أكدت أمانة العاصمة المقدسة أنه لن يتم إزالة مكتبة مكةالمكرمة، مكان ولادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بعد جدل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص إزالتها؛ لصالح مشروع توسعة ساحات الحرم المكي الشريف. وأكد مساعد أمين العاصمة المقدسة للتنمية والتطوير المهندس عارف قاضي، أن هناك توجهاً بالإبقاء على مكتبة مكةالمكرمة، موقع مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على الأثر. وأضاف: أنه فيما يتعلق بآلية التطوير والتجديد للمكتبة، فالموضوع يحتاج إلى دراسات معمقة وعقد اجتماعات مع جهات أخرى معنية بذلك، مؤكداً بأن الأمانة ستعمل على تطوير كامل المنطقة المحيطة بالحرم المكي الشريف. وقال المشرف العام على تطوير الساحات المهندس حسن عيد: "لم يرد للجنة أي توجيهات بإزالة مبنى مكتبة مكةالمكرمة، وإن أعمال الإزالة تجري حالياً ضمن أربعة مراحل، وجميع تلك المراحل لن تشمل إزالة المبنى المشار إليه". كانت وسائل الإعلام نقلت تحذير عضو هيئة كبار العلماء ومجمع الفقه الإسلامي الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، من إزالة مكتبة مكةالمكرمة، حيث قال: "إن إزالة المكتبة هو في الواقع إزالة لأعظم شواهد التاريخ الإسلامي، وجرح لمشاعر المسلمين قاطبة؛ إذ تأكَّد لنا وبما لا يدع مجالاً للشك أن مكان المكتبة الآن هو مكان ولادة الرسول محمد عليه السلام، وستكون عواقب إزالته سيئة وسبة تاريخية تتناقلها الأجيال". وفي السياق نفسه، أكد المشرف العام على إدارة المتاحف في جامعة أم القرى أستاذ تاريخ الجزيرة العربية الدكتور فواز بن علي الدهاس، بأن المكان الذي شهد الولادة النبوية الشريفة معروف ومتواتر لدى الباحثين من المؤرخين المكيين من لدن ابن إسحاق، والأزرقي في كتابه "تاريخ مكة"، والفاسي في شفائه، وبنو فهد في كتبهم المتعددة، والغازي والكردي، حتى وقتنا الحاضر. وقال: "إنه يقع في مدخل شعب بني هاشم، ويمثل معلماً مهماً من معالم المدينة المقدسة، وهي مكتبة مكةالمكرمة، والموقع نفسه يتمركز في منطقة ملاصقة للحرم المكي الشريف في الناحية الشرقية منه، وحظيت هذه المنطقة بآثار تاريخية كثيرة لا يتسع المجال للبسط فيها، وشهدت أحداثاً تاريخية جليلة، ومر هذا الموقع بعدة مراحل خلال عمره الزمني، وحظي باهتمام خلفاء المسلمين وسلاطينهم وملوكهم". وأضاف "الدهاس" كان هذا الموقع "ضمن غيره من أملاك بني هاشم، وعندما هاجر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية استولى عقيل بن أبي طالب عليه، وظل في يده ثم في عقبه من بعده، حتى اشتراه محمد بن يوسف الثقفي فأدخله في داره الشهيرة المعروفة في التاريخ بدار ابن يوسف، فلم يزل هذا البيت في هذه الدار حتى قدمت أم الخليفتين موسى وهارون، السيدة الخيزران زوجة الخليفة العباسي المهدي صاحب التوسعة التاريخية في المسجد الحرام، فجعلته مسجداً يُصلى فيه، وذلك في سنة 171ه". وتابع: "ظل كذلك يتعهده الخلفاء والملوك بالعمارة والترميم، حتى تهدم هذا المسجد في سنواته الأخيرة، فكانت لفتة كريمة من مؤسس هذا الكيان الشامخ المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز آل سعود، إن أمر بأن يحول هذا الموقع من المسجد إلى مكتبة عامرة بالكتب العلمية، لاسيما وأنه أصبح موقعه ملاصقاً للمسجد الحرام، فوجه رحمه الله في عام 1370ه أمين العاصمة المقدسة حينئذ عباس يوسف قطان بتنفيذ هذا المشروع؛ ليكون محراباً للعلم ومنارة للمعرفة يؤمها رواد العلم وطلابه من أقطار الدنيا، والذين يقدمون إلى البيت الحرام أيام الحج". وقال "الدهاس": "إن مكتبة مكةالمكرمة اليوم تقوم بدورها العلمي لضيوف بيت الله الحرام ولطلاب العلم ورواده، وتضم العديد من المكتبات الخاصة التي أُهديت إليها، وبلغت العناوين التي تحتويها حوالي 18 ألفاً و200 عنوان، إضافةً إلى الدوريات والمجلات القديمة والحديثة". وأردف "وإن كان المبنى الذي شُيِّد لهذه المكتبة قد عفا عليه الزمن، ولا يليق بما تحتويه من أمهات المصادر والمراجع العلمية، فضلاً عن كونه مسقط رأس المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن الأمل يحدو بالجميع أن تناله يد الإعمار والتطوير التي شملت جميع المناطق المحيطة به في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله".