ألقى محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبد اللطيف بن أحمد العثمان، اليوم، محاضرة في جامعة طوكيو، تناول فيها العلاقات السعودية اليابانية والأبعاد الحضارية والثقافية التي تجمع البلدين الصديقين، وانعكاس ذلك على تعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية بينهما. وفي حديثه عن المشتركات الثقافية بين المملكة واليابان، أشار العثمان إلى تميز الشعبين السعودي والياباني في محافظتهما على تقاليدهم العريقة وتمسكهم في موروثهم الثقافي، وفي الوقت نفسه لديهم كل المقومات التي ساعدتهم على استيعاب الحضارة والثقافة الغربية، لافتاً إلى أنه بالرغم من أن السعودية استوعبت الحضارة والثقافة الغربية بأسرع وقت لكنها لم تبذل جهوداً كافيه لإبراز العمق الحضاري والثقافي الأصيل والمتجذر داخل الإنسان السعودي لتسمح لأبناء الحضارات والثقافات الأخرى أن يتعرف على حضارة السعودية وثقافتها.
وتطرق المهندس العثمان في محاضرته إلى توجهات المملكة الحالية الاقتصادية والاستثمارية واندماجها في الاقتصاد العالمي باعتبارها قوة اقتصادية مؤثرة عالمياً، ودور المؤسسات الثقافية في السعودية بمواكبة هذا التطور الذي تشهده المملكة اقتصادياً وعلمياً واجتماعياً، عاداً تجربة بناء مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي الذي تبنته واحتضنته شركة أرامكو السعودية وتقيمه حاليا بمدينة الظهران بمساهمة فعالة من جهات يابانية لتهيئة وتجهيز هذا المركز هي تجربة متميزة لتجسير العلاقات الثقافية بين الشعوب.
وتوقع أن يكون هذا المركز منارة حضارية وثقافية تعكس الحراك الثقافي والاجتماعي بين الشعب السعودي وشعوب العالم ومنها الشعب الياباني، موضحاً أن مركز الملك عبدالعزيز العالمي سيضم مجمعاً للمكتبات والمتاحف والمعارض ومسارح الوسائط المتعددة، كما سيحتوي على مساحات شاسعة لتعليم الأطفال والتعليم المستثمر للبالغين على حد سواء، ودور اليابان في تهيئة هذا المركز أمر لا غنى عنه من حيث توفير نظام تقنية المعلومات الذي هو أمر ضروري لفعالية ودمج الثقافات، ويجري تطويره حالياً من قبل شركة سوميتومو اليابانية.
وتناول العثمان دور التعليم في التقريب بين الشعوب والثقافات خاصة بين الشعبين السعودي والياباني، وأثر ذلك على تنمية وتطوير العلاقات الاستثمارية، وقال: لسنوات عدة تخرج الكثير من السعوديين من الجامعات اليابانية سواء أولئك الذين حصلوا على بعثة حكومية أو منحة من أحدى الشركات السعودية الكبرى، كما يشكل اليابانيين اليوم جزءاً من الجسم الطلابي الدولي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية منذ افتتاحها قبل أقل من خمس سنوات، وهذا التنوع البشري يقود إلى المزيد من الاستثمارات والتنمية الاقتصادية.
وتحدث محافظ هيئة الاستثمار عن مناخ الاستثمار في المملكة وتجربة المستثمرين اليابانيين الناجحة بالمملكة ووصفها بأنها أكثر من رائعة ونموذجية بالنسبة لرجال الأعمال، فقطاع البتروكيماويات المزدهر، الذي يضم مجموعة من رواد المستثمرين مثل شركة سوميتومو للكيماويات في مشروعها المشترك مع أرامكو وإنشاء شركة بترورابغ، يوفر فرصاً استثمارية مربحة في صناعة البلاستيك بما في ذلك قطع الغيار، وانخفاض تكاليف المواد الخام والطاقة والعقارات السعودية قادرة على المنافسة كما هو الحال في أي بلد آخر في العالم ولا تزال هذه السوق الاستهلاكية لهذه المنتجات في المملكة والدول المجاورة في طور النمو.
يذكر أن جامعة طوكيو من الجامعات العريقة في اليابان وتخرج منها سبعة من الفائزين بجائزة نوبل وتضم عدداً من العلماء والبروفسورات اليابانيين الذين لهم إسهامات كبيرة في دفع عجلة التقدم والنهضة العلمية والتقنية التي تشهدها اليابان وقد حضر عدد منهم المحاضرة إلى جانب مجموعة من الطلبة اليابانيين وممثلي شركات يابانية تستثمر في المملكة وأبدوا اهتماماً كبيراً للتعرف على الواقع الاقتصادي والحراك التنموي الذي تشهده المملكة ورؤية القيادة الرشيدة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- الذي يزور اليابان حالياً على رأس وفد كبير يضم عدد من كبار المسؤولين والوزراء لبحث أوجه التعاون والتنسيق بين السعودية واليابان والمضي قدماً في هذه العلاقات للوصول إلى شراكة استراتيجية في مختلف المجالات السياسية والعلمية والاقتصادية والاستثمارية.