التقت "سبق" أسرة سعودية فقيرة بمحافظة جدة، تعيش في منزل متهالك وآيل للسقوط، ودخلهم تقاعدي لا يفي بمتطلبات أب يعاني من فشل كلوي، حوّل حياة هذه الأسرة إلى جحيم. هذه الأسرة السعودية الفقيرة مكونة من 11 فرداً، صدمتنا من هول المفاجأة، بالرغم من مدى مأساتها فهي متعففة وأبت أن تمد أيديها إلى أي إنسان، حيث لا تجد أدنى متطلبات الحياة الأساسية، وتكمن الغرابة في هذه الأسرة المتعففة بأنها تعيش وسط أشد المعاناة مع الحياة، وتقاوم بالصبر والتحدي بانتظار الأمل القادم.
زاد الفشل الكلوي من معاناة الوالد الخمسيني محمد القرهدي، ليصارع الألم مع أسرته وبناته، فابنتاه ريم وتغريد مهددتان بالعمى بسبب اضطراب في الشبكية، وتعاني إحداهما من الصرع، وذهب بهما إلى مستشفى العيون بجدة، وخرج من المستشفى وهمومه ازدادت من تقرير المستشفى لهما بأنه لا يوجد لديه علاج لسوء حالتهما، عندها أدرك أن الدنيا ضاقت عليه لعجزه عن معالجتهن بسبب التكلفة المرتفعة للعلاج، إضافة إلى إصابة أبنائه الذكور الثلاثة بفقر الدم، وزوجته بمرض مزمن في ظهرها.
وتناول "القرهدي" أطراف الحديث خجلاً من ظروفه التي جعلته ينظر إلى مستقبل قد يغير عليه وعلى أبنائه وبناته حياتهم، حيث يشير إلى أنه أحيل للتقاعد من القطاع العسكري في منطقة تبوك بعد الإصابة بالفشل الكلوي، ليصارع الألم حتى ساعده فاعل خير بزراعة كلية بقي بها عشر سنوات حتى فشلت مرة أخرى، لتتبرع ابنته الكبرى له بإحدى كليتيها ليعود ليمارس حياته الطبيعية، وبعد ثمانية أعوام عادت الكلية للفشل مرة أخرى، لتعود المعاناة من جديد للغسيل الكلوي ثلاثة أيام أسبوعياً لتتبرع له ابنته الأخرى، وتفشل العملية بعد سنوات ليستمر على الغسيل الكلوي ثلاث مرات في الأسبوع وما زال مستمراً حتى اليوم.
وأضاف "القرهدي": لدي تسعة أبناء، ستة إناث، و3 ذكور كلهم مصابون بفقر الدم، والديون أنهكتني ما دعاني للاقتراض من البنك بما استطعت من راتبي التقاعدي الذي لا يكاد يفي بمتطلباتي العلاجية، ولكن كان همي توفير لقمة كريمة لهذه الأسرة التي تعيش في منزل متهالك يفتقد دورة مياه صحية، وبسقف آيل للسقوط من أيام سيول جدة لا يفي بأدنى متطلبات الحياة العادية، مؤكداً أنه لم يفقد الأمل في الله العالم بشؤون خلقه.
وقال: إرادة الله وحكمته جعلته وأسرته يعيشون في حالة متردية، مضيفاً أنه عندما يشاهد أطفاله المصابين بالأنيميا وبناته المهددات بالعمى وبناته المتبرعات بكلاهن له، يكاد قلبه يتفطر لهم، ويتمالك نفسه من البكاء أمامهم ويذكرهم بفضل الله وكرمه وأن عليهم الصبر.
وتظل هذه الأسرة المتعففة تقاوم ظروف الفقر والعمى والفشل كلوي، والراتب التقاعدي الضئيل والمسكن غير الملائم بالدعاء والصبر والتحدي بانتظار فرج يأتي لهم، أو تدخل المحسنين من أهل الخير لرفع مأساتهم والوقوف معهم.
وفيما ناشدت هذه الأسرة أهل الخير بالوقوف معهم، وإعادة مقومات الحياة البسيطة ومعاونتهم على تخطي صعوبتها، تتساءل "سبق" بعد اللقاء: من سيعيد لمثل هذه الأسرة الأمل بحياة كريمة؟ ومن سيمنحهم الابتسامة والفرحة؟