قدم كاتبان صحفيان نموذجين من الشباب السعودي، أولهما المبتعثة لبنى الأنصاري، الفائزة بجائزة الزعيم الأمريكي، مارتن لوثر كنج، للتعايش السلمي، والثاني هو الشاب السعودي محسن البلوشي، الحاصل على شهادةِ الثانويةِ العامة، والذي بدأ ماسِحَ بَلاط في مطعم، حتى أصبحَ مديراً.
السعودية لبنى الأنصاري تقدم الإسلام بسماحته في أمريكا يرى الكاتب الصحفي علي سعد الموسى أن فوز المبتعثة السعودية، لبنى الأنصاري، بجائزة الزعيم الأمريكي، مارتن لوثر كنج، للتعايش السلمي، أكبر تسويق للإسلام، في مقابل تشويه الدين الذي تسبب به تنظيم "القاعدة" وأتباعه، فقد حصلت الأنصاري على الجائزة لدورها المجتمعي في شرح عدالة الإسلام والتنوير بحقوق الإنسان في هذا الدين الخالد، وفي مقاله "لبنى الأنصاري: الإسلام كفكرة تسويق" بصحيفة "الوطن" يقول الكاتب: "بكل الدهشة، بعد شراسة المنافسة، تفوز الطالبة السعودية المبتعثة، لبنى الأنصاري، بجائزة الزعيم الأمريكي، مارتن لوثر كنج، للتعايش السلمي، فيما أعتبرها بشكل شخصي، أرفع الجوائز التي يحصدها (سعودي) في تاريخ الابتعاث الذي يمتد اليوم للعقد الرابع من الزمن.. على برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، تدرس (لبنى) الهندسة الكيميائية في جامعة آلاباما: ولاية شرارة حركة الحقوق والمساواة وموطن الأمريكية السمراء التي كانت أول من يتحدى قوانين التمييز العنصري. وفي التبرير (فازت لبنى الأنصاري لدورها المجتمعي في شرح عدالة الإسلام والتنوير بحقوق الإنسان في هذا الدين الخالد). وأنا اليوم لا أكتب في مناهضة الذين يملؤون مسابر (اليوتيوب) بمثالب الابتعاث وخطورته لأن هؤلاء من حيث لا يدرون هم أعداء نهضة الأمة ومعول الهدم لمستقبلها لأن هؤلاء يسكتون عن آلاف السلوكيات الخاطئة لعشرة ملايين سعودي يذهبون سياحة في فجاج الأرض، ويركزون على بضع عشرات من آلاف المبتعثين، متناسين بالعمد، أنهم كل صباح في أرقى الجامعات وأعقد الفصول والمعامل"، ويعلق الكاتب قائلاً: "مثلما تبرهن لبنى الأنصاري أن هذا الدين العظيم هو المثال والسلوك والقدوة، مثلما تبرهن أيضا أن نشره وانتشاره ليس إلا (فكرة تسويقية) بمعايير العصر، تماما مثلما ابتدأ رسالة هائلة ربانية للأخلاق والمساواة والحرية. أكبر دولة إسلامية في تاريخ خريطة الإسلام اليوم دخلت إليه بفضل المثال والتسامح والقدوة، وجاؤوا إليه أفواجا دون غزوة أو سيف أو قطرة دم واحدة. وعلى النقيض، تتمزق أصغر دولة إسلامية في عالم اليوم بفضل الشحن المذهبي ولغة التكفير رغم أنها تعيش على خاصرة المنشأ وجوار ومكان البعثة. ومن المؤسف، بكل صراحة، أن يكون أيمن الظواهري، في عالمنا أكثر شعبية وجماهيرية من الأمريكي المسلم الأصيل، جمال زرابوزو، يوم كنت في (كلورادو) أستمع لخطبه وأطلب فتاواه وأشاهد في الأسبوع الواحد من يستجيب لدعوته للدخول في هذا الدين العظيم وكل سلاحه هو الفقر مع الحجة والابتسامة. وبالتقريب، يؤسفني أن (أم الإرهاب) المحلي أكثر شعبية من لبنى الأنصاري، رغم أن الأولى في السجن اليوم والأخيرة تدرس هندسة الكيمياء في المعمل"، وينهي الكاتب قائلا " نحن أكثر أمة تقرأ في كتب التاريخ وأكثر أمة تسرد هذه القصص ولكننا آخر أمة في قياسات العبرة والتأمل، شكرا لبنى الأنصاري".
