غادر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص باليمن جمال بن عمر، صنعاء اليوم الإثنين، دون التوصل إلى حلٍّ للأزمة الطاحنة التي تشهدها البلاد، فيما دعت مظاهرة نسائية، إلى تقديم الرئيس علي عبد الله صالح إلى المحاكمة، من جرّاء "جرائم" ارتكبها بحق المتظاهرين السلميين. وقُبيل مغادرته اليمن، قال المبعوث الأممي، في تصريحاتٍ أوردتها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، إنه اجتمع ب "مجموعاتٍ تمثل توجهاتٍ متنوعة وأحزاباً مختلفة"، وعبّر عن امتنانه لاستعداد جميع الأطراف للقاء وتقديم وجهات نظرهم المختلفة حيال الوضع الراهن". وأضاف ابن عمر، في ختام زيارته التي استمرت أسبوعين: "إنني تأثرت كثيراً بقدرة التحمُّل التي تبديها شرائح الشعب اليمني كافة، وهي تحاول التكيُّف مع العنف والنقص في الإمدادات والقيود على الحركة، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لمستقبلهم".. إلا أنه حذّر قائلاً: "لكن لصبر اليمنيين حدود، وتقع على عواتق جميع القادة اليمنيين مسؤولية كسر هذا الجمود، ووضع اليمن على الطريق نحو الانتقال السلمي والإصلاح والتعافي"، مبيناً أن القادة اليمنيين يتحملون مسؤولية التوصل لحل سياسي، وأشارت "سبأ" إلى أن ابن عمر سيعود إلى اليمن في وقتٍ لاحق. وكانت مصادر يمنية قد ذكرت أن المبادرة الأممية التي حملها ابن عمر لحل الأزمة الراهنة في اليمن، تستند إلى مبادرةٍ سابقة قدّمتها الدول الخليجية، كما أنها تتضمن نقل سلطات الرئيس إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وإعادة هيكلة الجيش والأمن، اصطدمت بمعارضة صالح، فيما أعرب هادي عن ترحيبه بها. وحذرت المصادر ذاتها، وفقما أورد موقع "مأرب برس" الإخباري، من "تدويل" الأزمة اليمنية، وأشارت إلى أن المجتمع الدولي يتجه لعرض القضية على مجلس الأمن، تمهيداً لفرض عقوباتٍ على النظام الحاكم في صنعاء، إثر رفض الرئيس صالح الخطة الأممية لحل الأزمة. وذكرت أن الولاياتالمتحدة، والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ودول مجلس التعاون الخليجي، هددوا بطرح القضية في المجلس خلال ثلاثة أيام، إذا لم يتراجع الرئيس اليمني عن موقفه الرافض للمبادرة الأممية لحل الأزمة التي تعصف باليمن منذ شهور عدة. ولفتت المصادر إلى أن حزب "المؤتمر الشعبي العام" الحاكم، "قدّم مقترحاً بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 15 يناير القادم، على أن يبقى صالح في منصبه دون نقل سلطاته إلى نائبه خلال تلك الفترة، على أن يتم تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب، وهو ما ترفضه المعارضة والأمم المتحدة. وبينما ألمحت المصادر إلى أن المجتمع الدولي يتجه لفرض عقوبات "محدودة" على نظام صنعاء، في البداية، فإن الباب سيبقى مفتوحاً لاتخاذ مزيدٍ من العقوبات، في حال استمر الموقف الرافض لنقل السلطة، قد تفضي إلى مثول الرئيس اليمني أمام المحكمة الجنائية الدولية. وأوضحت أن العقوبات ستركز على "رأس النظام"، ولكنها قد تمتد لتشمل تشكيل لجنة تحقيق دولية في "الجرائم" التي ارتكبت بحق المتظاهرين، ومن ثم إحالة الملف إلى المحكمة الدولية، مما يعني حرمان صالح وأسرته وأركان نظامه من "الضمانات" التي توفرها لهم المبادرة الخليجية. وعلى صعيد آخر، أورد الموقع ذاته أن عدداً من شوارع العاصمة صنعاء اتشح بالسواد مساء الأحد، خلال مسيرة نسائية حاشدة، "خرجت للتعبير عن الوفاء لدماء الشهداء، والمطالبة بمحاكمة الرئيس علي عبد الله صالح، وأركان حكمه من جرّاء ما ارتكبوه من جرائم بحق المعتصمين السلميين". ووصفت المسيرة النسائية بأنها "الأكبر" التي تشهدها العاصمة اليمنية، حيث قُدر عدد المشاركات فيها بعشرات الآلاف، وجابت المتظاهرات شارع "الستين"، وشارع "الرباط"، قبل أن تنتهي عند "ساحة التغيير"، للتأكيد على تواصل الثورة حتى تحقق أهدافها كافة.