يروي الكاتب الصحفي د. جاسم المطوع حواراً دار بين شاب صيني سأل أمريكياً مسلماً لماذا تصلون باليوم خمس مرات؟ وكيف أن الحوار انتهى بإسلام الشاب الصيني، ثم يكشف الكاتب أن هذا الشاب الأمريكي يعيش بيننا في مكة، ويبحر الكاتب بعدها في عالم الصلاة وخيرها على المسلم، مؤكداً على ضرورة التمسك بها. وفي صحيفة "اليوم" يقول المطوع: "جواب ذكي من الشاب الأمريكي (مصطفى) لشاب صيني سأله: لماذا تصلون باليوم خمس مرات؟ ألا يكفيكم أن تصلوا مرة واحدة؟ فأجابه: إن الله خلق الإنسان من جسد وروح، وكلاهما يحتاج لاهتمام ونظافة، فنحن نتوضأ باليوم خمس مرات لنظافة الجسد وطهارته، أما الروح فنصلي خمس مرات باليوم لنظافتها وسعادتها، فأعجب الصيني بجواب الأمريكي وكان هذا الجواب سببا في دخوله الإسلام".
ويمضي الكاتب مع الشاب الأمريكي "مصطفى" قائلاً: "(مصطفى) شاب أمريكي دخل الإسلام في صغره، والآن هو في مكةالمكرمة يكمل رسالة الدكتوراة، جلست معه جلسة ممتعة نتبادل فيها أطراف الحديث، وسألته عن أكثر ما لفت نظره بالإسلام، فقال لفت نظري أمران: الأول عندما كنت صغيراً شاهدت صلاة المسلمين بالحرم المكي بالتلفاز فكنت أستغرب من هدوء وسكينة كل هذه الآلاف التي تقف بخشوع للصلاة على الرغم من شدة الزحام وحرارة الجو من غير شكوى أو تذمر تقرباً لله تعالى، والأمر الثاني (تحمل المسؤولية)، فقلت له: ماذا تقصد بذلك؟ قال: بمجرد ما دخلت بالإسلام شعرت أن الدين يكلفني بأن أنشر الخير الذي تعرفت عليه، ولهذا قررت أن أتعلم الدين، ودرست الشريعة وانتهيت من الماجستير، والآن في نهاية الدكتوراة إن شاء الله (مصطفى) عمره ثلاثون سنة ومتزوج، وقد رزق ببنت سماها (جودي)، قال لي: لما كنت في الثانوية بنيويورك كنت المسلم الوحيد من بين خمسمائة طالب مسيحي ويهودي ولا ديني، وقد عانيت كثيراً من بعض الطلبة بسبب كثرة استهزائهم بديني وإسلامي، ولكني تعاملت معهم بصبر وحكمة وتفوقت عليهم علمياً حتى صرت الأول على مدرستي، فصاروا يحترمونني".
ويعلق "المطوع" قائلاً: "إن كلامه عن الصلاة يذكرني بموقف حصل لبعض الأصدقاء عندما وقفوا يصلون في أحد شوارع لندن، فتجمهر الناس حولهم يصورونهم وينظرون إليهم، وبعد انتهاء الصلاة دار الحديث مع بعضهم حول الصلاة، وكان هذا الموقف سبباً في دخول أحدهم الإسلام".
ويمضي الكاتب قائلاً: "إن الصلاة صلة بين العبد وربه، ومن حرم الصلاة فقد حرم خيراً كثيراً، وأذكر في جلسة شبابية دار حوار بين شاب مسيحي وآخر مسلم، فقال المسيحي: نحن واليهود يحبنا ربنا أكثر منكم، فسأله المسلم وكيف عرفت أن الله يحبكم أكثر؟ فأجاب: لأن الله قد أراحنا بالصلاة فنحن واليهود نصلي بالأسبوع مرة واحدة، وهذه من علامات حب الله لنا، فقال له الشاب المسلم ولكن مثالك هذا يثبت عكس ما قلت، فرد عليه المسيحي وكيف ذلك؟ فقال: دعني أضرب لك مثلا يشرح فكرتك، لو اختلف الوالدان في رؤية أبنائهما وحكم القاضي أن تكون المشاهدة مرة واحدة بالأسبوع، فاعترض أحد الوالدين وطلب المشاهدة يومياً فما رأيك بهذا الطلب؟ قال: هو الصواب لأنه يحب أن يرى أبناءه كل يوم، فرد عليه الشاب، ولهذا أنا أقول لك إن الله يحب من عبده أن يتواصل معه كل يوم، وأن يكون التواصل في اليوم أكثر من مرة، وهو ما نفعله نحن المسلمين بالصلاة، ولهذا فنحن نصلي باليوم خمس مرات غير السنن، وانتهى الحوار".
وينهي الكاتب متوجهاً للقارئ وهو يقول: "الصلوات الخمس لها حكمة وميزة، فمن ميزاتها أنها لا تعطي المخطئ فرصة للاستمرار بخطئه، وتذكره دائماً بمسح ذنوبه، فلو ارتكب الإنسان ذنباً في أي ساعة باليوم في الليل أو النهار، فإن الصلاة ستكون سبباً في تذكيره بالتوبة والرجوع إلى الله، كما أن كل ما في الصلاة يساعد المصلي على النجاح بالحياة والتفوق، فسورة (الفاتحة) تفتح أعيننا للحق والصواب، ففيها الشكر والمدح والدعاء واللجوء إلى الله، وفيها الابتعاد عن منهج المخطئين والمنحرفين، وهي أكثر سورة نكررها في كل صلاة، فهي فاتحة الصلاة وفاتحة القرآن وفاتحة كل شيء، فإن كان علماء الإدارة يعلموننا كيف نكتب خطتنا ورؤيتنا في الحياة، فإن سورة الفاتحة تساعدنا على كتابة خطتنا ووضع رؤيتنا، والصلاة تساعدنا على تحقيق هذه الرؤية بضبط أوقاتنا والاستعانة بالله، فالصلاة نور وبرهان، وفاتحة كل خير، وهي قرة عين النبي الكريم، فلتكن صلاتنا قرة عين لنا ولنحافظ عليها".