أكدت منظمة الصحة العالمية أن العالم استفاد من خبرات السعودية، واكتسب دروساً جمة في جهودها في حماية صحة شعبها والمجتمع العالمي من مرض "كورونا" الجديد، حيث أكّد المدير الإقليمي للمنظمة في اجتماع بالرياض، أمس، أن تهديد الفيروس لصحة العالم بات حقيقةً، كاشفاً أن أكثر من ثلاثة أرباع المصابين لم يكن لديهم اتصال مباشر بالإبل. وتفصيلاً فقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن العالم استفاد من خبرات المملكة العربية السعودية دروساً جمة في جهودها في حماية صحة شعبها والمجتمع العالمي بنطاقه الواسع من التهديدات التي يفرضها مرض "كورونا" الجديد، معربة عن خالص تقديرها للمساهمة الهائلة التي قدَّمتها المملكة من أجل توسيع نطاق المعارف العلمية وتعزيز فهم الصحة العمومية حول المصدر المحتمل لهذا الفيروس الجديد وعوامل الخطورة المرتبطة به.
جاء ذلك في كلمة المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور علاء الدين علوان خلال الاجتماع التشاوري لتحديد خطة بحوث الصحة العمومية بشأن الفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا) والذي بدأ في الرياض يوم أمس الأحد وتستضيفه وزارة الصحة لمدة يومين.
وقال "علوان": على الرغم من الحقيقة أننا لم نرَ أي دليل على انتقال المرض من شخص لآخر للمرض الناتج عن فيروس كورونا، إلا أننا نود إعادة التأكيد على أن التهديد من هذا الفيروس لصحة العالم امتد ليصبح حقيقة.
وأضاف: نحن لسنا متيقنين من مصدر هذا المرض، فحظائر الحيوانات التي تعد بمثابة مصدر إصابة البشر بالفيروس غير مؤكدةً برغم الأدلة التي وجدت أن الإبل في منطقة الشرق الأوسط قد تكون مصابة على نطاق واسع.
ولفت إلى أنه مع ذلك فإن أكثر من ثلاثة أرباع مجموع الحالات البشرية المؤكدة إصابتها بالمرض والمبلغة لمنظمة الصحة العالمية لم يكن لديهم تاريخ بالاتصال المباشر بالإبل أو أي نوع آخر من الحيوانات.
ونوَّه إلى أهمية عمل دراسات مستفيضة وسياسات للحد من انتقال المرض والتعرض المؤدي للإصابة بالمرض من أجل منع انتقال الفيروس من مصدره الحيواني إلى الإنسان، ولاحقاً من إنسان إلى آخر.
ورحَّب "علوان" بجميع المشاركين في الاجتماع التشاوري لتحديد جدول أعمال البحث حول المتلازمة التنفسية للشرق الأوسط فيروس "كورونا".
كما تقدَّم بالشكر لوزير الصحة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة لاستضافة هذا الاجتماع، وقال: كما أنه من دواعي السرور أن تستضيف المملكة هذا الاجتماع المهم، كما أن العالم يعلم من المملكة قدراً كبيراً عن حماية مواطنيها والمجتمع العالمي ككل من تهديدات هذا المرض الجديد، وأود أن أعبر عن شكري للمملكة على المساهمة الفاعلة التي قدَّمتها للعالم لتوسيع المعرفة العلمية العالمية ومفهوم الصحة العامة حول المصدر المحتمل، وحركية الانتقال وعوامل الخطر وسمات ومظاهر المرض لهذا الفيروس الذي وضع العالم في حالة تأهب قصوى منذ بزوغ المرض في العام 2012".
واستطرد: أود أن أشكر جميع الزملاء من الدول المشاركة الأخرى، فمشاركتهم في هذا الاجتماع تجسد الالتزام والرغبة القويتين للعمل التعاوني مع منظمة الصحة العالمية والهيئات الصحية العالمية الأخرى من أجل هزيمة المرض حفاظاً على الأمن الصحي العالمي، كما أشكر الهيئات الصحية العالمية المشاركة في هذا الاجتماع.
