أصدر محامي الموقوفين أمنياً، المحامي عبدالرحمن الجريس أمس، بياناً حول الحكم الابتدائي الذي صدر من المحكمة الجزائية المتخصصة أمس، ويقضي ببراءة سبعة من قيادات ورجال العمل الخيري على رأسهم، مدير ومؤسس مؤسسة الحرمين الخيرية، الشيخ عقيل بن عبد العزيز العقيل، التي أنفقت ما يزيد على المليار ريال سعودي، في أعمال الخير والبر داخل المملكة العربية السعودية وخارجها. وشدد "الجريس" على أنه لابد من تعويضه مادياً ومعنوياً، مطالباً بدعمه في مواجهة الجهات الأجنبية التي اتهمته. وقال "الجريس" في بيانه إن "العقيل" أسس المؤسسة عام 1408ه، في مدينة كراتشي الباكستانية، ثم انتقل مقرها الرئيس إلى مدينة الرياض عام 1412 ه للعمل في المجال الدعوي والإغاثي بكادر وظيفي متناغم، تجاوز خمسة آلاف موظف في أكثر من 50 دولة في الكرة الأرضية.
وأضاف: كان يديرها ويسيّر أعمالها، مجلس إدارة يضم في عضويته نخبة متميزة من العلماء المعروفين وطلبة العلم الكبار، تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وتولى رئاسة مجلس إدارتها الوزير الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، وكانت لهذه المؤسسة جهود خيرية عالمية ومحلية إذ قامت بالكثير من البرامج والنشاطات الدعوية والإغاثية كبرامج كفالة الأيتام والدعاة والأئمة والمدرسين وتسيير القوافل الدعوية، وطباعة الكتب الإسلامية وتراجم للقرآن الكريم وكتب السنة وتوزيعها في شتى الدول الإسلامية.
وتابع: إضافة إلى مشاريع بناء المساجد والمدارس والإشراف عليها ومشاريع بناء المراكز الإسلامية والدعوية، وإعطاء منح للطلاب المسلمين في الدول الفقيرة للدراسة والعودة إلى أوطانهم ليقوموا بمسيرة الدعوة إلى الله، وتنظيم الدورات الشرعية والدعوية وتنفيذ البرامج الموسمية مثل تفطير الصائم ومشروع الأضاحي وبطانية الشتاء وما يصاحبها من جولات دعوية ودورات شرعية.
وأردف: قامت المؤسسة بالكثير من البرامج الإغاثية مثل توزيع الغذاء والكساء والدواء في مناطق الحروب والكوارث في بلدان كثيرة والمسارعة إلى إغاثة المسلمين عند نزول الكوارث والنكبات، إلى غير ذلك من المشاريع والمناشط الدعوية والإنسانية، وقد شيدت أكثر من 1200 مسجد داخل وخارج السعودية منذ إنشائها، وقامت المؤسسة بإنشاء عددٍ من اللجان المتخصصة لدعم مسيرتها منها: لجنة الدعوة والكفالات - لجنة الصدقة الجارية - لجنة المساجد - لجنة المشاريع الموسمية - لجنة أطباء الحرمين- لجنة الإنترنت - لجنة الداخل - لجنة إفريقيا - لجنة أوروبا - لجنة آسيا.
فكانت هذه المؤسسة بمشاريعها الخيرية الكبرى مثيرة لحفيظة منافسيها من جماعات التنصير والتبشير وتقف حائطاً منيعاً لصد محاولاتهم وكشف مخططاتهم لاستغلال الفقر والعوز والمرض والحروب في صد الناس عن الدين الإسلامي، وتعد مؤسسة الحرمين كبرى الجمعيات الخيرية السعودية غير الحكومية التي نالت ثقة المجتمع السعودي من أعلى رأس الهرم إلى عامة الناس، وكانت المؤسسة تتلقى سنوياً تبرعات تصل إلى 50 مليون دولار، أي تقريباً نصف التبرعات التي تجمعها كل المنظمات الخيرية في المملكة العربية السعودية.
وبيّن الجريس أن الشيخ العقيل عمل مديراً للمؤسسة حتى سمي أبو العمل الخيري السعودي وكان على رأس قائمة رموز العمل الخيري كما هو الحال مع الشيخ عبدالرحمن السميط رحمه الله وأمثاله إلى أن أقيل بعد اتهام الحكومة الأمريكية له وللمؤسسة بتمويل الإرهاب.
واضطرت المؤسسة إلى غلق 14 مكتباً، وتقليص موظفيها إلى 250 موظفاً فحسب، ثم أقصي من منصبه بعد أن تم الإعلان في مؤتمر صحافي رسمي ضم اسمه إلى قائمة ممولي الإرهاب ثم أعلن وزير الخزانة الأمريكي تجميد نشاط مكتبي مؤسسة الحرمين بالبوسنة والصومال، كما أعلن أ. عادل الجبير مستشار سمو ولي العهد للشؤون الخارجية -حينها- تجميد أنشطة أربعة فروع لمؤسسة الحرمين، وتلاه اقتحام المكتب بأمريكا وتجميده، ثم صدر قرار رسمي بحل مؤسسة الحرمين، وأعلن الجبير في مؤتمر مع مسؤول مكافحة الإرهاب بالخارجية الأمريكية في مقر السفارة السعودية بواشنطن عن التوجه لحل المؤسسة،وفي 24 شعبان 1425ه أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية بالسعودية حل مؤسسة الحرمين، وطلبت من إدارة المؤسسة إغلاق المقار وتسريح جميع الموظفين.
