لم تقف «ملاك» طالبة المتوسطة مكتوفة الأيدي عندما حال السيل بينها وبين والدها وأخيها وانبرت لتقود سيارة والدها «جمس» في سابقة هي الأولى متخطية عوائق الخجل ونظرات البعض ممن لم يعتادوا على مثل هذا التصرف الجريء ... ذهبت «ملاك» بالسيارة إلى قلب «وادي قوس» لترمق بعيونها تفاصيل الصراع بين الحياة والموت ولتشاهد أباها وأخاها وهما يستنجدان بالصرخات من داخل مركبتهما الغارقة . ووفقاً لتقرير أعدته الزميلة إيمان محمد ونشرته "المدينة"، رمت «ملاك» بحبال النجاة ليقوم أخوها «فايز» بربط الحبل في السيارة الغارقة ومن بعد تبدأ «ملاك» في قيادة المركبة كي تضمن لأعز الأحباب النجاة ولكن يا للأسف سقط فايز «مغشيا عليه» إثر تعرضه لإصابة في ساقه مما إضطرها للعودة ثانية للحاق به .. تمكنت الفتاة صغيرة العمر من الإفلات بأبيها وأخيها قبل أن يبتلعهما السيل في جوفه وبعد أن إطمأنت على سلامتهما أدارت محركها من جديد بل ربما أعادت «سيناريو الحبل» وإنقاذ محتجزي المركبات الغارقة حتى نجحت في تخليص 8 سيارات «منكوبة» والنجاة بمن فيها في موقف يصرخ بالشهامة وجسارة الفتاة السعودية ...حكاية تحمل أجمل الدلالات وقصة يوضع تحت معانيها الف خط عريض . فالفتاة كسرت كل العوائق وتخطت الأسوار من أجل الفوز بحياة من تحب أبا كان أو أخا وربما غرباء لا تربطهم بها صلة ولا قرابة . فتعالوا نسمع صوت «الملاك» الصغير وهي تتغنى بالبطولة وتروي تفاصيل الحكاية التي يطرب لها القلم وهو يعيد صياغتها على الورق . صوت الملاك تقول «ملاك» لقد وقع أبي وأخي في فم السيل وهما ذاهبان لشراء الأضحية وقد حاول والدي «فواز المطيري» الإتصال بأكثر من جهة ولكن لم تفلح محاولاته فلم يجد بداً من الإتصال بنا مستنجداً وعندها شعرت بقوة لم أكن أمتلكها من قبل فأسرعت إلى سيارة والدي «جمس» وبدأت في قيادتها مستندة على إلمامي الكبير بفن قيادة المركبات والذي تعلمته من والدي في رحلات البر .. نعم كانت هواية ولكنها أصبحت اليوم طوق نجاة ووسيلة لا غنى عنها . تجرأت لإنقاذ والدي وأخي ومن بعد 8 أسر داخل سيارات غارقة وكنت على استعداد لما هو أكثر . فما أجمل ان يجعلني الرحمن سببا في إنقاذ البشر من مستنقع الهلاك . فواز المطيري والد ملاك والذي يعمل محققًا قانونياً عبر عن مدى سعادته بما فعلته ابنته «ملاك» من موقف شجاع وقال إن ابنتي تملك - رغم صغر عمرها - شخصية قوية مشيراً أنها السبب بعد الله في إنقاذه من الموت الذي عاشه في تلك اللحظة وروى فواز الأحداث المروعة التي تعرض لها و عائلته أبرزها نزول صاعقة مدوية على بيته في الحرازات وعلى الجبل المجاور بحسب ما رواه شهود العيان «مساعد القرني ونواف المطيري» حيث إضطر والد ملاك إلى البقاء في «بيت الشعر» بفناء المنزل مدة 24 ساعة من يوم الكارثة إلى الخميس ومن حسن الحظ أن البيت كان مرتفعا لذا فهو آمن نسبيا من قوة اندفاع السيول ويذكر «والد ملاك» بأنه بقى هو وعائلته إلى يوم الجمعة حيث اخبره أحد أصدقائه بأن الدفاع المدني يلزم بالإخلاء فذهبنا إلى استلام الشقة السكنية منوهاً إلى أن هنالك أضراراً نفسية لازمت الزوجة التي أخافها الحدث وحسبته يوم القيامة وما زالت تداعيات السيل بادية أيضا على صغاري حيث يقومون مفزوعين من نومهم جراء ما حدث . هند الدوسري «من إحدى العوائل التي أنقذتها ملاك» تقول بأنها هي وأسرتها كانوا مع السائق وتوقفت السيارة عند وادي القوس حيث المكان التي تواجدت فيه سيارة والد ملاك وأخذنا نصرخ طالبين الإنقاذ و نحمد الله أن شاهدتنا «ملاك»حيث أسرعت إلينا رغم طلب والدها بأن تعود خوفا عليها ولكنها كانت فدائية فأنقذتنا وأخرجتنا من السيل