قال والد شاب توحدي موجهاً كلامه للمسؤولين: "لا تنتظروا البلاء من الله بطفل توحدي حتى تبدؤوا تحركات مجدية في مواجهة اضطراب التوحد كما ينبغي". وخلال محاضرة له متزامنة مع اليوم العالمي للتوحد في الخُبر أمس الاثنين استشهد الناشط في مجال التوحد، ياسر الفهد، بما حصل في إحدى دول الخليج، حينما تقاعس أحد كبار المسؤولين في إحدى الوزارات عن وضع الحلول اللازمة لذوي التوحد إلى أن رُزق بطفل توحدي؛ فتغيرت توجهاته رأساً على عقب، وأخذ زمام المبادرة في تبني قضية التوحد، إلى أن قُدِّمت بسبب ابن ذلك المسؤول خدمات جيدة للتوحديين في تلك الدولة. وذكر "الفهد"، وهو أب لشاب توحدي يعاني معه منذ عقدين، أن البرامج التي تُقدَّم لذوي التوحد لا تفي بالغرض، ولا ترتقي لما يجب أن يحظى به التوحدي في مجتمعه. ورأى "الفهد" أن مراكز التوحد في السعودية تقدم خدماتها باستحياء، وتحتاج إلى خبرات وكوادر وميزانيات؛ الأمر الذي يعوق تقدمها. ولفت إلى أن تكلفة الطفل التوحدي في أمريكا في حياته تبلغ ثلاثة ملايين دولار. وقال مستدركاً: "نحن لا نطلب ثلاثة ملايين دولار للطفل التوحدي السعودي، ولكن نطالب بما يفي بالغرض، ويضمن كرامة التوحدي". وأضاف "الفهد": "نحن بحاجة إلى صحوة لدى المسؤولين، والمسؤول لا يتوانى بعد أن تطرق أبوابه بأن يقول بصراحة [ليس لدي ما أقدمه]". وقال "الفهد": "كل مسؤول يحيل ذوي الأطفال التوحديين إلى مسؤولين آخرين، وإحدى المشكلات الرئيسية هي أن التوحد من القضايا المشتتة بين وزارات عدة، منها وزارات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية". ولفت إلى أن تشتت قضية التوحد بين قطاعات عدة أنتج خدمات مبتورة، في حين الحاجة تستدعي خدمات ذات شمولية. وأوضح "الفهد" أن وزارة التعليم تقدم خدمات تعليمية، ووزارة الصحة تقدم خدمات تأهيل صحي، ووزارة الشؤون الاجتماعية تقدم رعاية فقط. وحذّر من تعامل بعض المعنيين في مجال التوحد، الذين وصفهم ب"متدني المهنية". وجدد "الفهد" طرح مشكلة التوحديين في السعودية التي يعانونها؛ حيث لا توجد مراكز متخصصة، ولو بدائية تقدم خدمات رعاية في هذا المجال لمن يتجاوزون سن 12 عاماً. وطالب "الفهد" بوقفة جادة من قِبل المسؤولين؛ لتخفيف مرارة المعاناة عن ذوي التوحُّد. وقال إن وجود طفل توحدي في الأسرة يجعلها تغير مجرى حياتها، وليس فقط يخلق معاناة بل يضطرها لتغيير مواقفها الاجتماعية؛ بسبب حالة الطفل التوحدي وأعراض الاضطراب. وقالت الناشطة في مجال العمل التطوعي، الأميرة غادة بنت عبدالله بن جلوي آل سعود: "إن التوحد من القضايا التي تتطلب تضافر الجهود بين قطاعات الدولة والمجتمع كافة". واعتبرت أن ما قُدّم حتى الآن في مجال خدمة التوحد يُعدّ في بداية الطريق، وأن بلوغ المأمول أسوة بما يستحقه اضطراب التوحد يتطلب الكثير. لكنها أثنت على الجهود التي يبذلها الناشطون في مجال التوحد، ومن بينها جهود الأميرة سميرة الفيصل، ومن قبلها الأمير فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز رئيسة الجمعية الفيصلية النسوية الخيرية في جدة، التي أسست أول مركز توحد على مستوى السعودية في مدينة جدة في بداية ظهور التوحد في السعودية عام 1994 تقريباً. ويقيم مركز التأهيل الشامل فعاليات اليوم العالمي للتوحد للعام الثاني تزامناً مع تأسيسه وحدة مختصة في خدمة ذوي اضطراب التوحد، وفق ما أفادت به رئيسة القسم عبير الغامدي. وقالت عبير الغامدي إن الفعالية تلقى اهتمام الجهات الداعمة من القطاعين العام والخاص. ولفتت إلى أن من بين المشاركين في الفعالية مركز أبحاث التوحد في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، ومستشفى الأمل والجمعية السعودية للتوحد، وبعض مراكز التوحد في المنطقة الشرقية.