تتعدد أسباب الحوادث بمحافظة فيفاء، ولكن النتائج واحدة: وفيات، وإصابات، وتلف الممتلكات، إنه خطر يحيط بالأهالي والزوار من خارج المحافظة، الذين وصفوا طرقات فيفاء بالطرق المؤدية إلى الموت، وأسماها السياح "طرق الموت"، لافتين إلى الحوادث المميتة التي يتسبب فيها الطريق؛ نتيجة ضيقه وكثرة منعطفاته الخطرة، ووجود حفر في منتصفه أحدثتها الأمطار والسيول، فضلاً عن عدم وجود مصدات، فيما طالب الأهالي بوجود مصدات وحواجز، كحل بديل لهذه الطرق الضعيفة، التي من الصعب جعلها طرقاً نموذجية؛ بسبب التضاريس الجبلية. منعطفات خطرة "سبق" استطلعت آراء عدد من أهالي محافظة فيفاء عن الطريق، حيث قال الدكتور عبدالله الفيفي: "بالنسبة للطرق في فيفاء فهي تفتقد لأقل مقومات السلامة المرورية من جانب كثرة الحفر؛ الناتجة عن سوء تنفيذ المشاريع وانعدام الرقابة كذلك؛ مما يشكل خطراً على حياة المواطنين وممتلكاتهم، ولو قارنا ما يقوم بصرفه شخص يمتلك سيارة في أي منطقة من المملكة مع آخر يمتلك سيارة في فيفاء تحديداً، لكان الفرق شاسعاً لكثرة اضطراره إلى إصلاح ما تفسده الطرق المتهالكة الممتلئة بالحفر، فضلاً عن المنعطفات الخطرة التي باتت تشكل هاجساً لكل سائق في المحافظة خارجاً من منزله يحمل هموم المنعطفات، التي لا يأتي بعدها إلا الهاويات الخطرة، الأمر الذي يجعل المواطنين يتجرعون أحد الأمرين: المجازفة في هذه الطرق والمنعطفات، أو المكوث في المنزل بلا خروج!".
اللوحات والإرشادات من جانبه، أشار الإعلامي عبدالله الفيفي، إلى أن: "الطريق يفتقر للوحات الإرشادية بالمنعطفات الخطرة، وأن عدداً من الطرق بمحافظة جبال فيفاء، سواء الشوارع الرئيسة أو الفرعية، تخلو من اللوحات الإرشادية والتحذيرية وتسمياتها، مما يوقع الكثير من زوار فيفاء في مشاكل أثناء السير فيها".
ولفت إلى أن رئيس بلدية فيفاء الجديد، الدكتور سالم بن علي منيف، وعد بسرعة التواصل مع المقاول المسؤول عن تركيب اللوحات الإرشادية والتحذيرية لمشروع تسمية وترقيم المواقع والطرق في جبال فيفاء، أو تطبيق النظام بحقه، وذلك بعد أن وُضعت في وادي الجوة شمال المحافظة، وتركت بين مياه مجاري الصرف الصحي، وإهمال تركيبها؛ مما تسبب في تلف بعضها بسبب ملوحة مياه مجاري الصرف الصحي التي تجري تحتها.
صيانة الطرق وقال أحد منسوبي مستشفى فيفاء العام، الذي فضل ألا يذكر اسمه: "إسعاف المرضى من مستشفى المحافظة إلى مستشفيات الكبيرة بالمنطقة يزيد حالتهم من سوء إلى أسوأ؛ بسبب رداءة الطرق والمخاطر التي تزداد يوماً بعد يوم في جميع طرق المحافظة".
وأكد سلطان الفيفي "طالب": أن "معاناة الأهالي تستمر بالمحافظة مع عدم صيانة الطرق، لاسيما بجبل قبيلة آل ثويع بفيفاء، وذلك من تكسر الأسفلت وتراكم الحجارة عليها التي تعوق حركة المركبات، بداية من أول الطريق الرئيس، وليس ذلك فحسب، بل إن عدم سفلتة بعض الطرق الرئيسة والفرعية أصبح يشكل ضرراً أكثر من نفعه؛ لكثرة انقطاعه من مياه الأمطار، وتراكم الحجارة عليه، وتصبح المصاعب أكبر وأكثر بعد هطول الأمطار الغزيرة السابقة التي أحدثت على إثرها دمار معظم الطرق".
وأوضح: أن مجموعة من المواطنين - في كل سنة - يقومون بمطالبة "البلدية" بسفلتة الطرق وصيانتها، مبررة "البلدية" في ردها على مطالبهم بأنهم لا يزالون على قائمة الانتظار، ولم يأتهم الدور؛ ويضطرون لصيانتها بأنفسهم بدلاً من الجهة المختصة.
تعديات الطرق وذكر المواطن عبدالرحمن الفيفي: أن أغلب المحلات التجارية تدخل في مجال التعديات؛ مما يسبب زحاماً كبيراً، بعد ركن المركبات على جنبات الطريق بقرب المحلات، ولا وجود لأي تنظيم سير من الشرطة، رغم ذلك إلا أن قسم التعديات ببلدية فيفاء يساند شرطة فيفاء في نومه العميق، متجاهلاً محاسبة المحلات التجارية التي تدخل في مساحات الشارع ومَثّلَ: "بسيل ما يهمك ما يبلك".