وتم توكيل الهيئة السعودية الأهلية للإغاثة والأعمال الخيرية بتولي القيام بنشاطات مؤسسة الحرمين في الخارج وفي بيان صحفي صدر في 9 سبتمبر 2004 ، أعلنت وزارة المالية الأمريكية إدراج فرعي مؤسسة الحرمين السعودية في الولاياتالمتحدة وجزر القمر، وأحد مديريها بالولاياتالمتحدة في قائمة الجهات التي ترعى الإرهاب كممولين ومساعدين على تسهيل مهمة الإرهاب.
ثم رفع الشيخ عقيل العقيل دعوى قضائية في محكمة أمريكية بواشنطن العاصمة ضد مسؤولين أمريكيين من بينهم وزيرة الخارجية "كوندوليزا رايس" ووزير الخزانة الأمريكي "جون سنو" ووزير العدل "ألبرتوغونزاليس" بالإضافة إلى "جوان زاراتي". ورفضت الإدارة الأمريكية الاعتراف بقانونية رفعه للقضية.
وفي 11 سبتمبر عام 2005م أعلن قاضٍ من المحكمة الفيدرالية بولاية أوريجون الأمريكية إسقاطاً شاملاً لجميع التهم الموجهة إلى مكتب مؤسسة الحرمين الخيرية بمدينة آشلاند في ولاية أوريجون بالولاياتالمتحدة وعدم أحقية الحكومة في رفع القضية مستقبلاً بالتهم نفسها، وتصادف تاريخ الحكم ذكرى تاريخ أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
كما تم نقض إدانة مدير مؤسسة الحرمين الخيرية في أوريجون بالإرهاب.
وفي 1 رجب من عام1430ه تم القبض على العقيل مدير المؤسسة وتزامن ذلك مع القبض على رئيس لجنة آسيا سابقاً المدير الأخير لمؤسسة الحرمين قبل حلها الشيخ حجاج بن عبدالله العريني وكذلك الشيخ محمد بن فهد التويجري رئيس لجنة إفريقيا والشيخ محمد بن عبدالله الخضيري آخر رئيس للجنة آسيا بعد شغورها ثم تلا ذلك ايقاف عددٍ من منسوبي المؤسسة وغيرهم من موظفي وداعمي مؤسسة الحرمين، ووجهت لهم تهم بتمويل الإرهاب واختلاس الأموال وخيانة الأمانة واستمر حبسهم عدة سنوات ثم أطلق سراح عددٍ منهم حتى تتم محاكمتهم وبقي الشيخ العقيل على الرغم من مرضه وكبر سنه وصدور أمرين قضائيين بإطلاق سراحه، وفي هذا اليوم صدر حكم قضائي ابتدائي ببراءة موكلينا المذكورين وهم كلٌ من 1/ الشيخ عقيل بن عبدالعزيز العقيل مدير مؤسسة الخيرية سابقاً ، "ما زال موقوفاً" 2 / الشيخ حجاج بن عبدالله العريني آخر مدير للمؤسسة 3/ الشيخ محمد بن فهد التويجري رئيس لجنة إفريقيا بالمؤسسة 4/ الشيخ محمد بن عبدالله الخضيري رئيس لجنة آسيا، ومن خارج المؤسسة تم الحكم ببراءة الشيخ / محمد بن دهيمان بن علي الدمنان والأستاذ / محمد بن يوسف الشوابكة أردني الجنسية، وكذلك الحكم ببراءة أحد رجال الأعمال، وكلهم من رجال العمل الخيري ومن المؤهلين علمياً وأكاديمياً، تلقى الشيخ العقيل دراسته الجامعية في كلية الشريعة بجامعة الإمام في الرياض, وكان من الأوائل على دفعته، وينتمي لأسرة علمية عريقة خرّجت جمعاً من العلماء والقضاة والأكاديميين وعلى رأسهم أخوه الشقيق المعروف بشيخ المذهب الحنبلي معالي الشيخ عبدالله العقيل رئيس مجلس القضاءالأعلى.
وقال الجريس في بيانه إنه وبعد صدور هذا الحكم الجماعي ببراءة سبعة متهمين في وقتٍ واحد، يرى أن من المناسب جداً إعادة النظر في التعاطي مع ملف الموقوفين أمنياً وتحديث استراتيجيته بما يحقق المصالحة والاحتواء، كما نتمنى أن يعود للعمل الخيري بريقه وقوته، وأتساءل هل يعود الشيخ العقيل لقيادة العمل الخيري كما كان رائداً في ذلك؟ في خلال جلوسي معه رأيت فيه بعد النظر وحب الخير للغير، وذات يوم أسر لي طلباً بإيقاف أي تصرف خارجي للوقفات الاحتجاجية حول قضيته وسجنه بعد أن نما لعلمه حركة مليونية في إندونيسيا وأوروبا وإفريقيا وغيرها من أبناء الجاليات التي خدمتها جهود مؤسسته، حرصاً على المصالح العليا، وبما أن براءته ظاهرة والنظام يجعل له الحق في إطلاق سراحه قبل ظهر اليوم التالي، لعل من المناسب إطلاق سراحه وتعويضه مادياً ومعنوياً، ودعمه في مطالبه المشروعة في مواجهة الجهات الأجنبية التي اتهمته تهماً مضللة أدت لحبسه وحرمان العالم من أنشطة المؤسسة الخيرية الكبرى، إضافة إلى حماية المؤسسات الخيرية وتدعيم حصانتها وثقتها بنفسها عوضاً عن تركها في مرمى التهم.