تُختتم اليوم الثلاثاء مباريات دور ال16 لمنافسات كأس العالم 2010 بإقامة لقاءين، يجمع الأول منتخبَيْ اليابان والباراجواي في تمام الساعة 5:00 عصراً، فيما يجمع اللقاء الثاني منتخب البرتغال بنظيره الإسباني في تمام الساعة 9:30 مساء، وسيتقابل المنتخبان الفائزان من هذا اللقاء في دور ال8. اليابان x الباراجواي يحلم المنتخبان البارجوياني والياباني بالإنجاز التاريخي وبلوغ الدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخيهما عندما يلتقيان على ملعب "لوفتوس فيرسفيلد ستاديوم" في بريتويا، وتسعى الباراجواي إلى أن تحذو حذو جارتها الأوروجواي حاملة اللقب عامي 1930 و1950، التي نجحت في خطف بطاقتها إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ عام 40 عاما بتغلبها على كوريا الجنوبية 2-1، فيما تُمنّي اليابان النفس بتعويض فشل جارتها كوريا الجنوبية في تخطي الدور الثاني. ولم يسبق للباراجواي التأهل إلى الدور ربع النهائي في مشاركاتها السبع السابقة، والحال نفسه ينطبق على المنتخب الياباني. وحجز المنتخبان الباراجوياني والياباني مقعديهما في الدور ثمن النهائي عن جدارة واستحقاق؛ فالأولى تصدرت المجموعة الخامسة أمام سلوفاكيا ونيوزيلندا وإيطاليا بطلة العالم، في حين انتزعت اليابان المركز الثاني في المجموعة السادسة خلف هولندا بفوزين على الكاميرون والدنمرك وخسارة أمام المنتخب البرتقالي. وتبدو كفة المنتخبين متكافئة للمرور إلى الدور الثاني، بيد أن المهمة لن تكون سهلة أمامهما في ظل خطَّي دفاعيهما القويين؛ حيث لم يدخل مرمى الباراجواي سوى هدف واحد، مقابل هدفين في مرمى اليابان. وحذر شينجي اوكازاكي، المهاجم الياباني الوحيد الذي هز الشباك في المونديال الحالي - بما أن الأهداف الثلاثة الأخرى حملت تواقيع لاعبي الوسط كيسوكي هوندا (هدفين) وياسوهيتو ايندو - لاعبي منتخب بلاده من القوة البدنية والدفاعية للمنتخب الباراجوياني، وقال: "هناك العديد من المنتخبات الهجومية في أمريكا الجنوبية، لكن باراجواي تختلف عنهم بقوتها الدفاعية". وشاطر يوكي أبي زمليه الرأي بقوله:"دفاعهم منظم بشكل رائع. لديهم القوة البدنية والمهارات الفنية. أعتقد أن مهمتنا ستكون صعبة أمامهم". ويعرف مدرب اليابان اوكادا تاكيشي الباراجواي جيدا؛ كونه واجهها مرتين، الأولى وديا (1-1) في طوكيو 17 مايو 1998 استعدادا لمونديال فرنسا، والثانية 27 مايو 2008 في سايتاما. وكان اوكادا قد دخل التاريخ في اليابان عندما قاد المنتخب إلى نهائيات مونديال عام 1998 لأول مرة في تاريخه قبل أن يخسر مبارياته الثلاث في العرس العالمي، ثم سطر إنجازا آخر الخميس الماضي؛ لأن منتخب بلاده بلغ ثمن النهائي للمرة الأولى بعيدا عن أراضيه وجماهيره، ومن المؤكد أن هذا المدرب يبحث عن إنجاز جديد يضيفه إلى سجله. في المقابل يأمل المدرب الأرجنتيني خيراردو مارتينو بمواصلة إنجازه على رأس الإدارة