بثّت وكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا"، تقريراً مفصلاً لخبراء ومحللين صينيين؛ تحدّثوا فيه عن قرار السعودية بتصنيف جماعات في المنطقة بأنها إرهابية, ووصف التقرير القرار بأنه "بالغ الأهمية وسيسهم في انحسار الإرهاب بالمنطقة". وقالت الوكالة في تقريرها "قُوبل إعلان المملكة العربية السعودية، في بيان لوزارة داخليتها، إدراج تنظيم القاعدة وفروعه بجزيرة العرب واليمن والعراق والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش), وجبهة النصرة وحزب الله داخل المملكة, وجماعة الإخوان المسلمين, وجماعة الحوثي في قائمة الجماعات الدينية المتطرفة والمصنفة إرهابية, باهتمامٍ بالغ من قِبل وسائل الإعلام على المستويين الإقليمي والعالمي في ظل مشكلة الإرهاب العالمية التي باتت تشكل تهديداً للسلم والأمن واستقرار جميع البلدان والشعوب في العالم" .
وذهب الخبراء والمحللون الصينيون - طبقا ل "شينخوا "- إلى أن قرار السعودية اعتبار جماعة الإخوان إرهابيةً جاء ليضيف مزيداً من القوة للجهود الدولية, التي تُبذل لمكافحة الإرهاب؛ لافتين إلى أنه سيترك تأثيراً كبيراً, في وضع مكافحة هذا الخطر في المنطقة.
وأشار نائب مدير معهد الصين للدراسات الدولية دونغ مان يوان، إلى أنه على خلفية اندلاع ثورات الربيع العربي, وسقوط الأنظمة الحاكمة في بعض البلدان العربية, وحدوث ظاهرة صعود التيارات الإسلامية في العالم العربي, جاء قرار السعودية التي تخشى من التهديد الذي تشكله القوى المتطرفة على أمن المنطق بمنزلة خطوة متوقعة.
وأضاف "دونغ" أن القرار السعودي بإدراج جماعة الإخوان المسلمين، التي يُنظر لها على أنها خطرٌ يهدّد الحكومات في المنطقة, ضمن قائمتها للجماعات الإرهابية يأتي من ناحية على خلفية قلقها إزاء التواصل الأيديولوجي بين الإخوان وتنظيم القاعدة, وكذا التقارب الذي حدث بين الإخوان وإيران, إبّان عهد مرسي، وسط أجواء الاتفاق الأمريكي - الإيراني, حول القضية النووية الإيرانية، ويأتي من ناحية أخرى بمنزلة تحرُّك أساسي لإعطاء زخمٍ للجهود المبذولة لمكافحة خطر الإرهاب الذي تعانيه دول المنطقة ومن بينها مصر.
ويرى الخبير دونغ أن قرار السعودية إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب يمثل من جانبٍ رسالة تأكيدٍ على دعمها المعنوي للقاهرة بعد القرار المصري اعتبار الإخوان تنظيماً إرهابياً، ويسهم من جانبٍ آخر في تضييق الخناق السياسي والتمويلي على جماعة الإخوان.
من جانبه، ذكر مدير معهد الصين للدراسات الدولية تشيوي شينغ، أن نشاط تنظيم الإخوان يمتد في مختلف أقطار الشرق الأوسط ومن ثم يأتي القرار السعودي ليصب في صميم تعزيز التنسيق والتعاون بين دول المنطقة لمكافحة آفة الإرهاب التي تتطلب تكاتف وتضافر جهود الجميع في مواجهتها.
من جهته، أعرب الخبير تشيوي شينغ عن اعتقاده بأن النصيحة، التي وجهتها السعودية لمواطنيها الذين يشاركون في القتال في دول أخرى بالعودة إلى بلادهم، ستترك تأثيراً في وضع القتال في سوريا؛ علاوة على أنها ستخدم دون شك جهود مجابهة الإرهاب في المنطقة.
وقال الخبير الصيني في مكافحة الإرهاب بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية هاي لين، أن قرار السعودية إدراج جماعة الإخوان المسلمين ضمن قائمتها للجماعات الإرهابية سيترك آثاراً كبيرة في الجماعة؛ إذ إنه سيقلل من حجم التعاطف معها؛ علاوة على أنه سيرفع عنها الدعم الخارجي.
وأعرب عن اعتقاده بأن دولاً خليجية أخرى ستحذو حذو السعودية في توجّهها، ومن بينها الإمارات، التي أصدرت في 21 يناير المنصرم أحكاما بالسجن من 3 أشهر إلى 5 سنوات ل 30 متهماً في قضية الخلية الإخوانية؛ مضيفاً أن القرار يعمل على إحكام الحصار عربياً على جماعة الإخوان.
من جانبه قال دونغ: إنه في أعقاب قيام الجيش بعزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، بناءً على إرادة شعبية قدمت السعودية والكويت والإمارات مساعدات تبلغ قيمتها 12 مليار دولار أمريكي لمصر، في صورة قروضٍ ومنحٍ وشحناتٍ؛ ما يعكس دعم السعودية لخريطة طريق المستقبل التي تمضى السلطات المصرية حالياً نحو تطبيق ثاني استحقاقاتها وهي انتخابات الرئاسة؛ متوقعاً أن تزيد الرياض من حجم مساعدتها للقاهرة لدعم الاقتصاد المصري حتى يشتد عوده ويقف على قدميه.
وأضاف أن قرار السعودية يدعم الموقف المصري الساعي إلى تطبيق الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب على جماعة الإخوان المسلمين بعدما أعلنتها الحكومة المصرية تنظيماً إرهابياً في 25 ديسمبر الماضي غداة تفجيرٍ بسيارة مفخخة استهدف مقر مديرية أمن الدقهلية.
وذكر دونغ أنه في أعقاب صدور القرار السعودي من غير المرجّح أن تغير جماعة الإخوان المسلمين توجهاتها وإستراتيجيتها في التعاطي مع الأحداث والتعامل مع الواقع؛ مضيفاً أنها قد تتجه إلى العمل السري والعنف لتصبح أكثر تطرفاً ومن ثم ما زالت المنطقة تواجه ضغوطاً كبيرة في مكافحة الإرهاب.
وأجمع الخبراء والمحللون على أن إدراج هذه الجماعات على قائمة الإرهاب خطوة نحو استئصال الإرهاب من جذوره، مؤكدين أن أهم شيء يكمن في وقف مصادر تمويل هذا الخطر وتجفيف منابعه.
يُشار إلى أنه عادة ما تعكس وكالة الأنباء الرسمية الرأي العام للحكومة الصينية في جميع القضايا الدولية؛ نظراً لبعض القيود المفروضة على الصحافة في دولة الصين.