يعد موسم صيد سمك "الحريد" بجزر فرسان، الذي يبدأ يوم السبت القادم، تظاهرة سنوية واحتفالية كبيرة يحييها الأهالي منذ مئات السنين؛ ابتهاجاً بمقدم ضيف الجزر الذي يطل عليهم في الموعد نفسه من كل عام. ومما يزيد الموسم شهرة وأهمية، خاصة خلال السنوات التسع الماضية، مشاركة أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز للأهالي وزوار الجزيرة فرحة الاحتفاء بهذه المناسبة، حيث يوجه بإقامة مهرجان سنوي ناجح بكل المقاييس.
ويحتفى أهالي جزر فرسان بصيد سمك الحريد "ببغاء البحر" أو كما يعرف في المنطقة الغربية ب "الماشي"، من خلال تقديم العديد من الفعاليات والرقصات والأهازيج والأناشيد المصاحبة للفعالية، التي يشهدها خليج الحصيص سنوياً وفق تقاليد اعتاد عليها الفرسانيون وتوارثوها عن الآباء والأجداد.
وتبدأ الفعاليات مع ساعات الصباح الأولى حيث تشرق الشمس والبحر في حالة جزر، ويتوافد على العراء، كما يسميه أهالي فرسان، محبو هذا النوع من الأسماك من كبار وصغار السن في فرسان.
وعندما يصل الصيادون إلى خليج الحصيص، موقع مرور الحريد، ينصبون شباكهم "الدور" على مجموعات الأسماك التي تجوب الخليج في مجموعات تصل إلى مئات الآلاف، حيث يعرفها الصياد لأنها تظهر في بقعة سوداء عائمة في مياه الخليج.
وبعد أن يُحكم الصيادون إغلاق الشباك على مجموعات الأسماك الوديعة التي لا تؤذيهم أو تبدي أي نوع من المقاومة، يجرونها إلى موقع قريب من الشاطئ حيث ينتظر أهالي الجزيرة للظفر بها.
وبعد تجميع الأسماك يمد المكلفون بالصيد الشباك ويضعون أغصان شجر النبق "الكسب" ليتوجه السمك إلى الشباك ويسهل اصطياده في الوقت الذي يقف فيه الأهالي منتظرين انطلاق إشارة البدء المدوية للتسابق في دخول البحر.
وبعد إشارة الانطلاق يتنافس الجميع على تجميع الأسماك حاملين معهم الأكياس والمصائد، ويخرج كل منهم بنصيبه من سمك الحريد، ليأكله مع الأسرة أو يقدمه إلى الأصدقاء.
وفي البيوت تحتفل النساء بهذه الفعالية، حيث تقدم من هذا السمك هدايا للمتزوجين الذين لم يمضوا عاماً على الزواج.
ويرجع الأهالي سبب وجود هذا النوع من السمك، الذي لا يتجاوز طوله 40 سنتيمتراً ويخلو من الأشواك، إلى أنه سمك مهاجر يصل إلى الجزيرة خلال هذه الفترة من العام بحثاً عن الدفء ووضع البيض، لا سيما أن هذه المنطقة تتسم بأنها ذات مياه ضحلة دافئة تساعد على وضع البيض فيها.