تلقى الزميل رئيس التحرير خطاباً من مدير عام السجون لواء دكتور علي بن حسين الحارثي، يرد فيها على التساؤلات التي طرحتها زاوية "سبق تقول للمسؤول".. فيما يلي نصه: سعادة رئيس تحرير صحيفة "سبق" الإلكترونية المكلف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، إشارة إلى التقرير المنشور في صحيفتكم المؤرخ في 17 / 6 / 1434ه تحت عنوان: "يا مدير السجون: لماذا يخرج السجين من سجونكم وهو أكثر شراسة وحقداً على المجتمع؟".
وما حواه من اتهامٍ بالفساد المالي والإداري، وخيانة الأمانة للشرفاء العاملين في السجون.. فإننا نبعث لسعادتكم رد المديرية العامة للسجون، آملين أن تتسع صحيفتكم وصدوركم لنشرة بنفس المساحة، والمكان الذي نُشر فيه التقرير المشار إليه دون اجتزاء أي جزءٍ منه كي تكون الحقيقة واضحةً, وإذا لم يتم ذلك فإننا نرغب منكم عدم نشره. شاكرين تعاونكم لما يحقق مصلحة الوطن والمواطن. ولكم تحياتنا،،، مدير عام السجون لواء. د/ علي بن حسين الحارثي وفيما يلي رد المديرية العامة للسجون كاملاً: إشارة إلى التقرير المنشور في صحيفتكم المؤرخ في 17 /6 /1434ه تحت عنوان "يا مدير عام السجون.... لماذا يخرج السجين من سجونكم وهو أكثر شراسةً وحقداً على المجتمع؟".
بادئ ذي بدء نشكر لكم جهودكم الإعلامية في البحث عن الحقيقة والمقرونة بالأرقام وليس بالعموميات وباستقاء المعلومة من مصدرها. ونظراً لما حواه تقريركم من استفهامات متعددة تحمل مضامين سلبية في مجملها "تنسف", مع الأسف الجهود الحقيقية للمديرية العامة للسجون ومنسوبيها نأمل أن تتسع صدوركم وصحيفتكم لتعقيبنا عليها.
ورد في تقريركم اتهامٌ خطيرٌ يسيء بلا شك إلى الشرفاء العاملين في السجون ويتهمهم بالفساد المالي والإداري وخيانة الأمانة. وكما تعلمون أن إطلاق الكلام على عواهنه ومن دون أدلة لا يليق بصحيفة إعلامية ترغب أن يكون لها حضورٌ إعلامي يخدم المصلحة الوطنية.
وللعلم فإن هنالك جهاتٍ رقابية تتولى متابعة أعمال السجون وتعمل على تلقي أي ملاحظات في حينها والتحقيق مع مَن يتسبّب فيها وأعتقد أنه ليست هناك إدارة حكومية عليها من الرقابة والمتابعة مثل ما هو على السجون لحساسية أعمالها وأهدافها.
أما ما يتعلق بتفشي المخدرات في السجون فإن المديرية العامة للسجون واستكمالاً لواجباتها للحفاظ على النواحي الأمنية والقبض على الممنوعات بمختلف أنواعها "مخدرات، وسائل اتصال.. إلخ" قامت باستحداث وحدة مكافحة مختصّة لمنع دخول الممنوعات، إضافة إلى وجود نقاط تفتيش الممرات المؤدية لداخل السجن يتم من خلال ذلك إخضاع الجميع من عاملين، وسجناء للتفتيش وساهمت هذه الإجراءات في القبض على عددٍ من المخالفات التي يقف وراءها ضعاف النفوس وبلغ عدد إجمالي ما تم القبض عليه خلال العام الماضي "92990" مخالف في مختلف سجون المملكة.
أما ما يتعلق بالإضراب عن الطعام فإنه إجراء يعمد إليه بعض السجناء بهدف المطالبة ببعض حقوقهم التي في الغالب معني بها جهات أخرى، إضافة إلى أن البعض يستخدم هذا الأسلوب بقصد الفوضى وتهييج السجناء لتعم الفوضى داخل بيئة السجن، ويتم التعامل دائماً مع هذه الحالات بروية وتأنٍ، وأثبتت التجارب لدينا أن العديد من حالات الإضراب لا تعدو أكثر من مطالب شخصية بسيطة يمكن حلها ومن خلال القنوات الرسمية.