محسن البلوشي.. من ماسِح بلاط إلى مدير المطعم يقدم الكاتب الصحفي بدر أحمد كريم الشاب السعودي محسن البلوشي، الحاصل على شهادةِ الثانويةِ العامة، والذي بدأ ماسِحَ بَلاط في مطعم، حتى أصبحَ مديراً، وقفزَ راتبه إلى، 3500 ريال، معتبرا أنه نموذج في الصّبْر، والتضحية، وكَسْر الحاجزِ النفسيِّ الذي يقف دونَ أنْ يعملَ الإنسان في مِهَنٍ بسيطةٍ، وفي مقاله "ماسح بلاط بالثانوية" بصحيفة "المدينة" يقول الكاتب: "محسن البلوشي (22 عاماً) حازَ على شهادةِ الثانويةِ العامة، وبحث عن عمل، ولم يشترطْ مرَتّبَاً شهرياً كبيراً، عَمِلَ أولاً ماسِحَ بَلاط في مطعم، ثمّ قَلَى البطاطس، فمشرفاً على شوّايةِ اللحْم والدجاج، وبعد ذلك أصبحَ مديراً لمطعم، وأميناً للصّنْدوق، وقفزَ راتبه إلى (3500) ريال وهذا كما قال-: بِفَضْلِ الصّبْرِ، والعزيمةِ، وكسْرِ حاجز العيْب "، ويعلق الكاتب قائلا " تعجبني العصاميّة، أقف لصاحبِها تقديراً، وأَشدّ على يَدَيْه، وأقَبِّل رَأْسَه، فقد ضرب مثلاً لا أجدى منه في مواجهةِ مصاعبِ الحياة ومتاعبِها، ومِنْ ثَمّ فَهوَ جديرٌ بالاحترام، وقدوةٌ حَسَنةٌ، لكل مَنْ يبحث عن عمَلٍ شريفٍ قادرٍ عليه، لا أنْ يلجأ لمِدَّ اليد، أو التقاطِ الفتَاتِ من الموائد، أو سؤالِ مَنْ يعْطِي ومَنْ يمنع، يكفيه أنْ بدأَ مِنْ أوّل السّلّم، إلى أنْ تَبَوّأَ القِمّة.. تعاظمَ " محسن البلوشي "في عينيّ أكثرَ، لأنّ "نَظَراتِ الاستهجانِ، والإشفاقِ، لَمْ تَمْنَعْه مِنْ مَسْح أرضيّة المطعم، أو الاستمرارِ فيه، أو تحْبِطَ مِن معنوياتِهِ، بل أعطتْه دافعاً للمضِيِّ قدماً في تحقيق طموحاتهِ مسْتَقْبَلاً"، ويمضي الكاتب قائلا " هذا الشبابّ ومَنْ سارَ على منهجِه، حَرِيٌّ بأنْ يقَدّمَ عَبْرَ وسائل الإعلام نموذجاً للشبابِ العصاميّين، الذينَ لَمْ يستكينوا، ولم يسَلِّموا أنفسَهم للدّعَةِ، والرّاحَةِ، والكسلِ، والخمول،وإنّما يسعوْن في الأرض بحثاً عن الرزقِ الحلال، ولقمةِ العيش غير المعجونةِ بالخوْف، أو المشْبَعَةِ بالرهبة.. كمْ في المجتمعِ السعودي أمثال هذا الشاب؟ أجِد بَيْنَ حينٍ وآخر، شباباً أعتزّ بهم وأفخَر، ضربوا الأمثلةَ في: الصّبْر، والتضحية، وكَسْر الحاجزِ النفسيِّ الذي يقف دونَ أنْ يعملَ الإنسان في مِهَنٍ بسيطةٍ، حتّى لوْ كانت مسْح أرضيةٍ بلاط في مطعم، فَعَمَلٌ كهذا ليس عيبْاً، إنما العيب في عدم التمييز بين: لغة العمل ولغة البِطالة، والتغلب عليها لا يتمّ بالاستنادِ إلى العيْب، وإنّما على وضْعِ الركائزِ السليمةِ لترشيدِ العَلاقَةِ بيْن العمَل، وأبسطِ المِهَن، حفاظاً على حقِّ الإنسان في العمل، وحمايته مِنْ جورِ البِطَالة، وتعزيز استقلاليته"، وينهي الكاتب قائلا " حَيّوا مَعِيَ هذا الشاب، وكلَّ مَنْ سارَ ويسير على مَنْهَجِه، فإنّهمْ يتعاظمونَ في أعينِ العقَلاء".