في الوقت الذي كان يُقتل فيه ابن أحد أشهر الدعاة على المستوى الخليجي في مدينة الدمام مساء أمس الاثنين كان يتحدث في الساعة ذاتها خالد الحليبي المستشار الأسري عن خطورة التسرع في ردود الفعل خلال محاضرة له في مركز سايتك في مدينة الخبر، الذي يقيم ملتقى "نرعاك" الثاني، الذي يهدف إلى دعم أمن واستقرار المجتمع من خلال استقرار الفرد والأسرة. أطروحات مثيرة للجدل نوقشت في الملتقى، وطالب الدكتور ميسرة طاهر بأن تكون "النظرة الشرعية متعددة، وتزيد على مرة واحدة لضمان زيادة فرصة نجاح الزواج قبل حدوثه"، مفيداً بأن الشرع لا يمنع هذا.
ويقول المستشار الأسري الدكتور خالد الحليبي إن ضرب الطفل الذي لم يكمل 10 أعوام من عمره "حرام" شرعاً، وآثم من يضربه حتى لو كان أبوه أو أمه.
ولم تفت هذه العبارة التي تحمل حكماً شرعياً لم يسمعه من ذي قبل معظم الناس ليؤكد الحليبي: حرامٌ.. حرامٌ.. حرام. وانقلوه عني. وأوضح الحليبي في محاضرة له خلال اليوم الثاني حول الذكاء العاطفي أنه كاد يكون هذا الحكم الشرعي في حرمة ضرب الطفل محل إجماع علماء المسلمين، لولا أن قلة قليلة من العلماء يرون جواز ضرب الطفل في حالات "محدودة جداً"، وليس على الإطلاق.
وتحدث الحليبي خلال المحاضرة عن أهمية السنوات العشر الأولى في حياة الطفل قائلاً: "كثير من أطفالنا يعيشون في زنازين، لا في بيوت آمنة"، وأن السنوات الأولى هي التي تحدد مستقبل أطفالنا. وتطرق الحليبي حول أهمية قلب الإنسان في مشاعره وتفكيره وسلوكه، مبيناً أن للقلب وظائف متعددة، ذكرت في القرآن الكريم، لكن لم يكتشفها علماء الطب بعد! وأن القلب يشترك في خصائص عدة مع العقل، مثل القدرة على تخزين المعلومات والقدرة على التمييز، إضافة إلى أنه مصدر للمشاعر. مبيناً أن الذكاء العاطفي متجدد بحسب البحوث التي لم تتوقف حوله حتى اليوم، وخصوصاً أنه لم يكتشف إلا منذ عقدين من الزمان فقط.
وقال الحليبي إن جزءاً من عقل الإنسان يسمى "اللوزة" وظيفته تخزين المعلومات بصفة لا يمكن محوها في المستقبل، لكن يمكن تغييرها بعد بذل جهد. مشيراً إلى خطورة ما يتعرض له الإنسان من مواقف ومعلومات وصور للمرة الأولى، وخصوصاً ما يتعرض له في سنيّ عمره الأولى.
وأشار إلى خطورة ما يتعرض له الأطفال في أفلام الكرتون التي تحمل مضامين سلبية، محذراً من أفلام الرسوم المتحركة قائلاً: "لدينا مشكلة في الوطن العربي، تكمن في عدم إنتاجنا أفلاماً للرسوم المتحركة منضبطة بثقافتنا"، وأن كل ما يوجَّه لأبنائنا مدبلج، و70 % منه منتج أمريكي بمعتقداتهم وأفكارهم ومنطلقات من ينتجها، والبقية أُنتج بين اليابان وكوريا. ووجّه حديثه للآباء قائلاً: "نحن لا نربي أبناءنا، بل يربيهم معنا كثيرون، مثل التلفزيون ووسائل التقنية كالألعاب، ووسائل التواصل الاجتماعي"، وهي تشكّل خطورة على مستقبل الأبناء ما لم يلتفت الآباء إلى ضبطها. والأطفال يعيشون نكران المنتجين والأدباء في العالم العربي، ونحن رهينة معتقدات الآخرين.
وفي الذكاء العاطفي تفيد الدراسات - بحسب الحليبي- بأنه لو أعطى الإنسان نفسه فقط 6 ثوان قبل أن يصدر رد فعل منه لكفى الإنسان نفسه "شراً لا يمكن التنبؤ به"، وأن الذكاء العاطفي يتلخص في كيف يدير الإنسان مشاعره، وكيف يتمهل في اتخاذ القرار. ولو أتقن الإنسان هذا التحكم لأغلقت السجون أبوابها. مبيناً أن الثواني الست قد تقي الإنسان بإرادة الله شر الوقوع في جرائم كثيرة، مثل جريمة "القتل". مؤكداً أن عدداً من حالات القتل وقعت بسبب رد فعل متسرع.
ودلل الحليبي على حديثه بقوله: "راقبوا كل السياسيين والقياديين الناجحين، ستجدونهم يتمهلون قبل أن يعطوا أية إجابات سريعة".
من جانبه أثنى مدير السجون في المنطقة الشرقية العميد سعد العتيبي على دور وحدة المسؤولية الاجتماعية في (سبكيم) ودور مركز (سايتك) العلمي في إقامة ملتقى نرعاك، الذي يهدف إلى تدعيم أمن واستقرار المجتمع من خلال استقرار الأفراد والأسرة، وقال: "معدل السجناء في السعودية أقل من المعدلات العالمية بكثير، ولا شك أن ما ينتج عن استقرار الأسرة ينعكس بصورة محسوسة ومباشرة على حالة الأمن العام في المجتمع. والعكس صحيح. فأي خلل في بنية الأسرة ينتج عنه خلل في تصرفات أفرادها تجاه المجتمع، ومتى ما استقرت الأسرة تراجعت أعداد المساجين، وتضاءل عدد وحجم المشكلات". مشيراً إلى أنه من واقع الخبرة الميدانية في قطاع السجون والاحتكاك المباشر يتضح أن نسبة كبرى من نزلاء السجون يعانون من تدني مستوى الاستقرار داخل أسرهم؛ إذ من الثابت لدى الأخصائيين الاجتماعيين من خلال دراسة بعض الحالات أن السبب في اعتياد بعض المجرمين السجون ناتج من خلل داخل الأسرة، أو خلل في المجتمع المحيط بهم. مؤكداً أن انتشار دور علماء الاجتماع له آثار إيجابية على أمن المجتمع، وخصوصاً إذا ساند الإعلام جهودهم.