كشف فيلم وثائقي أنتجته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بالتعاون مع صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أوفدت خبيراً أمريكياً كان له دور فيما يسمى ب"الحروب القذرة" في منطقة أمريكا الوسطى، وأوكلت له مهمة الإشراف على الوحدات الخاصة في العراق التي أسست مراكز اعتقال وتعذيب سرية لانتزاع اعترافات المتمردين، وقد استخدمت تلك الوحدات أساليب تعذيب قاسية في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق والتي أسهمت في الإسراع في نقل البلاد إلى حرب أهلية واسعة النطاق. هذا الخبير هو الكولونيل جيمس ستيل الذي كان حينها يبلغ الثامنة والخمسين، وهو متقاعد من الخدمة في وحدات القوات الخاصة التابعة للقوات الأمريكية، وقد انتدبه وزير الدفاع الأمريكي "دونالد رامسفيلد" للمساعدة في تشكيل القوات شبه النظامية من أجل القضاء على المجموعات المتمردة، حسب فيلم وثائقي أنتجته "بي بي سي" العربية بالتعاون مع صحيفة "الجارديان" البريطانية. وإلى جانب ستيل، جرى تعيين الكولونيل جيمس كوفمان (59 عاماً)، كمستشار خاص ثانٍ في مراكز الاعتقال العراقية التي أنشئت بتمويل أمريكي، وكان كوفمان يرسل التقارير بشكل مباشر إلى الجنرال ديفيد بتريوس، وقد أوفد إلى العراق في يونيو عام 2004 لتشكيل وتدريب القوات الأمنية العراقية، أما ستيل فكان يرسل التقارير مباشرة لرامسفيلد في بعض الأحيان. وتشير أقوال الشهود من الطرفين الأمريكي والعراقي والتي تضمنها فيلم "بي بي سي" العربية الوثائقي إلى ضلوع المستشارين الأمريكيين في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها شرطة الكوماندوز الخاصة، وللمرة الأولى تشير الشهادات أيضاً إلى اسم الجنرال ديفيد بتريوس باعتباره مرتبطاً بتلك الانتهاكات، وكان الكولونيل كوفمان قد وصف نفسه في مقابلة مع صحيفة (ستارز آند سترايبس) بأنه "عين بتريوس وأذنه على الأرض في العراق". يقول الضابط العراقي السابق منتظر السامرائي الذي عمل مع الجنرالين ستيل وكوفمان لمدة عام "لقد عملا يداً بيدٍ، ولم أرهما قط مفترقين عن بعضهما خلال الأربعين أو الخمسين مرة التي رأيتهما فيها داخل مراكز الاعتقال، فقد كانا على دراية بكل ما يحدث هناك من تعذيب". ويقول السامرائي: "كان لكل مركز اعتقال لجنة استجواب خاصة، ففي كل مركز يوجد رجل مخابرات واحد وثمانية محققين، وكانت هذه اللجان تستخدم كل أنواع التعذيب لإجبار المعتقل على الاعتراف، منها: التعذيب بالكهرباء، أو التعليق، أو استخدام مواد حارقة، أو قلع أظافر المعتقل، أو ضربه على أماكن حساسة من جسده". ويذكر أنه لا يوجد أي دليل يؤكد بأن الجنرالين نفسيهما كانا قد أقدما على تعذيب السجناء بأنفسهما، لكنهما في بعض الأحيان كانا حاضرين في مراكز الاعتقال التي وقع فيها التعذيب. بدأت فكرة هذا الفيلم الوثائقي بعدما نشرت ويكيليكس المئات من الملفات والمعلومات السرية التي كشفت أن الجنود الأمريكيين كانوا على علم بما يحدث من تعذيب في شبكة مراكز الاعتقال ومراكز التعذيب. وتم بثُّ فيلم جيمس ستيل رجل أمريكا الغامض في العراق على تلفزيون "بي بي سي" العربي مساء الأربعاء 6 مارس، وسوف يعاد يوم الجمعة 8 مارس الساعة 20:06 ويوم الإثنين 11 مارس الساعة 19:06 بتوقيت جرينتش.