في الوقت الذي ازداد هوس الناس بالتصوير والتقاط الصور التذكارية وتوثيق المناسبات، أصبحت كاميرا الجوال ذات سلطة قوية جداً، يهابها الجميع، ويحذر من الوقوع في شباكها، وخاصة مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، التي لا تكاد تلتقط صورة إلا وتجدها قد انتشرت بسرعة مذهلة. فقديماً قبل الثورة الأخيرة في تطور الجوال، كان من يريد التصوير يعرف الجميع أنه بمجرد حمله للكاميرا أنه يريد التصوير، فتجد هذا يضبط ملبسه وهذا يُحَسِّن من جلسته، وآخر يتصنع الابتسامة. بعكس ما هو حاصل الآن؛ حيث سخّر أغلب الناس كاميرا جواله لالتقاط صور تُحذف بمجرد استعراضها لاحقاً، وكسرت كاميرا الجوال تحفُّظ الأغلبية في تصوير ما كان سابقاً يعد أمراً صعباً وجالباً للعار.
ولا تستغرب في يوم من الأيام أن تصلك صورتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مظهر غير لائق ربما التقطت من محب لك لم يكن يعلم بأنها ستكون سبباً في خلافك معه مستقبلاً، وربما يكون نشرها من أحد أطفالك وهو يلهو بجوالك فيرسلها أو يغرد بها وهو لا يدري ماذا يصنع.
وأصبح المسؤول يخشى كاميرا جوال المراجع أكثر من المراجع نفسه؛ لأنه ربما يقع في خطأ قد يجعله عرضة للمساءلة ممن هو أعلى منه، ولهذا انتشرت عبارة "ممنوع التصوير" في أغلب الأماكن وباللون الأحمر بعد انتشار جوال الكاميرا، وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل أين الرقابة الذاتية التي من المفترض أن تكون نهج كل موظف ومسؤول ويكون مستعداً للتصوير في أي وقت.
واعتبر أغلبية من تحدثت معهم "سبق" في أكثر من مجلس كاميرا الجوال سلاحاً ذا حدين، ملخصين إيجابياتها في النقد الهادف للمسؤول، وكشف فساد المشاريع، ونشر معاناة المواطنين، وتسليط الضوء حول من فقد الرقابة الذاتية، كما اعتبروها من وسائل التوثيق التي وفرت على الناس جهداً كبيراً.
بينما اتفقوا في وجود سلبيات كثيرة لكاميرا الجوال، تبرز في الابتزاز وإظهار عيوب الآخرين، التي تُعتبر من الأمور التي نهى عنها الشرع معتبرين إياها من الغيبة، وحذر آخرون من الإفراط في تصوير الآخرين من دون علمهم؛ لأنه من اختراق الخصوصة، مستدلين بما قاله الإمام الشافعي رحمه الله: "فكلك عورات وللناس أعين".
يقول (ع. ق) إن كاميرا جواله وضعته يوماً من الأيام في موقف صعب جداً، بعد أن صوّر أحد أقاربه في وضع غير لائق، وانتشرت هذه الصورة بشكل واسع، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
جدير بالذكر أن أغلب الشباب أصبح يمتلك أكثر من جوال، يكون أحدها من الجوالات الذكية، يستخدمه للتصوير والنت، والآخر من جوالات الجيل الأول، التي تُستخدم للمكالمات فقط.