وأضاف: أن المحافظة تشهد زيادة سكانية كبيرة في الإجازات والمواسم الصيفية، ومع اقتراب العيد، مقابل امتداد بالأسواق والمحلات؛ مما رفع معدل الزحمة وزاد الأمر تعقيداً, كما أن المحافظة تعاني من إهمال في شوارعها مع ضيقها، وغياب المواقف أيضاً, وطالب بإعادة النظر وإيجاد حلول لهذه المشكلات.
مصدات وحواجز أما الشيخ أحمد محمد، شيخ قبيلة الحكمي، فألقى بعتبه على إدارة الطرق بجازان قائلاً: "محافظة فيفاء تسجل عتبها الشديد على إدارة الطرق بجازان، حيث لم تتكرم بالعمل في طرقها، ولو بشبر واحد، تؤجل، وتؤجل، ولعلها تريد التأجيل إلى أن يجعل الله الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً! إلى متى يا إدارتنا الموقرة (إدارة الطرق) إلى متى هذا الإهمال وكأننا لا ننتمي لهذه المنطقة؟! ألم تعلموا أن عدداً من الأرواح البريئة قد سالت دماؤها في هذه المنحدرات؟ وكان بالإمكان تلافي ذلك بأقل الأضرار: مجرد حواجز ومصدات على فوهات تلك الطرق، أما آن الأوان لصحوة الضمير؟!".
وحكى أحمد عبدالله الحكمي، قصة حادث مروري هوى بعائلة مكونة من ستة أشخاص وخادمة إلى ما يقارب 262 متراً، كانوا في منعطف خطر وأمام هاوية تقارب نصف كيلومتر، ولكن كانت عناية الله أقرب ونجاهم الله جميعاً، مبيناً أن السبب الرئيس لهذا الحادث، الذي وضع الأرواح على محك الهلاك ودمر المركبة الوحيدة، كان منعطف خطر مقابل هاوية ليس لها مصدات أو حواجز.
الطبيعة والبشر وتُعتبر هذه الطرق من منظور المعلم عبدالعزيز الفيفي، ذات أهمية كبيرة وتخدم شريحة كبيرة من المواطنين من أهالي محافظة فيفاء؛ كونها تربط 18 قبيلة بنحو 80.000 نسمة، ويسلكها مئات الطلاب والموظفين والسياح حيث تحظى جبال فيفاء السياحية بطبيعة ساحرة؛ ما يجعل استغلالها سياحياً أمراً مهماً وليس بتدمير واجهتها الرئيسة، ألا وهي الطرق.
وأعرب أحد زوار جبال فيفاء بهدف السياحة، سلطان شافعي، عن مدى سعادته بزيارة مثل هذه المحافظة، التي تزخر بالطبيعة الخلابة، مبيناً أنها من أجمل الأماكن التي رآها وزارها، ويجب استغلال طبيعتها بما يخدم الأرض والإنسان.
مضيفاً أن الطرق فيها تصعب على الجميع، سواء من داخل فيفاء أو من خارجها، ناهيك عن الخدمات الأخرى التي تفتقر إليها المحافظة بشكل عام.
"سبق" تواصلت مع رئيس بلدية فيفاء، الدكتور سالم بن علي منيف، حيال هذا الموضوع، الذي أوضح أن هناك مجموعة من المشاريع بالبلدية منها ما هو تحت التنفيذ، ومنها ما هو تحت الدراسة؛ لتوسعة العديد من الطرق بالمحافظة، وتعديل المنحنيات، وعمل الحمايات اللازمة لها وإنارتها، إضافة إلى فتح طرق جديدة ونزع ملكيتها، وتنفيذ مسارات بديلة؛ لتسهيل الحركة المرورية للمواطنين.
وأفاد بأنه بدأ العمل - حالياً - في عدد من الطرق، مضيفاً: "سوف تلاحظ في الفترة القادمة - إن شاء الله - جهود "البلدية" في هذا الشأن على أرض الواقع، حيث تحظى محافظة فيفاء باهتمام ولاة الأمر - حفظهم الله - وهناك متابعة من سمو أمير منطقة جازان، الأمير محمد بن ناصر آل سعود، وكذلك اهتمام سعادة أمين منطقة جازان، محمد بن حمود الشايع، الذي زار المحافظة الفترة الماضية، وأكد سرعة تنفيذ هذه المشاريع لخدمة المحافظة.
ولا ننسى الدور البارز لسعادة محافظ فيفاء، الأستاذ محمد بن عبدالله الغزي، الذي وقف بنفسه - أكثر من مرة - على بعض المواقع التي حدثت بها معارضات، وجرى إنهاؤها في وقتها بشكل ودي واستؤنف العمل بها".
من جانبه، أكد محافظ فيفاء، محمد بن عبدالله الغزي، أن: "العمل - الآن - أصبح مكثفاً في جميع المحافظة، سواء من حيث الطرق، أو المشاريع الخدمية"، مشيراً إلى أن "المحافظة ستشهد نقلة نوعية في الأيام القادمة بإذن الله".