طالب عدد من الصحفيين وكتاب الرأي المشاركين بفعاليات اليوم الدولي لمكافحة الفساد، خلال ورشة عمل "وسائل تقييم ممارسات الفساد من وجهة نظر الإعلام" التي نظمتها جامعة اليمامة، بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، بإيجاد ضوابط لحماية الصحفيين من تبعات كشف ملفات الفساد المالي والإداري، خصوصاً أن الخصوم المتورطين هم من شخصيات لها نفوذها. واستشهد الكاتب الصحافي ياسر المعارك، خلال ورقة عمل حملت عنوان "كيف يستطيع الإعلام كشف الفساد"، بقضية فساد في تعليم الرياض، التي كشفت عنها الصحافة بتورط مسؤولين باختلاس 150 مليون ريال، ومضى أكثر من سنة ونصف دون الإعلان عن نتائج التحقيق حتى تاريخه، وقال إن على هيئة مكافحة الفساد إصدار قرار بمنع التحقيقات الداخلية التي تقوم بها إدارات المتابعة والرقابة لدى الجهات الحكومية، وأن تحال فوراً للجهات الرقابية لضمان حيادية التحقيق، ولقدرتها على تقصي الأدلة والقرائن، لا أن يحقق بها إداريون غير متخصصين بالتحقيق، وحتى تنأى تلك الجهات بنفسها عن دخان التأويلات بوجود أيدٍ خفية تحاول إهالة التراب على قضايا الفساد وطمس معالمه.
ونوه "المعارك" بأن نظام المطبوعات والنشر ضعيف ويحتاج لتعديل، كونه يتيح لأي جهة أن تقاضي الصحفي بأي وقت، حتى بعد 20 سنة، والمفترض تحديد فترة رفع الدعوى كحد أقصى 30 يوماً من تاريخ النشر، كون الأدلة من تسجيلات صوتية أو أوراق ثبوتية، قد تتعرض للفقدان والتلف مع مرور الزمن، وأشار إلى استطلاع إعلامي شمل 63495 مشاركاً، أوضح أن 82% يفضلون التواصل مع وسائل الإعلام للكشف عن ممارسات الفساد المالي والإداري، فيما فضل 15% التواصل مع هيئة مكافحة الفساد، أما 3% فيفضلون إبلاغ المسؤول المباشر.
وبين أن هذا الاستطلاع يؤكد ثقة المواطن بقدرة وسائل الإعلام، وتأثيرها على تحريك الجهات الرقابية بعد فضح الفاسدين، وهو ما يدفع لتعزيز دور الصحافة كشريك إستراتيجي لتعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد، مطالباً "نزاهة" بإقرار برنامج لحماية الشهود، ومن ضمنهم الصحفيين وأن يكون البرنامج وفق نص نظامي قادر على حماية المبلغ من أي إجراءات تعسفية إدارية، وأن تتكفل بتقديم كل المميزات الوظيفية لأي مبلغ حتى تستطيع إعادته لعمله.
وأكد "المعارك" على أهمية ممارسة الصحافة الاستقصائية كونها أقرب للمنهج البوليسي القادر على ربط الجرائم ببعضها وتضييق دائرة الاتهام، وأن الصحافة الاستقصائية أحد أهم الأشكال الصحفية التي تسهم في كشف قضايا الفساد المالي والإداري.
وقال الكاتب الصحفي الدكتور عبدالرحمن الحبيب في ورقة عمل حملت عنوان "البيئات التشريعية الممكنة لوسائل الإعلام في ممارسة أدوارها لمحاربة الفساد.. الواقع والمأمول"، إن من الصعوبة وضع مقياس محدد ودقيق لواقع الفساد في أي بلد، لكن يمكن اختيار المؤشر العالمي لمنظمة الشفافية الدولية والمؤشر العربي للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
ودأبت منظمة الشفافية الدولية على إصدارها السنوي لمؤشر ملاحظة الفساد "CPI"، وهو يقوم بوضع درجة من واحد إلى عشرة أو من واحد إلى مائة، ويرتب الدول حسب الأقل فساداً، على أساس كيف يُنظر للفساد في القطاع العام.
وتُعرِّف المنظمة الفساد بأنه إساءة استغلال السلطة المؤتمنة من أجل المصلحة الشخصية، وبمقارنة في الدرجة التي حصلت عليها السعودية في المؤشر خلال عشر سنوات نجد أن موقعها في المؤشر يتحسن ببطء من معدل 3.4 درجة خلال الفترة 2004 إلى 2007 إلى 3.8 درجة عام 2008، وارتفع إلى 4.3 عام 2009 ثم 4.7 عام 2010 وظل تقريباً على الوتيرة نفسها حتى هذا العام، موضحاً أن غالبية المقالات التي تناقش الفساد مقالات إنشائية وانطباعية بعيدة عن الطرح الموضوعي، عزز هذا النمط غياب الشفافية وصعوبة الحصول على المعلومات.