لقد أشرتم في ثنايا تقريركم إلى أن الدراسات الحديثة أشارت إلى أن أغلب المساجين في السعودية يعودون للسجن بسبب ضعف البرامج الإصلاحية، ولا نعلم عن هذه الدراسات، ونأمل تزويدنا بها لنستفيد منها، وفي هذا الإطار نود أن نبيّن لكم أن حالة السجين هي مزيج من العوامل النفسية والاجتماعية قبل دخوله السجن تتحكم في سلوكياته أثناء السجن أو بعد انتهاء محكوميته، ويظل النبذ الاجتماعي أهم هذه العوامل أو بمعنى أدق أكبر المعوقات التي تحول دون تحرر السجين من خطأ ماضٍ والعودة عضواً نافعاً في المجتمع ونحن بحكم الواجب نعمل على إصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال البرامج في مجتمعه ونحن بحكم الواجب نعمل على إصلاح ما يمكننا إصلاحه من خلال البرامج المتعددة التعليمية والتدريبية والتشغيلية والمهارية، وبرامج الموعظة والإرشاد وغيرها إلا أن ذلك يصطدم بالنبذ الاجتماعي الذي نأمل منكم، ومن كل الوسائل الإعلامية المشاركة الفعّالة والمستديمة والعمل على توعية المجتمع بقبول السجناء وانحسار النبذ.
أما ما يتعلق بتدني مستوى النظافة وعدم توافر الرعاية الصحية المناسبة علاوة على عدم توفر أماكن مناسبة بالموقوفين نود أن نبيّن لكم أن الشركات المنوط بها خدمات الإعاشة والنظافة حصلت على عقدها بعد مناقصة معلنة، وهي من الشركات المتميزة في هذا المجال بشهادة السجناء أنفسهم وهنالك جولات تفتيشية فجائية منظمة في مختلف سجون المناطق لتتبع القصور ومعالجته إن وجد وهنالك لجانٌ مشتركة مع وزارة الصحة والخدمات الطبية بوزارة الداخلية لمعالجة المشاكل الصحية سواء كانت وقائية أو علاجية لأنهم هم المعنيون بذلك.
أشارت صحيفتكم إلى تكدُّس السجناء وعدم التوسع في بناء السجون. ويبدو أن كاتب التقرير لم يكلف نفسه عناء الاطلاع على ما تضمنه مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير المقار الأمنية والذي يجري العمل على تنفيذه بتجهيز أربع إصلاحيات فئة أ مخصّصة للمحكومين "إصلاحية الحائر بالرياض وسيتم الانتهاء من أعمالها في 4 / 9 / 1434ه، إصلاحية ذهبان بجدة وسيتم الانتهاء من أعمالها في 4 / 10 / 1434 ه، وإصلاحية الطائف سيتم الانتهاء من أعمالها في 24 / 2 / 1435 ه وإصلاحية الدمام سيتم الانتهاء من أعمالها في 10 / 5 / 1436ه، وسيتم بمشيئة الله تعالى العمل في بناء تسع إصلاحيات لتغطي كل المناطق ولدى مركز مشروعات وزارة الداخلية برنامج إضافة 27 إصلاحية في بقية المحافظات و35 سجن توقيف لإحلالها بدلاً من المستأجر في مشروع خادم الحرمين الشريفين في مشروع البنية التحتية للمقار الأمنية بالوزارة.
والعمل مستمر على إضافة وتطوير وترميم وتحسين بيئة السجون الحالية لتصبح أكثر ملاءمة لأهدافنا الاستراتيجية المتعلقة بتوسيع وتعميم النشاط الإصلاحي في السجون والذي انتهى العمل فيها لأكثر من 24 سجناً من مجموع 40 سجناً حكومياً حسب الاعتمادات المالية السنوية المخصّصة لذلك.
وفيما يتعلق بالمناقصات الحكومية فالمديرية العامة للسجون جهاز خاضع للجهات الرقابية في الدولة من وزارة المالية وديوان المراقبة العام وهيئة الرقابة من خلال وجود مكتب ميداني خاص بهم لدى المديرية العامة للسجون، إضافة إلى وجود ممثل مالي مهمته دراسة ومراجعة جميع المعاملات المالية وإجازتها وفقاً للنظام المعتمد من قِبل وزارة المالية، الأمر الذي يعني ضمان ومشروعية جميع المعاملات المالية بين المديرية العامة للسجون، والجهات الأخرى في كل مناقصاتها ومنافساتها وأعمالها المالية.
وفيما يتعلق بفصل الموقوفين فإن السجون في الوقت الحالي الرئيسية والفرعية تتفاوت من حيث الطاقة الاستيعابية للنزلاء مما يصعب في بعض الأحيان الفصل بينهم في الذات في نوع الجريمة أما التصنيف بالنسبة للعمر "صغار وكبار" فهو معمول به في أغلب السجون وهناك جهود منظمة للعمل على تطبيق الفصل في كل سجن قدر المستطاع.
