قال رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، إن في حياة الأمم والشعوب أياماً خالدة، خلدها التاريخ وحفظها في ذاكرته للأجيال المتعاقبة، واليوم الوطني للمملكة العربية السعودية هو يومٌ لا يُنسى، حيث شَهِدَ إعْلانَ ميلادِ دولةٍ فتيةٍ وأوَّلَ وحْدةٍ عربيةٍ بعد ملحمةِ الكِفَاحِ التي خاضها الملكُ المُوحِّدُ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحِمَهُ الله – ورِجَالُه المُخْلِصون لتوحيدِ أجزاءِ هذه البلادِ وَبسط الأمْن في ربُوعِها كافة وتأسيس أركانِ هذه الدولةِ الحديثةِ على هديٍ من كتابِ اللهِ، وسنةِ رسولهِ - صلى الله عليه وسلم -، وعلى أُسسٍ متينةٍ من العدلِ والشورى، فجمع شمل سكانها بعد الفرقةٍ والتناحرٍ، وأرسى قواعدَ الأمنِ والاستقرارِ بدلاً من الفوضى والصراعات، ونشَرَ العِلْمَ ليُبَدِدَ ظَلامَ الجهل. وأضاف آل الشيخ، في كلمة بمناسبة الذكرى الرابعة والثمانين لليوم الوطني: إن ذكرى اليوم الوطني احتفاءٌ بعهدٍ جديدٍ من الاستقرارِ السياسي والأمني، والوحدةِ الوطنيةِ والتلاحمِ الاجتماعي، والنقلةِ الكبرى التي شهدتها المملكةُ العربيةُ السعودية في شتى المجالات في هذا العهد الزاهر.. عهد خادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ عبد اللهِ بن عبد العزيزِ - حفظهُ الله -.
وقال آل الشيخ إن المملكة حرصت على تنوّع مصادِر الطاقةِ بدلاً من الاعتمادِ على مُشْتَقاتِ البترولِ، بالاستفادةِ من مصادرِ الطاقةِ المتنوعةِ التي تتوافر بالمملكةِ فأنشأَ مدينةَ الملكِ عبد الله للطاقةِ الذريةِ والمتجددة.
ولفت آل الشيخ النظر إلى أن خطى الإصلاحِ والتحديثِ التي تميز بها العهدُ الزاهرُ شملت تحديثُ الأنظمةِ وبناءَ دولة المؤسساتِ والمعلوماتيةِ في شتى المجالات، مما يُعزَّزُ قٌدْرةِ مؤسساتِ الدولةِ على النهوضِ بمسؤولياتها وفقاً لمتطلبات العصر.
وأشار إلى أن الحرمينِ الشريفينِ والمشاعر المقدسة وخدمةُ ضيوفِ الرحمنِ كانت في أولوياتِ اهتماماتِ خادمِ الحرمينِ الشريفينِ – حفظه الله – حيث أمر بتوسعةِ الحرمِ المكي الشريفِ ومسجدِ المصطفى – صلى الله عليه وسلم – بالمدينةِ المنوّرةِ في أكبرِ توسعةٍ شهدها الحرمان الشريفان على مرِ التاريخ، إلى جانبِ تطويرِ منطقةِ جسرِ الجمرات، وتيسير تَنقُلِ الحجاجِ بين المشاعرِ من خلالِ جملةٍ من المشروعات بينها قطار المشاعر.
ونوّه آل الشيخ، بالمكانة الاقتصادية الرائدة التي تبوّأتها المملكةُ العربية السعودية بفضلِ سياساتها الاقتصاديةِ المتزنة مما أهَلها للدخول ضمن مجموعةِ دولِ العشرين الاقتصاديةِ العالمية, إلى جانبِ سياساتِها الثابتةُ التي تقومُ على مبدأ الحقِ والعدل، فكانت المملكةُ دوماً إلى جانبِ القضايا العربيةِ والإسلاميةِ تعملُ على نُصْرتِها ودعمِها في مختلفِ المحافلِ الدولية.
