هاجم الخبير الدولي لشؤون الطيران الدكتور محسن النجار، التقنية الحالية التي تستخدمها شركات الطيران في صناعة الصندوق الأسود، مؤكداً أنها تكنولوجيا شديدة التخلف وجريمة في حق الركاب. يأتي ذلك في وقت يضع العالم يده على قلبه خوفاً من الفشل في العثور على الطائرة الماليزية المنكوبة، قبل أقل من 24 ساعة على توقف البطاريات الخاصة بإرسال الإشارات الدالة على مكان وجود الصندوق الأسود في قاع المحيط الهندي.
وفي الوقت الذي التقطت فيه سفينة صينية تشارك في عمليات البحث إشارة في جنوب المحيط الهندي قالت عنها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إنها مطابقة لتردد الإشارات الصادرة عن أجهزة تسجيل الرحلة أو الصناديق السوداء للطائرة المفقود، توجهت صباح اليوم طائرات وسفن تشارك في البحث عن الطائرة الماليزية المفقودة في المحيط الهندي إلى القطاع الذي رصدت فيه إشارات للتحقق من أنها تصدر أو لا تصدر عن الصندوقين الأسودين لطائرة البوينغ 777.
ويرى الخبير الدولي د.النجار أن التكنولوجيا التي تتلافى عدم القدرة على إيجاد الصندوق الأسود موجودة، حيث يقول: منذ نحو 10 سنوات طالب المشرعون في الولاياتالمتحدةالأمريكية بضرورة تركيب صندوقين أسودين في كل طائرة، وهو ما يزيد من نسب احتمالات العثور على الصندوق، كما يقلل من نسب تعرض الصندوق لدمار جزئي، قد يؤثر على جزء من البيانات أو المحادثات.
وأضاف: طائرات البحرية الأمريكية، إضافة إلى الصندوق الأسود الأساسي، بها صندوق أسود ينطلق أوتوماتيكيا من الطائرة عند وقوع حادث، ويطفو على سطح المياه ويرسل ذبذبات تحدد مكانه، كذلك فإن تكنولوجيا إرسال البيانات والأصوات مباشرة إلى قاعدة الشركة على الأرض طوال طيران الطائرة في رحلتها متوافرة أيضا.
ويواصل: الطريقتان مطلوبتان، لأن الطائرة عندما تسقط، فإن شركة الطيران المشغلة للطائرة، تصبح طرفاً من الأطراف الموجهة إليهم الاتهام والمساءلة، وهل هو خطأ طيار أم إهمال صيانة، وغير ذلك. ومن غير المناسب أن يكون الدليل موجودا لدى شركة الطيران وحدها في حالة الاكتفاء بالبث المباشر والمستمر للبيانات والأصوات من الطائرة لقاعدة عمليات شركة الطيران على الأرض. وبالتالي فالطريقتين مطلوبتين، لأن الصندوق الأسود، في حالات الحوادث، يكون في حوزة لجنة التحقيق وليس شركة الطيران، كما أن تركيب وإتاحة البديلين، لن يكون له أي تأثير ملموس على زيادة وزن الطائرة أو زيادة التكاليف.
ويرى الدكتور النجار أن تحطم الصندوق الأسود أو فقدانه تحقق في أكثر من عشرين حادثة في التاريخ القريب، لم يتم العثور فيها على كلا جهازي تسجيل البيانات وتسجيل الصوت، أو العثور على واحد منهما فقط، أو العثور على أحدهما وقد ناله قسط من الدمار، ومن أمثلة ذلك:
حادث الطائرة البوينج 707 التابعة لشركة بان أمريكان في رحلتها رقم 816 التي سقطت في المحيط الباسيفيكي في 22 يوليو 1973، حيث لم يعثر على أي من الجهازين.
حادث الطائرة البوينج 747 التابعة لشركة طيران جنوب أفريقيا، التي سقطت في المحيط الهندي في 28 نوفمبر 1987، في رحلتها رقم 295، حيث عثر على مسجل الصوت ولم يعثر على مسجل البيانات.
حادث الطائرة البوينج 707 التابعة لشركة كوريان آير في رحلتها رقم 858 التي سقطت في بحر أندمان في 29 نوفمبر1987، حيث لم يعثر على أي من الجهازين.
حادث الطائرة التوبولوف 154 التابعة لشركة سيبريا آيرلاين في رحلتها رقم 1812 التي سقطت في البحر الأسود في 4 أكتوبر 2001، حيث لم يعثر على أي من الجهازين.
وعن تفاصيل الصندوق الأسود قال: هو جهاز يحيطه غلاف مصنوع من الصلب شديد الصلادة أو التيتانيوم. كما أنه يتحمل الصدمات الغاية في الشدة، وهو ضد الحريق، ولا يتسرب الماء إليه، ولا يتأثر بالمياه المالحة، ويتحمل الضغط في أعماق المحيطات، كما يتحمل البرودة والحرارة والأمطار، ومن ثم إذا سقطت الطائرة واصطدمت بالأرض أو المياه أو بمبنى أو جبل، أو احترقت، فإن الصندوق الأسود يقاوم كل ذلك.
والصندوق الأسود بشكله الحالي هو ثمرة اختراعات ومحاولات وتطوير بدأت في فرنسا عام 1939 ثم في المملكة المتحدة ثم أستراليا ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويضم غلافه الخارجي، جهازين، هما: ال Flight Data Recorder أي جهاز تسجيل بيانات الرحلة (مثل سرعة الطائرة وارتفاعها واتجاهها وغير ذلك من بيانات قد تزيد على بضع مئات).
ال Cockpit Voice Recorder أي جهاز تسجيل الصوت داخل قمرة القيادة في الطائرة وهو يسجل المحادثات والأصوات الدائرة في تلك القمرة لآخر ساعتين في الرحلة.
ومن حيث الأسبقية التاريخية، فقد دخل جهاز تسجيل البيانات أولا، وبعده بعدة سنوات دخل جهاز تسجيل الصوت.
وقد تم انتقاء مكان أكثر أمانا في الطائرة لتركيب الصندوق الأسود، ليكون بعيدا عن المناطق التي تبدأ غالبا بالحريق أو الاصطدام. حيث يتم تركيبه في منطقة الذيل.
ويواصل: يطلى الغلاف الخارجي للصندوق باللون البرتقالي البراق، حيث ثبت أنه اللون الأكثر وضوحاً من بُعد، ومن ثم المساهمة في سهولة البحث عنه