أكد الدكتور زياد الدريس، الكاتب الصحفي والمندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو، أن "المشكلة التي يواجهها مجتمعنا السعودي الآن، وبالذات بعد الربيع العربي، هي انشغاله وتحاربه في الهويّات الصغرى"، مضيفاً "اتخذت خياراً بأني مسلم عربي سعودي لا أريد أن أنغمس في هويّات صغرى؛ لكونها تضعني في حواجز مع الآخرين". وقال خلال حديثه لبرنامج "لقاء الجمعة": "في العالم العربي: الحزبية هي شللية فئوية تمارس إقصاء من لا ينضوي تحتها، فهي مفهوم ثقافي أكثر مما هي مفهوم سياسي". وأضاف: "تتكون المجتمعات بهويات كبرى، ثم تتفرع الهوية"، وعرف الهويات الكبرى بأنها "الهويات الدينية والقومية والوطنية"، مشيراً بالقول: "أنا هويتي الدينية أني مسلم، وهويتي القومية أني عربي، وهويتي الوطنية أني سعودي، وهي مظللة تحت الهوية الكبرى، وهي الهوية الإنسانية". وتابع يقول: "وإذا مارست هذه الهويات الكبرى بمداها المتاح والمعقول ففي الغالب لن يكون لديك تصادمات في الداخل لكون السعودية هي هويتك الدينية والوطنية والقومية"، وأضاف أن "الهويّات الصغرى هي عندما تجزأ الهوية القومية إلى هويات إقليمية، مثلاً هذا حجازي وهذا نجدي، والهوية الوطنية بدلاً من أن تقول: أنا سعودي، تقول: أنا حجازي ونجدي وعسيري وحساوي، وهكذا عندما تدخلها تحس أنك بدأت تشظّي المجتمع". وزاد الدريس قائلاً: "الهوية الدينية إذا ما اكتفيت بأنك مسلم، ولا اكتفيت أيضاً بأنك سني، وإنما بدأت تدخل في التصنيفات الصغرى: سلفي، صوفي، إخواني، تبليغي، جامي، تحريري، وهكذا ستجد نفسك أنك دخلت في صراعات لا يتوقف مداها، وبالذات لما تكون صراعات مرتبطة بالدين تصبح هي أبشع الصراعات، أبشع من الصراعات القومية والصراعات الإنسانية الكبرى". وأشار إلى أن "مشاهد الإقصاء بين التيارات لدينا في السعودية هي بسبب التكفير الديني والتخوين الوطني"، وقال: "مرّت المملكة بحالتين: الأولى أيام جهيمان عندما قام بالاعتداء السافر على الحرم المكي، والثانية تصنيف ديني اختلط بالوطني، وهي حملة الحداثة، حيث أصبحت محاكم تفتيش لرموز الحداثة".
وأرجع الكاتب الدريس أحد أسباب سقوط الإخوان المسلمين إلى حدوث التراتبية المهينة، بقوله: "عندما رأيت قيادات من الإخوان المسلمين، وهم في عمر أبي يقبلون يد للمرشد العام"! يذكر أن الدكتور الدريس مُنح لقب "سفير السلام" من الاتحاد من أجل السلام العالمي (UPF)؛ تثميناً لإسهاماته في ترسيخ ثقافة السلام والتسامح والتعددية، من خلال مشاركاته المنبرية والكتابية، وتعزيز التنوع الثقافي واللغوي داخل منظمة اليونسكو.