بعد طول انتظار اقترب المذنب "آيسون" من الأرض، وبدأ الفلكيون يرونه الآن بالعين المجردة، علماً أنه تم اكتشافه يوم 21 سبتمبر 2012 باستخدام تلسكوب قطره 0.4 متر في روسيا، وفي ذلك الوقت كان لا يرى إلا باستخدام التلسكوبات الفلكية الكبيرة فقط. وكان المذنب يقع على بعد 930 مليون كم من الأرض، ومنذ ذلك الحين أشارت الحسابات الفلكية إلى أنه قد يكون له شأن عظيم لدرجة أن لمعانه قد يصل إلى لمعان القمر البدر، بيد أن التوقعات الآن مازالت تشير إلى أنه سيكون مذنباً مميزاً، ولكن ليس لهذه الدرجة، ومع اقترابه من الأرض والشمس أخذ لمعان المذنب بالازدياد، وكذلك أخذت الهالة المحيطة به بالازدياد.
أوضح ذلك مدير مركز الفلك الدولي المهندس محمد شوكت عودة، وأضاف: أصبح المذنب مرئياً بالتلسكوبات الصغيرة، ابتداء من أوائل شهر أكتوبر الماضي، وشهد المذنب يوم 12 نوفمبر الماضي بعض الانفجارات التي أدت إلى ازدياد لمعانه، بحيث أفاد الراصدون بأنه أصبح مرئياً بالعين المجردة ابتداء من يوم 14 نوفمبر.
وتابع: سيصل المذنب إلى أقرب نقطة من الشمس يوم 28 نوفمبر، حيث سيكون على بعد مليون و150 ألف كم من سطح الشمس، وهذه تعتبر مسافة قريبة جداً، لدرجة أن مثل هذه المذنبات تسمى المذنبات الملامسة للشمس.
وأكمل: بشكل عام يكون المذنب ألمع ما يمكن كما نراه من الأرض عندما يصبح في أقرب مسافة من الشمس، ولكن بسبب وقوعه بالقرب من الشمس فإن وهجها سيحجبه عنا، ولن نستطيع رؤيته لفترة بسيطة قبل وبعد يوم 28 نوفمبر.
وأشار عودة إلى أن أقرب نقطة من الأرض سيصلها المذنب يوم 26 ديسمبر، حيث سيكون على بعد 64 مليون كم من الأرض، هذا إن استطاع المذنب الإفلات من الشمس، ففي بعض الأحيان عندما يمر المذنب على مسافة قريبة من الشمس، فإنه يتلاشى ولا يعود له وجود، وهذا أمر لا يمكن التنبؤ به من الآن، فقد يستطيع المذنب الإفلات من الشمس لنراه مرة أخرى بعد مروره بجانبها.
وبيَّن مدير مركز الفلك الدولي أنه لرؤية هذا المذنب ينبغي على الراصد أن يعرف المكان والوقت المناسبين لرؤيته؛ فالمذنب يرى الآن في جهة الشرق قبل شروق الشمس بقليل، وهو يقع في برج العذراء، وفي يوم 18 نوفمبر سيقع المذنب على بعد نصف درجة من النجمة اللامعة السماك الأعزل، وهذه تعتبر فرصة رائعة لرؤية المذنب لمن لا يعرف السماء، فما عليك إلا النظر جهة الشرق قبل شروق الشمس بحوالي ساعة فستجد نجمة بيضاء لامعة قريبة من الأفق الشرقي.
وذكر أن المذنب سيكون ملاصقاً للشمس، وبالاقتراب أكثر من الأفق قد ترى جرماً لامعاً أيضاً يميل لونه إلى الأصفر، فهذا هو كوكب عطارد، ومن الممتع أكثر أن هناك مذنباً آخر يقع بجانب عطارد، وهو لامع أيضاً ويرى بالعين المجردة، يسمى مذنب إنكي، فلا تدع هذه الفرصة تفوتك.
وقال: بمرور الأيام سيقترب المذنب "آيسون" من الشمس وسيزداد لمعانه، وفي يوم 22 نوفمبر سينتقل المذنب من برج العذراء إلى برج الميزان، ويوم 23 نوفمبر هو يوم مميز أيضاً، فإذا نظرت إلى الأفق الشرقي قبل حوالي 45 دقيقة من شروق الشمس فإنك سترى كوكب عطارد قريباً فوق الأفق الشرقي، وعلى يمينه على بعد 5 درجات يقع المذنب "آيسون"، وقد أصبح لامعاً أكثر، وإلى الأسفل قليلاً قد ترى كوكب زحل اللامع أيضاً، وعلى يمينه على بعد 3 درجات المذنب "إنكي"، لكن رؤية زحل وإنكي تحتاج إلى أفق مكشوف وسماء صافية خالية من الأتربة، لأنهما منخفضين وقربين من الأفق، وفي جميع الأحوال فإنك يجب أن ترصد من مكان مظلم بعيد عن إضاءة المدن، وإلا فإنك على الأغلب لن ترى أي مذنب.
وأوضح أنه بعد ذلك ستصبح رؤية المذنب "آيسون" صعبة بسبب قربه من الشمس، على الرغم من أن لمعانه قد يزداد بشكل كبير لدرجة أنه قد يصل إلى لمعان كوكب الزهرة التي ترى نهاراً بالعين المجردة أحياناً، وإن استطاع المذنب الصمود والإفلات من الشمس فسنراه مرة أخرى مع بدايات شهر ديسمبر، ويعتبر شهر ديسمبر الأفضل لمشاهدة هذا المذنب، وعندها يمكن رؤيته شرقاً قبل شروق الشمس.
يذكر أن المذنبات عبارة عن كتلة كبيرة من الجليد المخلوطة بالأتربة والصخور، وفي العادة تكون نواة المذنب صغيرة بحيث لا تتعدى 60 كم على حد أقصى، إلا أن الهالة المحيطة به والمكونة من الجليد الذائب والأتربة قد تصل إلى آلاف أو حتى ملايين الكيلومترات، ومع اقتراب المذنب من الشمس ونتيجة لضغط الرياح الشمسية والحرارة يتكون المذنب ويزداد حجمه كلما اقترب من الشمس وقد يصل طوله إلى ملايين الكيلومترات، ويقدر أن قطر نواة مذنب "آيسون" هي كم واحد فقط.