الفنية للمنتخب الباراجوياني بعدما أبلى بلاء حسنا معه، ونجح في إخراجه من المعنويات المهزوزة عقب الخروج المخيب من مونديال ألمانيا 2006 إلى تألق لافت في التصفيات باحتلاله المركز الثاني إلى جانب تشيلي وخلف البرازيل المتصدرة وأمام الأرجنتين الرابعة، وكذلك في النهائيات عندما قاده إلى الدور الثاني للمرة الرابعة في تاريخه. وقال مارتينو: "نملك لاعبين من الطراز الرفيع وآخرين موهوبين. سنحاول الاستفادة من هذا المزيج لنتخطى اليابان ونحقق الحلم الذي يراود الباراجواي منذ زمن بعيد". إسبانيا x البرتغال سيكون المنتخب الإسباني مطالبا بتأكيد "مصداقيته" بأنه قادر على أن يكون حاضراً على منصبة التتويج 11 يوليو المقبل عندما يتواجه مع نظيره البرتغالي على ملعب "فري ستايت ستاديوم" في كايب تاون، ضمن الدور الثاني من مونديال جنوب إفريقيا 2010. ولم يكن مشوار أبطال أوروبا سهلا على الإطلاق في دور المجموعات؛ حيث أُجبروا على حسم تأهلهم في الجولة الأخيرة بفوزهم على تشيلي 2-1، وذلك بسبب الخسارة المفاجئة التي مُنوا بها في مستهل مشوارهم أمام سويسرا (صفر-1)، التي وضعت حدا لمسلسل انتصاراتهم عند 12 على التوالي، وألحقت بهم الهزيمة الثانية فقط في 49 مباراة، قبل أن يستعيدوا توازنهم بفوزهم على هندوراس 2-صفر، ثم تشيلي؛ ليتأهلوا مع الأخيرة إلى الدور الثاني وهم في صدارة المجموعة؛ ما جنَّبهم مواجهة البرازيل متصدرة المجموعة السابعة. ومن المؤكد أن موقعة "فري ستايت ستاديوم" مع كريستيانو رونالدو وزملائه في منتخب "برازيل أوروبا" ستكون الامتحان الحقيقي لمقدرة إسبانيا التي تسعى لتأكيد أنها تخلصت من صفة المنتخب المرشح الذي يخيب آمال مناصريه في النهاية، وأنه أصبح المنتخب القادر على الذهاب حتى النهاية كما فعل قبل عامين عندما تُوّج بكأس أوروبا للمرة الأولى منذ 1964. قد يعتقد البعض أن طريق المنتخب الإسباني أصبح أسهل بتصدره المجموعة الثامنة؛ لأنه تجنب البرازيليين، لكن المعطيات تؤكد عكس ذلك، خصوصا بعد الأداء الدفاعي المُحْكم الذي قدمه المنتخب البرتغالي أمام أبطال العالم خمس مرات في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة السابعة؛ حيث أقفل المنافذ على رجال كارلوس دونغا وحرمهم من الوصول إلى المرمى بعدما شل مفاتيح اللعب تماما. وقدم المنتخب البرتغالي وجهين مختلفين تماما في مشواره خلال النسخة التاسعة عشرة حتى الآن، وقد أظهر مرونة تكتيكية لافتة؛ لأنه بعد أن قدم أداء هجوميا كبيرا أمام ساحل العاج (صفر-صفر) وكوريا الشمالية (7-صفر)، بدا كأنه المنتخب الإيطالي في السبعينيات والثمانينيات؛ حيث طبّق أسلوب ال"كاتيناتشيو" الذي اشتهر لأول مرة مع المدرب الأرجنتيني هيلينيو هيريرا مع إنتر ميلان الإيطالي خلال الستينيات. وقد يلجأ كيروش إلى هذا الأسلوب مرة أخرى أمام إسبانيا، خصوصا أن المنتخب الإسباني يتميز بلعبه الهجومي الذي يستند بشكل