اختراقاتهم، ثم احتراقهم بآفات الإرهاب، والمخدرات، والتكفير، والغلو والتطرف.
وسأل الله تعالى أن يُديم على هذه الديار الآمنة وحدة دينها وأمنها واستقرارها، وأن يجمع الكلمة ويوحد الصف، في ظل القيادة الرشيدة التي طبّقت الإسلام عقيدة ومنهجاً وسلوكاً.