تواصل الجهات الحكومية المختصة جهودها لتطبيق وتنفيذ آليات العزل الحراري على جميع المباني في المملكة، وعلى وجه الخصوص المباني السكنية، وذلك نظراً لتأثيره الإيجابي الكبير في خفض استهلاك الطاقة الكهربائية في المنازل في ظل استخدام أجهزة التكييف المتواصل في فترة الصيف، فضلاً عن استعمال أجهزة التدفئة في فترة الشتاء بشكل كبير . ويعمل المختصون ضمن منظومة متجانسة من خلال برنامج وطني لكفاءة الطاقة يعمل على إعداده المركز السعودي لكفاءة الطاقة، حيث يكثف المركز جهوده بالتعاون مع وزراة الشؤون البلدية والقروية، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، والشركة السعودية للكهرباء، من أجل تطبيق العزل الحراري الإلزامي على المباني السكنية في 23 مدينة رئيسة في المملكة كمرحلةٍ أولى تمهيداً لتطبيقه على كافة مدن المملكة في فترة لاحقة.
وتستحوذ تلك المدن على نحو 90 % من استهلاك المباني للطاقة الكهربائية وهي تشمل "الرياض، والخرج، ومكة المكرمة، وجدة، والطائف، والمدينة المنورة، وينبع، والظهران، والخبر، والدمام، والقطيف، والأحساء، وحفر الباطن، وبريدة، وعنيزة، وحائل، وسكاكا، وعرعر، وتبوك، وأبها، وخميس مشيط، وجازان، والباحة".
وكثمرة لعمل الفريق المتواصل؛ قامت وزارة الشؤون البلدية والقروية مؤخراً بتوجيه الأمانات والبلديات نحو الالتزام بتعليمات ترشيد استهلاك الطاقة بصفة عامة، ومراعاة ذلك عند مراجعة المخططات المعمارية للمباني؛ إنفاذاً للأمر السامي القاضي باستخدام العزل الحراري في مباني ومرافق الدولة والمباني الاستثمارية والسكنية.
ويسعى المركز السعودي لكفاءة الطاقة بالتعاون مع الشركة السعودية للكهرباء، لتطبيق آلية تنفيذ العزل الحراري على أرض الواقع من خلال الحصول على المعلومات المكتملة عن رخص البناء الصادرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، التي يتم إرسالها إلكترونياً من الأمانات والبلديات لشركة الكهرباء، ثم ترسل الشركة بعد ذلك رسالة نصية إلى هاتف صاحب الرخصة، لتحديد موعد زيارة فريق العزل في الشركة للتأكد من تركيب العازل في الجدران، ويتكرر الأمر نفسه بعد تركيب عزل الأسقف وزجاج النوافذ.
وبعد اجتياز صاحب المبنى مراحل الكشف على العزل بنجاح؛ تبدأ شركة الكهرباء في إرسال شهادة بذلك إلى البلدية المعنية، لإعطاء شهادة إتمام البناء لصاحب الرخصة, وفي حالة مخالفة المالك شروط وقيم العزل فلن توصل الشركة التيار الكهربائي للمنزل، وتفرض العقوبات على المكاتب الهندسية غير الملتزمة بشروط تصاميم المباني باستخدام العزل الحراري.
من جانبها؛ عملت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بالتعاون مع المركز السعودي لكفاءة الطاقة على إصدار وتحديث مواصفات قياسية خاصة بمنتجات العزل الحراري، واعتماد مواصفات جديدة لتطبق كلوائح فنية إلزامية في جميع منتجات العزل الحراري المحلية والمستوردة.
وتعكف الهيئة حالياً على إنشاء مختبر مرجعي لمواد العزل الحراري، وأنظمة البناء المتكاملة، كالجدران والنوافذ والأبواب الخارجية، من خلال أحدث أجهزة الاختبار، وعلى يد أفضل الكوادر الفنية المتخصصة، وذلك لحماية المستهلك والسوق المحلية من منتجات العزل غير المطابقة للمواصفات.
ويرجع المختصون أهمية العزل الحراري في المباني إلى الفوائد الجمة التي يلمسها المستهلك، حيث يساهم في المحافظة على درجة حرارة معتدلة لمدة طويلة داخل المبنى؛ ما يؤدي إلى تقليل تشغيل أجهزة التكييف، أو التدفئة لفترات زمنية طويلة، وهو ما ينعكس أثره على قيمة الاستهلاك في فاتورة الكهرباء.
ويسمح تطبيق العزل الحراري باستخدام أجهزة تكييف ذات قدرات صغيرة، وبالتالي خفض تكاليف شراء الأجهزة المستخدمة، ويحافظ على الأثاث من التلف سريعاً، فضلاً عن تقليل الفقد الحراري الى أدنى مستوى، إلى جانب التقليل من التكاليف العالية للتشغيل والصيانة.
وأظهرت الدراسات الحديثة الصادرة عن متخصصين في كفاءة الطاقة أن التكاليف الإضافية لعزل الجدران والأسقف والأرضيات للمبنى الجديد لا تتجاوز 3-5% من الكلفة الأساسية للإنشاء، كما أن التكاليف الإضافية لاستعمال النوافذ المزدوجة لا تتجاوز 1% من الكلفة الأساسية لإنشاء المبنى.