طالب مدير قناة العرب الإعلامي المعروف الدكتور جمال خاشقجي الشيخ عبدالرحمن السديد بإنقاذ باكستان نظراً لما يحظى به الشيخ، بوصفه إمام الحرم، من حب كبير واحترام لدى الباكستانيين. وتمنى على الحكومة السعودية أن ترتب رحلة للشيخ "السديس" وبعض علماء الحرم؛ لإقناع الباكستانيين باستخدام الملح ولقاحات شلل الأطفال. جاء ذلك في مقال مطول له في صحيفة الحياة، حمل عنوان (كيف يستطيع الشيخ السديس إنقاذ باكستان). واستهل مقاله بالتأكيد أن هذا المقال هو امتداد لمقال كتبه العام الماضي، يقول فيه إن الشيخ السديس يستطيع إنقاذ باكستان لمكانته الخاصة لدى الباكستانيين.
وأضاف: لم يستجب لدعوتي، وتحدث عن زيارة الأمير سعود الفيصل لباكستان، وعودة الاهتمام السعودي لباكستان، وخصوصاً مع الانتقال السلمي للسلطة وابتعاد الجيش عن السياسة، وهو ما جعل الصديق المقرب للسعودية نواز شريف يقود الحكومة اليوم.
ووصف الكاتب العلاقات السعودية الباكستانية بالاستراتيجية والمهمة جداً، وتحدث عن وعود وزير الخارجية السعودي لباكستان بتطوير العلاقات والاستثمارات بين البلدين، التي شملت مشتريات عسكرية وغيرها، مبيناً أن كل ذلك خير لباكستان.
وأردف: لكن باكستان تحتاج إلى (معالجة العقل الجمعي الباكستاني)، وهنا يأتي دور إمام الحرم المكي السديد. وقال: أعلم أن أصدقائي هناك سيغضبون من قولي هذا، لكنهم يعلمون أن انتشار الأمية مع نوع سلبي من التدين يقوم على التقليد وتسليم العقل لعلماء دين انتهازيين، جعل «المسلم الباكستاني» الأسرع في تصديق الشائعات والخرافات؛ ما جعل باكستان تتعثر في نهضتها مقارنة بجارتها وغريمتها الهند.
وواصل: ثمة مشكلات ثلاث حادة هناك، تعبّر عن هذه المعضلة (ملح الطعام وشلل الأطفال والعمليات الانتحارية)، التي عجزت الحكومات الباكستانية المتعاقبة عن حلها، وبالتالي لن تحلها استثمارات متبادلة، وإنما هجمة علمية لتفكيك هذه الخرافات، يقودها علماء يثق بهم عامة الشعب هناك. ولأن علماء باكستان فشلوا في ذلك فإنهم بحاجة لمساعدة، ولا أجد أفضل من الشيخ عبدالرحمن السديس إمام الحرم المكي للقيام بهذه المهمة، وهو يتذكر الاستقبال الحافل الذي لقيه عندما زارها عام 2010، وصلاته بمسجد باد شاه التاريخي الهائل الذي امتلأت ساحاته بمئات الآلاف من المصلين، فأمَّهم ودعا لهم مثلما يفعل في ليلة ختم القرآن الكريم بالحرم المكي، فانهالت دموعهم رجاءً وتضرعاً.
وأكمل: ولو نصحهم ليلتها باستخدام ملح الطعام الذي يحوي اليود، ودعاهم إلى تعقيم أطفالهم بلقاح شلل الأطفال، وأبلغهم بفتوى علماء الحرمين بتحريم الأعمال الانتحارية، ثم كرر ذلك في مساجد أخرى، وتحدث برسالته هذه عبر وسائل الإعلام الباكستانية، وأعلن بالتعاون مع الحكومة هناك تشكيل جمعية علماء تحمل هذه الدعوة لكل أطراف البلاد، فلربما أطلق حملة علمية تداوي باكستان من هذه الآفات الثلاث.
واستطرد: فأما العمليات الانتحارية فنعرفها؛ إذ ابتُلينا بها جميعاً، ولكن باكستان تحظى بنصيب الأسد منها! وتحدث عن قصة اليود الغريبة قائلاً: لكن ما قصة اليود ولقاحات شلل الأطفال هناك؟ قبل نحو عقدين أطلق أحدهم شائعة عن أن اليود الذي يضاف إلى ملح الطعام، والذي تم بتشجيع من منظمة الصحة العالمية، ما هو إلا مؤامرة غربية - هندية مشتركة، تهدف إلى قطع نسل المسلمين.
وقال: هذه ليست نكتة ولا مبالغة، بل كارثة صحية تحاول وزارة الصحة الباكستانية ومنظمة الصحة العالمية معالجتها، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة هناك تفنيد الشائعة؛ إذ لا يثق الشعب الباكستاني عادة بالمسؤولين الرسميين، أما رجال الدين فكان دورهم ترويج الشائعة، وإضافة بُعد مؤامراتيّ عليها، وأنها جزء من الحرب التي لا تتوقف، ولا يريدونها أن تتوقف على المسلمين، لا أن ينفوها كما كان ينبغي أن يكون دورهم، ويحذّروا مواطنيهم من أضرار خلو طعامهم من اليود.
وأكد: إنها قضية جادة، فلقد أثبت مسح أجرته جهات أكاديمية علمية في باكستان مع يونيسيف ووزارة الصحة الباكستانية أن نقص اليود من غذاء الباكستانيين هو أحد أسباب معاناة نصف عدد السكان، البالغ 200 مليون، من اضطرابات صحية خطرة، كالإجهاض وتضخم الغدة الدرقية والتخلف العقلي. تقارير عدة ربطت بين ظهور أعراض الخمول وانخفاض معدلات الذكاء ومعدل الإنتاجية على مستوى باكستان مع انتشار هذه الشائعة؛ ما تسبب في مزيد من الأضرار لاقتصاد هشّ في دولة مثل باكستان.
وأضاف فيما يخص شلل الأطفال قائلاً: أما لقاحات شلل الأطفال فهي مؤامرة أخرى لقطع نسل المسلمين. بل بلغ الجهل وقلة الفقه ببعض الباكستانيين إلى قتل باكستانيين مثلهم، يشاركون في حملات يونيسيف والصحة الباكستانية لتلقيح الأطفال ضد هذا المرض الفتاك الذي تم استئصاله من كل دول العالم باستثناء باكستان وأفغانستان ونيجريا، وظهر في سوريا بعد انهيار الدولة خلال الحرب الأهلية الدائرة رحاها هناك.