أظهرت دراسة أعدها المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية بالطائف، أن قرود الرُباح المعروفة بقرود "البابون"، والموجودة بجنوب السعودية، هي عبارة عن مجموعتين برية ومستأنسة، وتتغذى على 90 نوعاً من الأشجار، كما أن بعض الأشجار، وتحديداً أشجار العرعر، لا تنبت إلا بمرور بذرة النبتة في معدتها. وأوضح مدير المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية بالطائف، أحمد البوق، أن التجارب التي أجريت على ثمار العرعر وتم زراعتها، تؤكد عدم نموها بسبب وجود غلاف شمعي سميك، حيث لا يمكن أن يزال هذا الشمع إلا عند أكل القرد لهذه الثمار، والتي تعتبر غذاء رئيساً لها، حيث يفرز أحماضاً تساعد على امتصاص الشمع، وتخرج الثمرة التي تشبه حبة الحمص كما هي من خلال الفضلات، وتستطيع بذلك أن تنمو وتكمل دورة نموها.
وأضاف البوق أن هناك مجموعتين من القرود وهما "البرية والمستأنسة"، فالبرية لا يتجاوز عددها 120 فرداً في القطيع، بينما تصل في المجموعة المستأنسة إلى 800 فرداً.
وبين البوق أن الفرق بين المجموعتين هو التنظيم والسلوكيات الاجتماعية المتماسكة في القرود البرية، بينما تظهر السلوكيات وطريقة الحياة المعيشية السيئة والعشوائية في المستأنسة، والتي تعيش بالقرب من المناطق السكانية، وتتغذى على بقايا النفايات، ولا يزيد نطاق حركتها عن 9 كم من أجل قربها للغذاء، بعكس القرود البرية التي تصل نطاق حركتها إلى 20 كم.
وقال مدير المركز إن "التخلخل الاجتماعي والسلوكي الذي حدث في القرود المستأنسة هو العدد الكبير، مقابل المساحة الصغيرة، ويضم 50 قرداً لكل 1 كم، مقارنة بالمساحة الكبيرة للقرود البرية مقابل العدد البسيط، والمتكون من ذكر قرد سائد وعدد من الإناث والصغار، وبعض الأحيان يكون هناك ذكر قرد تابع، ويمثل 20% من أُسر القرود البرية، يحل محل الذكر السائد في حال موته أو كبر سنه وغيرها".
وأضاف: "وتجتمع 3 إلى 4 أُسر من القرود البرية لتكون عشيرة، وتتحرك طوال اليوم للبحث عن معيشتها، وفي حال اجتمعت عشيرتان إلى 3 عشائر، تكون ما يسمى عصبة، ويستخدمون نظام حركة حذر مع بعضهم البعض، وفي المساء تجتمع عصبتان أيضاً إلى 3 عُصب في موقع نوم واحد، وهو جروف صخرية بعيداً عن المخاطر".
وذكر أنه "في حال اختلت القيادة في العصبة، تبدأ القردة في الانحلال، وتصبح قروداً مستأنسة نتيجة التفكك الاجتماعي، وتصبح الإناث عائمات لا يخضعن لسلطة الذكر، يُكوّنَّ مجموعة متماسكة مع بعضهن، تقودهن أنثى، وينتقلن بين الذكور العوازب داخل القطيع بعد تفككهم".
وأشارت الدراسة إلى أن صغار القردة المستأنسة، ومعظمهم لا يتبعون الأب الحقيقي، حيث تم اختبار 16 قرداً، وأظهرت النتائج أن ثلاثة قرود فقط هم من يتبعن آباءهم، و13 قرداً متعدد الآباء.
يذكر أن القرود المستأنسة بدأت تتجانس وتتأقلم مع الكلاب، بل وصلت إلى أن تخطف صغارها من الجرو، وذلك من أجل حمايتها من الضباع والحيوانات المفترسة، وقضاء متعتها وأنستها معها.