العمل الإصلاحي هو الركيزة الأساس في مهام المديرية العامة للسجون وتماشياً مع هذا المفهوم سخرت السجون طاقتها البشرية والمالية في هذا الاتجاه وحققت كل التشريعات النظامية لذلك ولمسنا نجاح هذه التجربة من خلال العديد من البرامج والشواهد يأتي في مقدمتها رغبة السجناء والسجينات في المشاركة في هذه البرامج والمطالبة بتوسيعها وتقف أحياناً المساحة عائقاً في بعض السجون على تطبيق بعض البرامج إضافة إلى مطالبتنا لبعض الجهات الاستثمارية بتأسيس عمل إصلاحي اقتصادي منظم داخل السجون مثل هيئة المدن الصناعية التي تعمل في الوقت الحاضر على إنشاء أول مدينة صناعية متكاملة داخل إصلاحية الحائر الجديد على مساحة مليون متر مربع لإنشاء 120 مصنعاً وحاضنات لتشغيل السجناء والعمل قائم على تعميم الفكرة في محافظة جدة وبقية الإصلاحيات الكبيرة فضلاً عن وجود مصانع منتجة قائمة في سجون متعددة.
أما ما يتعلق بإنشاء محاكم داخل سجون فإن المديرية العامة للسجون سعت بتبني هذه الفكرة منذ فترة طويلة لعلمنا بما يترتب على تطبيقها من نتائج إيجابية وقد صدر التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين، العام الماضي، بتفعيل ذلك حتى لو أدى الأمر إلى نزع ملكيات قريبة من السجون إذا لم تتوافر أراضٍ في الحرم الإداري في السجون والموضوع الآن تحت الإجراء.
أما ما يتعلق بتطبيق الأحكام البديلة للسجناء فهو مطلب أساس ومهم عملت المديرية العامة للسجون عليه قبل عام 1420ه من خلال البحث العلمي حيث أقامت ندوتين عمليتين لعامي 1423ه,1428ه خصصتا لمفهوم الأحكام البديلة بمشاركة نخبة من أصحاب الفضيلة والفكر والمختصين رأس كلتا الندوتين صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد لدعم هذا التوجه والدفع باتجاه تطبيقه من خلال القنوات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني بمختلف اهتماماته ومن خلال التوصيات فقد تشكلت لجنة لعمل لائحة استرشادية وآلية لتطبيق العقوبات البديلة أثناء التحقيق وأثناء الحكم وما بعد المحاكمة والتي سُميت ب "وثيقة الرياض" وتم إقرارها من قِبل أصحاب السمو وزراء داخلية دول الخليج، وهي الآن في العرض أمام الوزارة.
أما ما ورد في استفساركم بخصوص خصخصة السجون فالسجون في أغلب دول العالم تعد من مؤسسات الدولة السيادية التي لا يسمح القانون بتسليمها للقطاع الخاص من الناحية الأمنية علماً بأن بعض الخدمات المقدمة للنزلاء تدار من خلال القطاع الخاص كالإعاشة والصيانة والنظافة والبرامج الإصلاحية.
بالنسبة للسجناء الذين انتهت محكوميتهم وما زالوا خلف القبضان فإن هناك أسباباً متعددة تتراوح ما بين الحق الخاص أو قضايا معلقة مع جهات التحقيق والقبض والترحيل والسجون تتابع مع تلك الجهات باستمرار ويهمها خروج السجين وهي من يطالب بالعفو للتخفيف فضلاً عن إخراج من تنتهي محكوميته.
وفيما يتعلق بالعاملين في السجون فإننا ندرك تماماً أن الرسالة الإصلاحية السامية التي ترتكز عليها المديرية العامة للسجون والتي تضاف إلى واجبها الأمني تقوم بالدرجة الأولى على الكفاءات الإدارية والميدانية والمتمثلة في العاملين والعاملات الذين يؤمنون بحجم وعظم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، ومن هذا المنطلق يحظى العاملون بالسجون بمختلف الرتب بالدعم الإداري والمعنوي والتطوير الذاتي.
فهنالك العديد من الدورات لمنسوبي السجون في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وفرنسا وغيرها من الدول التي تحمل تجارب إيجابية ولنا عقود تدريبية مع الجامعات السعودية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وكلية الملك فهد الأمنية وغيرها فضلاً عن إتاحة المجال للدراسات العليا ماجستير ودكتوراه لمن لديه القدرة والرغبة وجميعهم يقفون على مسافة واحدة فيما يتعلق بتغطياتهم دون تفضيل أو مجاملة.
