سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نقص اليود يضعف النمو الذهني والتحصيل العلمي ويزيد من نسبة التسرب الدراسي! دراسة تؤكد أن استهلاك غالبية الدول العربية لا يصل إلى المعدلات الموصي بها عالميًا
(اليود) أحد العناصر المعدنية الصغرى أو الدقيقة الضرورية في تغذية الإنسان ونموه ونشأته. يزود به الطعام والماء بطبيعتهما وهو ضروري جداً لصحة الإنسان، ويؤدي نقصه في الجسم إلى حدوث اضطرابات في النمو قد تفسد الحياة والإنتاج. ويسبب نقص اليود عدة أنماط من المشاكل الصحية والتغذوية والعجز التي يمكن تجنبها، وقد يسبب بؤساً لا داعي له ويحرم الشباب من بعض ما أودعته فيه الوراثة من طاقة كامنة. وتعد الاضطرابات الناجمة عن نقص اليود من البلايا التي منيت بها البشرية فهي لا تتسبب فقط تضخم الغدة الدرقية، بل يتعدى الأمر إلى ما هو اخطر من ذلك وهو حدوث التلف الذي لا يمكن معالجته لدماغ الجنين والأطفال حديثي الولادة، وتأخر التطور النفسي والحركي للأطفال، ونقص اليود هو السبب الشائع للتخلف العقلي الذي يمكن الوقاية منه، لذلك فان نقص اليود يؤثر سلبا في صحة السكان ويضر بالاقتصاد الوطني لأي دولة لا تسارع بمكافحة الاضطرابات الناجمة عنه. وترتكز الأهمية البيولوجية لليود في حقيقة ان اليود عنصر مكون لهرمونات الغدة الدرقية، هرموني الثيروكسين والثيروكسين ثلاثي اليود ويحتاج أي فرد لليود غنيا كان او فقيرا، لتكوين هرمونات الغدة الدرقية اللازمة للنمو والقيام بوظائف المخ والجهاز العصبي والحفاظ على حرارة الجسم وحيويته. ويقدر الاحتياج اليومي للإنسان من عنصر اليود لينمو نموا طبيعيا من 150 إلى 250 ميكروجم يوميا، ونقص هذه الهرمونات يؤثر في أجهزة الجسم المختلفة خاصة الجهاز العصبي، الجهاز الدوري، الجهاز الهضمي، الجهاز العضلي، الجهاز البولي، ما يؤدى إلى ضعف الحالة الصحية والذهنية للأفراد وتدنى الإنتاج والتنمية الاقتصادية للبلاد. أوصت منظمة الصحة العالمية واليونيسف بتدعيم اليود في ملح الطعام إستراتيجية للتخلص من عوز اليود وإدراكا لأهمية الوقاية من اضطرابات عوز اليود فقد أولت المنظمات الدولية، خاصة منظمة الصحة العالمية واليونيسف والمجلس الدولي لمكافحة اضطرابات عوز اليود (ICCIDD) ومنظمة الغذاء العالمي اهتماما خاصا بالتخلص من أعراض عوز اليود، حيث أقرت الجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية في العام 1991 المرامي والأهداف للتخلص من هذا العوز واعتباره مشكلة صحة عمومية، وقام رؤساء دول العالم بالمصادقة على هذا الهدف، خلال انعقاد القمة العالمية من أجل الأطفال في الأممالمتحدة، كما تم تأكيد ذلك خلال المؤتمر الدولي للتغذية في العام 1992 وفي عام 1993 أوصت منظمة الصحة العالمية واليونيسف بتعميم تدعيم اليود في ملح الطعام كإستراتيجية رئيسية لتحقيق الأهداف ومرامي التخلص من عوز. اليود ومنذ العام 1990 تم تحقيق تقدم كبير في توفير وتعميم استهلاك الملح المدعم باليود وان كثيرا من بلدان العالم في أعتاب تحقيق التخلص من عوز اليود والاضطرابات والاعراض والامراض المصاحبة. ولكن ماهو الحال او ماذا يحدث في الدول العربية في هذا الخصوص؟ ولإلقاء الضوء على العلاقة بين نقص عنصر اليود و النمو العقلي والدماغي، ومناقشة مدى انتشار إضرابات نقص اليود بالدول العربية، واستعراض الأدلة على ازدياد نسبة الذكاء وسط الأطفال الذين يتناولون المقادير الغذائية المحددة من اليود مقارنة بالاطفال الذين لا يحصلون على الغذاء الذي يحتوي على اليود، ودراسة تأثير نقص عنصر اليود على الاستثمارات في تنمية العنصر البشري العربي، وصياغة التوصيات لمساعدة الدول العربية في مكافحة إضرابات وأمراض نقص اليود، فلقد قامنا باجراء دراسة معمقة في البلدان العربية، وخلصت الدراسة الى أن: في غالبية الدول العربية استهلاك الاغذية الغنية باليود مثل الاسماك والملح الميودن او المضاف اليه اليود لا يصل إلى المعدلات الموصي بها من المنظمات العالمية المعنية وقد انعكس ذلك على مؤشرات برنامج مكافحة عوز اليود. يتسبب نقص اليود في تضخم الغدة الدرقية لذلك نجد أن معدل الإصابة بتضخم الغدة الدرقية يصل إلى 65% في بعض الدول العربية، ونسبة السكان الذين يقل متوسط اليود فى البول عن 100 ميكروجرام/لتر يراوح بين 16.2% و77.7% في بعض من الدول العربية. بينما تكلفة توفير اليود للفرد في السنة تبلغ عشرة سنتات تصل نسبة الفائدة على التكلفة (الفوائد الصحية فقط) 3:1. اما في حال ربط الفائدة بالعائد على التعليم فانه من خلال التخلص من نقص اليود يزداد إمكانية التحصيل العلمي والمدرسي بنسبة 13 نقطة. كما ان إنتاجية الموارد الغذائية الحيوانية تزداد أيضا و بذلك فان نسبة الفائدة على التكلفة ترتفع الى 10:1. ويخلص الكاتب إلا أن الاستثمارات في تنمية العنصر البشري فى الدول العربية لكي تكون ناجحة لابد ان تخاطب جذور المشاكل وليس الأعراض الناتجة عنها. وإن ضعف التحصيل المدرسي والأعداد الكبيرة للمتسربين من النظام التعليمي في البلاد العربية هو احد أعراض ضعف النمو الذهني الناجم عن عوز اليود. ويستنتج الكاتب بان الاستثمار فى برامج مكافحة عوز اليود فى الدول العربية يعتبر من انجع الوسائل للتنمية البشرية وذات عائد مجزي ويساعد في تحقيق المرامي الالفية والخروج من الركود الاقتصادي . وعليه فان الجهود التي تقوم بها الان حكومة المملكة يعتبر جهدا مقدرا نحو التخلص ومكافحة اضطرابات وامراض عوز اليود ، وسوف يعود ذلك على البلاد والمواطنيين والسكان بصفة عامة بكثير من الفوائد الصحية والاقتصادية. * أستاذ وباحث أكاديمي بمعهد كيمياء المخ والتغذية البشرية - جامعة لندن. عضو اللجنة الاستشارية الدائمة للتغذية بمنظمة الصحة العالمية والمنسق الإقليمي للوقاية من عوز اليود.