لم يكن أكثر المحللين براعة وأكثر المتفائلين يتوقع أن يكون نهائي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم مدريدياً بامتياز، حيث إنه رغم التألق الكبير الذي ظهر به أتليتكو مدريد بقيادة مدربه المتألأق الأرجنتيني "دييغو سيميوني" منذ بداية الموسم كان الجميع يتوقع أن يكون التألق هذا على المستوى المحلي دون أن يمتد للتألق الأوروبي، ويصل ثاني أعرق نادي في مدريد لنهائي دوري الأبطال بعد غياب طويل منذ العام 1974. كما أن البداية المتذبذبة للريال بقيادة المدرب الإيطالي المحنك "كارلو أنشيلوتي" أبعدته عن حساب المحللين من المنافسة على اللقب الأوروبي العاشر في تاريخه، إلا أن النتيجة جاءت عكس التوقعات تماماً، خصوصاً بعد أن قهر النادي الملكي بايرن ميونخ الألماني بخمسة أهداف نظيفة بمجموع المباراتين، والانتصار الكبير لكتيبة "سيميوني" على البلوز الذين يقودهم الاستثنائي "مورينيو".
انتصار قطبا العاصمة المدريدية يعتبر صفعتين قويتين لغريم مدريد الأزلي رياضياً وسياسياً وهو فريق برشلونة ممثل مقاطعة كاتالونيا، حيث إن جماهير برشلونة التي تكن عداء كبيراً لفريقي مدريد وبالأخص النادي الملكي، عاشت ليلتين من أسوأ الليالي بتأهل الفريقين للنهائي الأوروبي، لينتظر العالم احتفال مدريد باللقب الأوروبي الغالي أياً كانت هوية الفائز، خصوصاً وأن الفريقين متلهفين للظفر بالكأس الفضي ذي الأذنين، حيث إنه غائب عن خزائن الريال منذ عام 2002 وهو يحمل الرقم القياسي في حمله برصيد 9 ألقاب، كما أنه يعتبر الكأس الأول لأتليتكو في حالة الفوز به.
الصفعة التي وجهها النادي الملكي تأتي لعدة أسباب، أولها أنه انتصار على الفريق الذي قهر البلوغرانا العام الماضي بالفوز عليه ذهاباً وإياباً بمجموع 7-0، ليقهره الريال بخماسية وينتقم لإقصائه منذ عامين من نفس الدور، كما أنه انتصر على المدرب الإسباني "غوسيب غوارديولا" الذي قاد البارسا لأعظم إنجاز في تاريخه وصنع فريقاً هو الأقوى في تاريخ كاتالونيا، إضافة إلى أن الريال ينافس هذا الموسم على الثلاثية ولا زال لديه الفرصة للفوز بها، كما أن عشاق البلوغرانا لم يستفيقوا حتى الآن من هزيمتهم في نهائي كأس ملك إسبانيا على يد الريال، ناهيك على أنها فرصة ذهبية للريال لتعزيز رقمه القياسي بتحقيق اللقب العاشر، كما أن نجمه الأول البرتغالي كريستيانو رونالدو مرشح أيضا للظفر بلقب أفضل لاعب في العالم للعام الثواني على التوالي والثالث في مسيرته.
أما صفعة أتليتكو فهي تتمثل في أن النهائي أصبح محسوماً لمدينة مدريد التي يكن لها سكان كاتالونيا العداء الشديد، كما أنه قطع الطريق على جماهير البارسا للتشفي في الريال ومدينة أتليتكو، حيث كان قد أعلن نائب رئيس تحرير صحيفة "سبورت" الكاتالونية هو وعدد من زملائه سيساندون عدوهم اللدود "مورينيو" من أجل منع الريال من الفوز بالبطولة العاشرة، إلا أن أبناء "دييغو سيميوني" كان لهم رأي آخر، مما جعل جماهير برشلونة في وضع حرج وأصبح لا بديل أنهم سيعيشون يوماً حزيناً في ال24 من مايو الجاري عقب النهائي المرتقب، وهم يشاهدون الأفراح تعم مدينة مدريد وتغيب بشكل كلي عن مقاطعتهم.
كما أن انتصار أتليتكو وضع سكان كاتالونيا في حيرة شديدة، حول هوية النادي الذي يتمنون فوزه في النهائي، فالريال هو الغريم الأزلي والتقليدي وبالتأكيد لا يريدون له الفوز خصوصاً أن جماهيره تكن لهم نفس المشاعر، ويكمن ذلك في احتفال جمهور الريال بإقصاء برشلونة في النصف نهائي من البطولة عام 2010 على يد مورينيو، وعدم خوض النهائي على ملعبهم، كما أن أتليتكو مدريد هو الآخر أحد أبناء المدينة العدوة لهم، إلا أنه من المرجح أن جماهير البارسا تتمنى فوز أتليتكو مكرهة، على الأقل حتى لا يفوز الريال بالكأس العاشرة، إضافة إلى أن ذلك التتويج ربما يمثل استفاقة كبيرة للنادي الملكي وبالتالي سيسحب البساط تماماً من تحت أقدام البلوغرانا.