قال فضيلة الشيخ قيس المبارك، عضو هيئة كبار العلماء، لقد إتفق الفقهاء على ثبوت المحرميَّة مِن أخوة وبنوة وغيرها بحصول الرضاعة في زمن الرضاعة، وهو الحولان، وقد دلت على ذلك نصوص كثيرة، أما إذا كبُر الصغير وفات زمن الرضاعة فلا يُعرف في ذلك إلا حادثة واحدة لم يفهم منها أحدٌ مِن صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنها عامة لجميع الناس، بإستثناء ما عُزيَ إلى أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وأضاف فضيلته: أن إرضاع سالم مولى أبي حذيفة من سهلة رخصة خاصة له من النبي، صلى الله عليه وسلم, فهو كان يراها أمًّا له , وأن أبا حذيفة في منزلة والده, مؤكداً أنها حادثة واحدة لم يفهم منها أحد من الصحابة أنها عامة لجميع الناس, بإستثناء ما عُزيَ إلى أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وأشار الشيخ المبارك إلى أن هذا الحديث الخاص بسالم وسهلة إنتهى بانتهاء التبني، ولم يقع به عملٌ عند المسلمين، لا عند الحاجة ولا وقت الضرورة، فلا يُعتدُّ بهذا القول، وليس للإعلام أن يقتات على مثل هذه الأقوال. جاء ذلك في توضيح للشيخ قيس المبارك لقصة إرضاع الكبير وما ورد حولها، وقال الشيخ المبارك: إتفق الفقهاء على ثبوت المحرميَّة من أخوة وبنوة وأخوة وغيرها بحصول الرضاعة في زمن الرضاعة، وهو الحولان، وقد دلت على ذلك نصوص كثيرة، أما إذا كبُر الصغير وفات زمن الرضاعة فلا يُعرف في ذلك إلا حادثة واحدة لَمْ يفهم منها أحدٌ مِن صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنها عامة لجميع الناس، باستثناء ما عُزيَ إلى أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وسيأتي ذِكْرُ قولها، ذلك أنه كان للصحابي الجليل أبي حذيفة هشام بن عتبة بن ربيعة، عبدٌ اسمه سالم، وكان قد تبناه قبل الإسلام، فصار يُنسبُ إليه، لا مِن قبل الرضاعة، بل مِن قِبل التبني الذي كان عرفاً جاهلياً، فكان يقال له: سالم بن أبي حذيفة، فهو مِنْهُ بمنزلة ابنه، وبهذا صار يراه أخاً لأبنائه ولِبناته، فلمَّا أراد أبو حذيفة تزويج سالم لَمْ يزوجه من ابنته، لأنه يراها أختاً له، وإنما زوَجه بابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة . فلما نزلت آية إبطال التبني، وهي قوله تعالى {0دْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإخْوَانُكُم فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} زال انتساب سالم إلى أبي حذيفة، فصار يقال له: سالم مولى أبي حذيفة، لأنه لا يُعرفُ مَنْ أبوه . فكان من أثر إبطال التبني أن احتجبَت زوجة أبي حذيفة، وهي سهلة بنت سهيل بن عَمْرو العامرية، عن سالم الذي كانت تراه ولداً لها، واحتجب كذلك محارمه من قِبَلِها كبناتِها وغيرهن ممن كنَّ له محارم من الرضاعة، وهكذا كانت سهلة فيما مضى تعامله معاملة ابنها، وكان هو كذلك يراها أمًا له، فهو مجهول الأب، فلا يُعرفُ له أبٌ ولا أمٌّ، وليس له أهلٌ إلا بيت أبي حذيفة، فعزَّ على سهلة أن تحتجب عنه، فذهبت إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله كنا نرى سالماً ولداً، وكان يدخل عليََّ وأنا فضل، وليس لنا إلا بيت واحد، فما ترى؟ فطلبتْ الرخصة لها دون بقية محارمه من بناتها وغيرهن، فأذِنَ لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن تَحْلِبَ له اللبن في إناءٍ ثم يُسقاهُ، رخصة من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لسهلة . وأضاف الشيخ المبارك: قد فهِمَ الصحابة رضوان الله عليهم أن هذه رخصة خاصة بسهلة وزوجها، ولذا لَمْ يُرْوَ عن أحد منهم أنه فَهمَ أن هذا الحديث عامٌ لجميع الناس، بل نُقل عن الكثير منهم أنه خاص بسهلة، فهو رخصة لها مِن أجل التبني . وقال فضيلته :أما أمُّنا عائشة رضي الله عنها، فالمنقول عنها أنها رَوَتْ تَحذيرَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من القول بصحة رضاعة الكبير، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الرضاعة مِنْ الْمَجَاعَةِ) فحديث عائشة هذا حديث عام صريح في نَفْيِ ثبوت حكم الرضاعة بعد فوات زمن الغذاء، وهو فترة الرضاعة، أي فترة الحولين، ولم يُنقل عنها قولٌ في صحَّة رضاعة الكبير، وإنما يُروى عنها أنها كانت ترى ذلك، عزاه إليها عروة بن الزبير رضي الله عنه أنها ترى ذلك، فما رَوَتْهُ بقولها صريحاً أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لها: (يا عائشة انْظُرْنَ ما إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ)، أصرح من قولٍ نُسِبَ إليها، ربما كانت تقول به وتَحمله على أمثالِ حالِ سالم، وهو كلُّ مَن كان مُتبنَّى قبل الإسلام، ثم إنها قد تكون رجعت عنه، ولذا ذكر الحافظ أبو الوليد الباجي أنه لَمْ يُنقل عن عائشة، رضي الله عنها، أنها أدخلَتْ أحداً عليها برضاعة الكبير، ولم يُرْوَ كذلك عن سالم أنه كان يدخل على أحدٍ مِن بنات أبي حذيفة، ومن أجل ذلك ذهب جماهير المسلمين، إلى أن هذا الحديث إنتهى بإنتهاء التبني، ولم يقع به عملٌ عند المسلمين، لا عند الحاجة ولا وقت الضرورة، فلا يُعتدُّ بهذا القول، وليس للإعلام أن يقتات على مثل هذه الأقوال.