أكّد إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الدكتور أسامة عبدالله خياط أن البلاء والابتلاء سنة الله في خلقه لاختبارهم، وقال: "عندما ينزل البلاء وتحِلّ المحن وتُحدق الخطوب، تطيش أحلام فريق من الناس؛ فيذهلهم ما نزل بهم عن الكثير من الحق الذي يعلمون؛ فتقع الحيرة، وتُهجر الحقائق، ويُحكم على الأمور بغير علم، ويُنسي أن سنة الله ماضية في خلقه". وأضاف "خياط" في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: "البلاء سنة ربانية عامة لم يستثنِ الله منها أنبياءه ورسله؛ برغم كرمهم على ربهم؛ بل جعلهم أشد الناس بلاء"؛ مشيراً إلى ما نزل بالنبي النبي -صلي الله عليه وسلم- من البلاء العظيم.
وزاد إمام وخطيب الجمعة في الحرم المكي: "إن انتهاج منهج الصبر على البلاء يكون لكمال اليقين؛ فلم يكتب الله البلاء على عباده إلا لحِكَم عظيمة ومقاصد جليلة، ومنها امتحان صبر عبده حتى يصطفيه الله ويجتبيه، ويكسيه حُلَل الأجر، ويختم له بخاتمة الرضوان، ويجعل أولياءه وحزبه خَدَماَ له وعوناً".
وأكمل يقول: "وإن انقلب على وجهه طُرِد وأُقصي وحُجِب عنه الرضا، وكُتِب عليه السخط، وهزمته جيوش الشقاء؛ فصارت المصيبة في حقه مصائب".
ولفت الشيخ "خياط" إلى أن "الصبر والسخط بينهما صبر ساعة فقط؛ فلا بد للمصيبة أن تُقلع عن هذا وهذا؛ فالأول ستكون بالأجر والكرامة، والثاني ستكون بالحرمان والخذلان؛ لأن ذلك تقدير العزيز العليم، وفضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم؛ فمن رضِيَ فله الرضا، ومن سخط فله السخط".
وأكد "خياط" أهمية الصبر وقال: "فلا غرو أن يكون عطاء الصبر خير ما يُعطى العبد"؛ مشيراً إلى أنه "من أعظم حِكَم البلاء تحقيق العبودية لله؛ لأن الله يربي عبده على السراء والضراء؛ حتى يستخرج منه العبودية في جميع الأحوال؛ لأن العبد قائم بالعبودية على اختلاف أحواله".
وتابع: "ومن حِكَم البلاء أن تكون للعبد عند ربه منزلة رفيعة لا يبلغها بأعماله؛ فيكون بلاؤه سبباً لبلوغه لها؛ فيكون الابتلاء من الخير للعبد، وإن لم يظهر له ذلك".
ووصف الصبر على البلاء بأنه "يُطهّر القلوب، وهو آية الإخلاص، ودليل التسليم لله، وهو كالدواء النافع الذي يسوقه الله للمريض؛ فبشرى ثم بشرى لمن نزل بساحتهم البلاء في فلسطين وسوريا وبورما؛ فإن عاقبة الله النصر والتمكين في الدنيا".
وواصل الشيخ "خياط" في خطبة الجمعة من الحرم المكي الشريف يقول: "إن للثبات عند نزول البلاء أسباب تُعين عليه، ومنها: صدق اللجوء إلى الله، وكمال التوكل عليه، وصدق التوبة بهجر الخطايا؛ فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، والنظر في أخبار الذين نزل بهم البلاء كالأنبياء والصالحين للتعزي بصبرهم، وتحسين الظن بالإخوة في الدين بحمل أقوالهم على أحسن المحامل، والرجوع لأهل العلم، والحذر من الإعجاب بالرأي، وترك القيل والقال الذي كرهه الله لعباده"؛ داعياً الله للجميع بالسلامة والعافية من كل بلاء.