أساسي إلى الاستحواذ على الكرة والاعتماد على مواهب لاعبي وسطه تشافي هرنانديز واندريس انييستا وخيسوس نافاس أو دافيد سليفا وفرانسيسك فابريغاس، حتى إن لعب دافيد فيا، الذي أصبح أفضل هداف في إسبانيا في نهائيات كأس العالم (6 أهداف)، في الجهة اليسرى وليس رأس حربة، وتولى فرناندو توريس مهام المهاجم الصريح. ويدرك المدرب الإسباني فيسنتي دل بوسكي صعوبة المهمة التي تنتظر رجاله؛ حيث أكد مباشرة بعد التأهل إلى الدور الثاني أنه ليس مرتاحا على الإطلاق؛ لأن أبطال أوروبا تجنبوا مواجهة المنتخب البرازيلي؛ وذلك لأن المنتخب البرتغالي ليس أسهل من البرازيل على الإطلاق. وتعرض المنتخب الإسباني لضربة عشية موقعته مع البرتغال بإصابة مدافعه راوول البيول في ساقه اليمنى؛ حيث نُقل إلى أحد مستشفيات من أجل إجراء الفحوصات اللازمة، لكن مدافع ريال مدريد ليس من العناصر الأساسية في تشكيلة دل بوسكي، خلافا لزميله في النادي الملكي تشابي الونسو الذي قد لا يتمكن من مواجهة زميليه الآخرين في ريال مدريد رونالدو وبيبي الذي عاد إلى تشكيلة البرتغال بعد تعافيه من إصابة أبعدته عن الملاعب فترة طويلة. وتعرَّض تشابي الونسو لالتواء في الكاحل الأيمن خلال لقاء أبطال أوروبا مع تشيلي، وقد يغيب عن لقاء الثلاثاء أمام البرتغال، حسب ما أكد دل بوسكي، فيما سيكون توريس جاهزا للعب لأن الإصابة التي يعانيها ليست سوى مشكلة عضلية بسيطة. وأجرى كيروش مدرب البرتغال تعديلات تكتيكية بحتة لمباراة البرازيل؛ إذ لجأ إلى تشكيلة دفاعية؛ فلعب بيبي منذ البداية لكن أمام الخط الدفاعي المكوَّن من الرباعي ريكاردو كوستا وريكاردو كارفالو وبرونو الفيش ودودا، كما كانت الصيغة الدفاعية طاغية في خط الوسط بعدما شغل المدافع فابيو كوينتراو مركز الجناح الأيسر، فيما لعب داني على الجهة اليمنى، وكريستيانو رونالدو وحيدا في خط المقدمة. وهناك احتمال بأن يلجأ إلى هذه التشكيلة في الشوط الأول ليختبر نية الإسبان، معتمدا على الهجمات المرتدة السريعة التي ستضع رونالدو في مواجهة زميله في الريال سيرخيو راموس والقائد كارليس بويول. وستكون مباراة الغد المواجهة الأولى بين المنتخبين الايبيريين في النهائيات. وقد التقى الطرفان في 26 مباراة ودية، وتفوقت إسبانيا ب12 فوزا مقابل 10 تعادلات و4 هزائم فقط؛ ما يعني أن الإسبان يملكون أفضلية كبيرة من ناحية مجمل المواجهات المباشرة؛ حيث فازوا في 14 مرة، مقابل 12 تعادلا و5 هزائم فقط من أصل 32 مباراة. ومن المؤكد أن المدربين سيكونان تحت ضغط كبير، ولن ترحم وسائل الإعلام المحلية الطرف الذي سينتهي مشواره عند الدور الثاني، سواء كان دل بوسكي، الذي دخل إلى جنوب إفريقيا 2010 وهو يحمل على كتفيه عبئا بأنه يشرف على المنتخب الأفضل في العرس الكروي والمرشح الأوفر حظا للظفر باللقب، أو كيروش الباحث عن إثبات جدارته من خلال قيادة البرتغال إلى الدور نصف النهائي على أقل تقدير.