ختاماً حمل تقريركم العديد من المغالطات، والإسقاطات، والاتهامات التي أساءت بشكلٍ واضح إلى الجهود الإدارية، والتنظيمية، والإصلاحية في المديرية العامة للسجون، وبشكلٍ خطير يتمثل في الانتقاص من أمانة، وولاء العاملين في السجون، والدخول في الذمم. الاتهام الذي تتنافى معه الموضوعية وتجنح به الصحيفة إلى تبني رأي متحيّز بعيداً عن الحقيقة وأخلاقيات العمل الإعلامي واتهام الناس من مؤسسات وأفراد أو تعميم حصل من فرد ونحن في هذا السياق لا ننكر حدوث بعض السلبيات انطلاقاً من مبدأ "من لا يعمل لا يخطئ" ولكن جميع هذه السلبيات دائماً محل معالجة بالتوجيه والتصحيح والعقاب إلا أننا نسعى أن تكون السجون بيئة إصلاحية ترتكز على موروث إسلامي يقوم على مراعاة السجين وتحقيق كل ما يعزز آدميته وكرامته والعودة إلى المجتمع صالحاً، بل الأمر تعدى إلى حشد مؤسسات المجتمع الأخرى الحكومية والأهلية وجميع شرائح المجتمع الذي أقره المجلس الأعلى للسجون في هذا الجانب كاللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم، إضافة إلى إيماننا بالدور الإعلامي المتميز في معالجة الكثير من القضايا لذا فتحنا المجال أمام وسائل الإعلام لدخول السجون ونقل الواقع في تقارير شبه أسبوعية وكما يحق لكم طرح أسئلة في هذا الجانب بدورنا نسألكم أين الدور الإعلامي المساند لهذه الجهود من خلال تثقيف المجتمع والذي في نظرنا الشريك الأول في إنجاح الرسالة الإصلاحية باحتواء السجناء وتقبلهم ومد يد العون لهم من أجل كتابة سطر جديد في حياتهم بعد قضاء محكوميتهم. كما يحق لنا أن نسأل أين أنتم من الجهود الإصلاحية التي تحتضنها السجون في مختلف مناطق المملكة؟
وفي هذا الجانب يسرنا جميعاً في المديرية العامة للسجون دعوتكم لزيارة المديرية والسجون للرصد عن قرب بحجم العمل والأمل اللذين نؤمن بهما على أنهما بعد توفيق الله -سبحانه وتعالى - الأداء الفاعل للوصول إلى رؤيتنا الإستراتيجية لمصلحة إخواننا النزلاء وأخواتنا النزيلات. والله من وراء القصد.
رد صحيفة "سبق": نقدِّر تجاوب مدير عام السجون اللواء الدكتور علي بن حسين الحارثي، وردّه على ما جاء في زاوية "سبق تقول للمسؤول"، ونود إيضاحاً أننا عندما طرحنا أوضاع السجون في المملكة بكل هذه الشفافية والصدق، فقد بنيناه على الواقع المعاش في أغلب السجون، والرصد عن قربٍ لمعاناة الكثير من المساجين، ولشكاوى السجّانين والعسكر العاملين داخل السجون، كما أننا انتقدنا التقصير بموضوعيةٍ تامّة بهدف الإصلاح والتقييم، وهو ما نتفق عليه مع المديرية العامة للسجون وندعمه.
كما أننا نرحب بدعوة اللواء الحارثي ل "سبق"؛ لزيارة المديرية والسجون للرصد عن قربٍ حجم العمل الذي يقومون به.
ونؤكّد لمدير عام السجون أننا في "سبق" لا يمكن أن نجامل أحداً على حساب مصلحة المجتمع، والوطن، والمواطن؛ فنحن نمارس وسنمارس دورنا الإعلامي في كشف التخاذل، والتقصير في أداء المهام، وفي ضعف تحمُّل المسؤولية، وعدم القيام بها في مختلف القطاعات الحكومية. كما نؤكّد أننا بعد نشر زاوية "سبق تقول للمسؤول" الخاصّة بالسجون، تلقينا عديداً من الاتصالات الهاتفية من داخل السجون من مساجين وعاملين فيها يشكون أوضاعهم، وتردي الخدمة، وسوء التعامل، إضافة إلى تزويدنا بعديد من الصور، والحالات الانسانية من داخل السجون التي تدعم شكواهم .. وهنا نتساءل: أين ما ذُكر في رد مدير عام السجون عن "مثالية" الحياة داخل السجون؟ وهذا ما سنتركه للقارئ ليحكم عليه.