ستكون أنظار العالم بأجمعه شاخصة اليوم إلى ملعب "ماراكانا" الأسطوري في ريو دي جانيرو، حيث سيتواجه المنتخبان الألماني والأرجنتيني في موقعة كبيرة على أرض البرازيل، في المباراة النهائية لمونديال 2014 عند الساعة العاشرة مساءً. ومنذ أن أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في مارس 2003 أن نهائيات كأس العالم 2014 ستقام في أمريكاالجنوبية للمرة الأولى، منذ أن استضافت الأرجنتين العرس الكروي العالمي عام 1978، وتوجت بلقبه على حساب هولندا، حلم البرازيليون بإحراز اللقب على أرضهم، وتعويض الخيبة التي تعرضوا لها عام 1950 حين خسروا النهائي على أرضهم أمام جارتهم الأوروغواي (1-2)، لكن حلمهم بالتتويج السادس اصطدم بماكينة الألمان الذين نجحوا في أن يثأروا شر ثأر من البرازيليين بعد أن خسروا أمامهم نهائي 2002 (صفر- 2)، وذلك باكتساحهم 7-1 في نصف النهائي.
وما يزيد من حسرة أصحاب الضيافة أن جيرانهم اللدودين سيخوضون النهائي في هذا المعقل الأسطوري بمواجهة الألمان، في موقعة تحمل نكهة ثأرية للأرجنتين التي احتاجت إلى ركلات الترجيح لكي تتخطى هولندا (صفر-صفر في الوقتين الأصلي والإضافي) في أول وصول لها إلى دور الأربعة منذ 24 عاماً، وتحديداً منذ مونديال 1990 في إيطاليا، حين خسرت أمام "المانشافت" بالذات بهدف سجله اندرياس بريميه من ركلة جزاء.
وكان ذلك التتويج الثالث والأخير لألمانيا في العرس الكروي العالمي، الذي أتبعته بتتويج آخر، كان الأخير لها في البطولات الرسمية، وجاء في كأس أوروبا 1996 على حساب الدنمارك (2-1) بفضل هدفين من البديل أوليفر بيرهوف الذي كان صاحب أول هدف بالموت الفجائي.
وتدين ألمانيا بوجودها في النهائي الثامن في تاريخها إلى الأداء الجماعي الرائع لرجال المدرب يواكيم لوف الذين يأملون بأن يجعلوا من "المانشافت" المنتخب الأول الذي يتوج باللقب العالمي في القارة الأمريكية، التي عجز أي من منتخبات القارة العجوز عن أن يعود من أراضيها بالكأس الغالية؛ إذ فازت الأوروغواي بالنسخة التي استضافتها عام 1930، ثم في نسخة 1950 على الأراضي البرازيلية، قبل أن تفوز البرازيل بنسخة 1962 في تشيلي، و1970 في المكسيك، ثم الأرجنتين على أرضها عام 1978 وفي المكسيك عام 1986.
واللافت أن الأوروبيين لم يتوجوا باللقب سوى مرة واحدة خارج القارة العجوز، وكانت في النسخة السابقة التي أحرزتها إسبانيا في جنوب إفريقيا. علماً بأنها كانت المرة الثانية فقط التي تقام فيها البطولة خارج أوروبا أو أمريكا، والأولى كانت عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، وأحرزتها البرازيل.
ويأمل الأرجنتينيون بقيادة المدرب الفذ اليخاندرو سابيلا والنجم الكبير ليونيل ميسي إلى تكريس العقدة الأوروبية بعيداً عن القارة العجوز، وتحقيق ثأرهم من الألمان الذين توجوا بلقب 1990 على حسابهم بعد أن خسروا نهائي 1986 أمام دييغو مارادونا ورفاقه في "لا البيسيليستي" (2-3)، ثم خرجوا من النسختين الأخيرتين على يد "مانشافت" بالخسارة أمامه في ربع نهائي 2006 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي، وربع نهائي 2010 بنتيجة كاسحة صفر- 4.
وسيكون تركيز المدرب لوف على إيقاف ميسي الذي سيشكل التهديد الأكبر للدفاع الألماني، الذي قدم أداء صلباً في هذه النهائيات بمساندة مذهلة من حارسه مانويل نوير الذي اهتزت شباكه أربع مرات فقط في ست مباريات.
ما هو مؤكد أن الأنظار ستكون موجهة نحو ميسي الفخور بمنتخب بلاده، وبتأهله إلى المباراة النهائية.
وواجه ميسي في نصف النهائي دفاعاً هولندياً صلباً؛ حدّ من تحركاته، ومنعه من لمس الكرة داخل المنطقة ولو لمرة واحدة من أصل 68 لمسة، لكن الفضل يعود له بوصول بلاده إلى هذه المرحلة؛ إذ كان صاحب الركلة الترجيحية الأولى لبلاده في نصف النهائي؛ ما أراح أعصاب زملائه.