أثارت الفتوى التي أصدرها المستشار القضائي في وزارة العدل السعودية الشيخ عبدالمحسن العبيكان استنكار رجال الدين الكويتيين السماح بإرضاع الكبير حيث قال العبيكان: إذا احتاج أهل بيت ما إلى رجل أجنبي يدخل عليهم في شكل متكرر وهو أيضا ليس له سوى أهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبب لهم إحراجاً وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء أو زوجة فإن للزوجة حق إرضاعه ووضع العبيكان شرطا أن عدم الإرضاع من الثدي مباشرة ويجب أن يتم أخذ الحليب بطريقة مناسبة بعيدة عن ذلك ويتم تناوله من قبل الشخص المعني». وبهذا الصدد أكد الأمين العام المساعد لرابطة علماء المسلمين د.عبدالمحسن زين المطيري أن تتبع الآراء الشاذة ذمها العلماء ذما كثيرا وقالوا من تتبع الرخص فقد تزندق ولا يوجد عالم إلا لديه بعض الأخطاء فمثل هذه الفتاوى مثل إرضاع الكبير تخالف آراء الأئمة الأربعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما الرضاعة من المجاعة» وقال صلى الله عليه وسلم «لا يحرم من الرضاعة إلا ما انشز العظم وأنبت اللحم»، ومن هنا أخذ العلماء أنه بعد الفطام أي السنتين لا أثر للرضاعة وأصبح هذا من بديهيات الإسلام المعمول بها على مدار التاريخ. وأضاف المطيري أن خروج بعض الفتاوى الشاذة كالرضاع وتحريم النقاب والاختلاط واستباحة الغناء كل هذا من شواذ الآراء وبالنسبة للشيخ العبيكان فقد عودنا على مثل هذه المسائل حتى اننا كلما خرج في صحيفة أو فضائية قلنا «اللهم سلّم سلّم» وفتاواه الأخيرة بجواز الاحتفال بالمولد النبوي وغيرها من الفتاوى التي وضحناها فيما سبق تدل على شخصية هذا الرجل. رضاع السائق بدوره أكد عميد كلية الشريعة السابق د.محمد الطبطبائي أن رضاع الكبير غير جائز ولا يحرم، لأن الرضاع في الحولين، والقول بجواز رضاع السائق أو غيره ويحرم بذلك من الرضاع باطل، ولا يكون من فعله ابنا من الرضاع، والفتوى به مخالفة للشرع، مبيناً أن العلماء نصوا على ذلك، بل نقل بعضهم اتفاق العلماء على عدم حرمة رضاع الكبير، قال شارح صحيح البخاري: اتفق أئمة الأمصار على أن رضاع الكبير لا يحرم، وشذ الليث وأهل الظاهر عن الجماعة، وقالوا: إنه يحرم، ويذهبون إلى قول عائشة في رضاعة سالم مولى أبي حذيفة، وحجة الجماعة قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}، فأخبر الله تعالى أن تمام الرضاعة حولان، فعلم أن ما بعد الحولين ليس برضاع، إذ لو كان ما بعده رضاعاً لم يكن كمال الرضاعة حولين. وأضاف الطبطبائي يشهد لهذا قوله عليه السلام: «إنما الرضاعة من المجاعة»، وهذا المعنى لا يقع برضاع الكبير، وقد روى هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أم سلمة، عن النبي، عليه السلام، أنه قال: «لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام»، وأما خبر عائشة في رضاعة سالم، فلا يخلو أن يكون منسوخاً أو خاصا لسالم وحده، وقد قالت أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: كان رضاع سالم خاصاً له، وذلك من أجل التبني الذي انضاف إليه، ولا يوجد هذا في غيره، وقد نسخ الله التبني، فلا ينبغي أن يتعلق به حكم، وقوله تعالى: {حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}، وقوله عليه السلام: {الرضاعة من المجاعة}، قاطع للخلاف في هذه المسألة، وما جعله الله حدا لتمام فلا مزيد لأحد عليه. مبلغ الرجال بدوره أكد الداعية الشيخ سالم الطويل أن مسألة إرضاع الكبير فيها حديث رواه مسلم في صحيحه وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة أبي حذيفة عن سالم مولى أبي حذيفة «أرضعيه تحرمي عليه» وكان سالم قد تربى في بيت أبي حذيفة ثم بلغ مبلغ الرجال فكرهت أن يدخل عليها، فأشار عليها النبي بذلك الحديث، وهذا الحديث وقع الخلاف في تطبيقه وأفضل ما قيل فيه أنه لا ينطبق إلا على حالة كحالة سالم مولى أبي حذيفة، فإذا وجد في البيت صبي قد تربى مع أهل البيت ثم بلغ مبلغ الرجال أي تجاوز الثالثة عشر عاما من عمره فإنه يسقى من الحليب من غير أن يرضع من الثدي مباشرة. فتاوى بلبلة ومن جانبه قال الداعية الإسلامي الشيخ ناظم المسباح إن رأي الشيخ العبيكان يقول به بعض الفقهاء، لكنه يبقى رأيا مرجوحا يخالف ما عليه جماهير أهل العلم خاصة وأن الرضاعة تكون في الحولين أي العامين الأولين من عمر الطفل حتى الفطام ولخمس رضعات مشبعات. وأكد المسباح أن هذه الفتاوى تحدث بلبلة عند العامة وعلى الفقيه أن يكون لديه بعد نظر وحصافة حتى لا يوقع الناس بأمور بعيدة لا توجد فيها فائدة أو جدوى في إثارتها مثل هذه القضايا وغيرها خاصة وأننا في زمن نرى كثيرا من الناس تساهلوا في أمور معلومة من الدين بالضرورة.