أكد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق، أن الجهاد المقدس هو جهاد المسلم ضد من يرغب في الإضرار ببلده ودينه وكيانه؛ مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون عرضه فهو شهيد"؛ متسائلاً: "فما بالك بمن يُقتل دون الدولة التي تحفظ أعراض الناس وأموالهم ودماءهم، وتنشر العلم والفضيلة، وتحارب المجرم، وتقف لمحترف الجريمة بالمرصاد"؛ مشيراً إلى أن تفجير المساجد والمستشفيات الحكومية هو من أفعال الخوارج. ولفت "المطلق" إلى أن اختلاط الرايات واختلافها من الفتن؛ فبعض الفصائل في البلاد الإسلامية تكفّر وتقاتل بعضها البعض؛ مستنكراً ما تقوم به هذه الفصائل -بحسب تصورها- من التقرب إلى الله بقتل إخوانهم الذين يصلون ويصومون، ويفجرون عليهم المساجد! ولسان حالهم يقول: "قتلت الكفار في المسجد!".
عمل الخوارج وأكد "المطلق" أن من يفجّر المساجد والمستشفيات والمباني الحكومية والمدارس ويقتل المرضى؛ فهذا من عمل الخوارج الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم "شرُّ مَن فوق الأرض"، وقال: "اقتلوهم قتل عاد".
وقال "المطلق" خلال حلقة "همومنا" التي عُرِضت، مساء أمس الأربعاء، عبر القناة الأولى في تلفزيون المملكة، وقدّمها المستشار الشرعي والقانوني الدكتور خميس بن سعد الغامدي: "ينبغي أن يكون للناس قيادة علمية وتأصيل شرعي للمسائل وتأنٍّ وصبر؛ مشيراً إلى أن من نِعَم الله علينا في هذا العصر إحياء الاجتهاد الجماعي في المجامع العلمية والفقهية مثل هيئة كبار العلماء؛ فليس من الحكمة الاستعجال في القرار، بعيداً عن استشارة الخبراء والعلماء، وليس مَن يصعد المنبر له القرار وحده"؛ لافتاً فضيلته إلى أن مشكلتنا فيمن يتصدر للفتاوى وإصدار الأحكام في المجالس، ولا يدرك خطأه إلا بعد فوات الأوان؛ فليس من العلم إصدار الأحكام دون معرفة وحكمة واستشارة أهل الاختصاص الفني.
قتال المسلمين وتابع الشيخ "المطلق" حديثه عن الفتنة: "القتال بين المسلمين فتن؛ لأنه تُستباح به الدماء وتضيع به الأموال والأعراض"؛ مستشهداً بقول رسول الله: "لا ترجعوا بعدي كفار يضرب بعضكم رقاب بعض"، و"معنى "يضرب" يستحل ويكفّر أخاه المسلم، ثم يبدأ بقتاله، وإذا قام القتال بين المسلمين فأحدهما مصيب والآخر في الغالب مخطئ، وهنا تأتي الفتنة في كون أن كل واحد منهما يعتقد أنه مصيب وأن صاحبه مخطئ".
وأضاف: "إنه من الغريب أن تبدأ الفتن باللسان وتنتهي بالسيف، والفتن تجعل العاقل حيران؛ حيث يدخل الإنسان فيها ثم يصعب عليه الخروج منها، والنبي صلى الله عليه وسلم حثّ على قلة الحركة أثناء الفتن؛ حيث قال: "ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي"؛ أي كلما قلّت حركة الإنسان كان أكثر خيراً"، وقال: "تجد أن بعض الناس في الفتن يسارعون في الإثم والعدوان؛ منبهاً فضيلته في هذا الصدد إلى أن درء الفتن أولى من علاجها بعد وقوعها؛ لأنها إذا وقعت أثخنت، وإذا أثخنت جرحت الأنفس".
فتاوى الشباب وخاطب "المطلق" الشباب بقوله: "على شبابنا أن يعلموا عظم أمر الفتوى، ولا يُقدموا عليها بهذه السهولة؛ فلا تستعجلوا الفتوى والتصدّر لها دون معرفة وخبرة"؛ داعياً الآباء والأمهات إلى مناقشة أبنائهم ومكاشفتهم والحوار معهم، وعدم التحرّج من ذلك، والذهاب بهم إلى العلماء والمشايخ الموثوقين، ولا يتركوهم رهينة لغاسلي الأدمغة والعقول".