وزاد بقوله: إن هذا الاجتماع الذي يتم تنظيمه كمتابعة للاجتماع الأخير الذي عُقد في القاهرة في ديسمبر 2013م، سيكون خطوة حساسة لصحة العالم نحو إيجاد الإجابات، وفي الاجتماع الأخير جميع البلدان المتضررة في الإقليم وافقت على المشاركة في case- contvol studg دراسة علمية موسعة ستخدم الجميع لإيجاد هذه الإجابات.
وأفاد أنه في هذا الاجتماع سوف يهدف المجتمِعون إلى عمل صياغة نهائية لخطة تنفيذ البحث لإجراء هذه الدراسة العلمية مع وضع جدول زمني، بالإضافة إلى بعض التفاصيل الأخرى الخاصة بجمع المعلومات وتحليلها وتفسير واستخلاص النتائج بطريقة موحدة عبر جميع الدول.
وتابع: إن مشاركتكم في هذا البحث واستخلاص نتائج البحث سيكون له أهمية حاسمة في ترجمة الأدلة العلمية إلى وضع مجموعة من التوصيات الصحية التي قد تشهد نهاية هذا الفيروس، وإن الختام الناجح لهذا الاجتماع سيبعث برسالة أوسع أننا ألزمنا أنفسنا بالمشاركة ودمج الجهود الجماعية لوضع هذا الفيروس الفريد في كتب التاريخ كما حدث مع مرض "سارس".
من جانبه أوضح وكيل وزارة الصحة العامة الدكتور زياد بن أحمد ميمش، أن الاجتماع ناقش العديد من الموضوعات المتعلقة بأنماط انتقال فيروس "كورونا" المسبب لمتلازمة التهاب الجهاز التنفسي، وأن النقاش دار حول انتقال المرض للبشر لتحديد وبائية المرض وتطوير وسائل فعالة للتحكم بالعدوى.
وأضاف أن المشاركين طرحوا العديد من التساؤلات التي دار حولها النقاش ومنها كيفية انتقال المرض من الجمال إلى الإنسان، وهل هذا الحيوان هو المسبب الرئيس للمرض أم إن هناك عوامل أخرى تساعد في انتقال المرض، بالإضافة إلى مناقشة تفاصيل الحالات المصابة والأمور التي قام بها المصابون بالمرض قبل انتقال العدوى لهم وإصابتهم بالمرض.
وأشار "ميمش" إلى أن منظمة الصحة العالمية أشادت بدور المملكة الريادي في قيامها بالدراسات والأبحاث وتنوير المجتمع على مستوى العالم بكل ما يستجد عن المرض، مبيناً أن بعض الدول أبدت تعاونها مع المملكة للحد من انتشار المرض من خلال الدراسات والأبحاث المستمرة حول المرض.
ولفت إلى أن إجمالي عدد الحالات التي تم اكتشافها بلغت حتى الآن نحو 184 حالة منها نحو 80 حالة وفاة، موضحاً أنه تم ظهور حالة جديدة إيجابية في مصر والدراسات جارية على بعض الدول الإفريقية التي تشتهر بإنتاج وتصدير الجمال كنيجيريا والصومال وموريتانيا وغيرها.
وأكد وكيل وزارة الصحة العامة أن وضع "كورونا" الآن مستقر ولا يدعو للقلق، وأن اتباع الوقاية وتقوية المناعة أهم خطوات تجنب الإصابة، موضحاً أن الوزارة مستمرة في إجراءاتها رغم استقرار الوضع لاستقصاء المرض من أجل سلامة المواطنين في كل مناطق المملكة، والعمل مستمر للوصول إلى معلومات أكثر عنه على كل المستويات العلمية داخل المملكة وعلى مستوى العالم.