كما نوّه بالوحدة الوطنية وقوة العلاقة الحميمية بين القيادة والشعب التي كانت بفضلٍ من الله من أهم أسباب استقرار هذه البلاد المباركة. وقال: إنه على الرغمِ من التحدياتِ والأخطارِ التي تَمُرُ بها المنطقةُ, ظَلتْ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ بمنأى عن تلكَ الفوضى والصِّراعاتِ التي تشهدها بعض الدول العربية بفضلٍ من اللهِ ثم بفضلِ وِحْدتِها الوطنيةِ, ونَسِيجَها الاجتماعي الذي يستَمِدُ قُوَّتَهُ من العلاقةِ الوثيقةِ بين الحاكمِ والمَحْكُومِ, تلك العلاقةِ التي يَحْرِصُ خادمُ الحرمينِ الشريفينِ الملك عبد الله بن عبد العزيزِ بمساندةِ ولي عهدهِ الأمير سلمان بن عبد العزيز وولي ولي العهدِ الأمير مقرن بن عبد العزيز، على تعزِيزِها بالقراراتِ والمبادراتِ التي تَسْتَهدِفُ تحقيقَ المزيدِ من الرفاهيةِ والرخاءِ للمواطنِ, والنُّهُوضِ بالوطنِ والارتقاءِ به إلى مدارجِ التَّقَدُمِ بين الأمم.
ولفت النظر إلى اهتمامِ الملكِ عبدُ اللهِ بن عبد العزيزِ بمكافحةِ الإرهابِ على الصَّعيدِ الدولي مبرزاً دَعوتَه – يحفظه الله – إلى إنشاء المركز الدوليِّ لمكافحةِ الإرهابِ والإعلانِ عن تَبَرُعِ المملكةِ بمبلغِ مائة مليون دولارٍ دعماً للمركز, ومبادرته للمؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الأديان السماوية والثقافات توجت بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار العالمي في العاصمة النمساوية فيينا.
وأشار آل الشيخ، في هذا السياق، إلى الاجتماع الإقليمي لمكافحة الإرهاب في المنطقة الذي عقد في محافظة جدة بحضور وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا والولايات المتحدةالأمريكية والذي جاء في ظل تعاظم خطر الإرهاب في المنطقة وتزايد عدد التنظيمات الإرهابية التي تقف وراءه، وهذا بلا شك يندرج ضمن الجهود التي تبذلها المملكة لمحاربة الإرهاب.
وقال آل الشيخ: إن المتتبعَ لتاريخِ الحكمِ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ مُنذُ تأسِيسِها يجدُ أنه قامَ على منهجِ الشورى, فقد اعتمدَ الملكُ عبد العزيز وأبناؤه البررة من بعدهِ الشورى منهجاً للحكم وإدارةِ شؤون هذه الدولةِ، ولذلك فإن نِطاقَ تطبيقُهم لهذا المبدأِ واسعٌ وشاملٌ التزاماً بقولِ الحقِ تباركَ وتعالى ((وأمرهم شورى بينهم)).
وأضاف: وبتوفيقٍ من اللهِ تعالى ثم بدعمِ ولاةِ الأمرِ أصبحَ المجلسُ سنداً قوياً للدولة، وحلقةً رئيسةً في منظومةِ السلطةِ التنظيميةِ في المملكة، وشريكاً رئيساً في صُنع القرارات الوطنية, وفي المعالجات الناجحة للكثير من القضايا الجوهرية التي تهم الوطن والمواطن, وطرح الرؤى للتطلعات والطموحات المستقبلية, كما أن المجلس ومن خلال الدبلوماسية البرلمانية وعضويته الفاعلة في عديدِ من الاتحاداتِ البرلمانيةِ سواءً على المستوى العالمي أو القاري أو الإقليمي داعمٌ ومساندٌ لمواقف المملكة تجاه مختلف القضايا العربية والدولية.