اقتصاد المعرفة أو ما يعرف أيضا بالاقتصاد الرقمي، هو القائم على استخدام التكنولوجيا والتطبيقات المعلوماتية بهدف تحسين نوعية الحياة بمجالاتها كافة، ويعتمد على أربعة أصول مهمة، وهي المعرفة التقنية والإبداع والذكاء والمعلومات والتي تفوق في أهميتها رأس المال والمواد والعمالة والتي كانت أصول الاقتصاد التقليدي. والتحول المعرفي الهائل قلب المفاهيم النظرية والعملية في عالم المال والأعمال، بحيث أصبح الاقتصاد الرقمي والعمل به هو السائد في أعمال القطاع الخاص والحكومي ومؤسسات الأعمال وإدارتها على المستوى المحلي والعالمي، ما انعكس إيجابا على زيادة رؤوس أموالها وتضاعف أرباحها وأصبحت المعرفة محرك الإنتاج والنمو الاقتصادي في العالم. ولتحقيق هذا المفهوم في أي منظمة وجب توفير عناصر المنظومة متكاملة والتي من أهمها عنصر الموارد البشرية المؤهلة ذات المهارات التقنية العالية، والتي يعتمد بناؤها على نشر ثقافة الإبداع والابتكار، من خلال نظام تعليمي متين وفعال ذي مخرجات منسجمة مع متطلبات النمو العالمي، ولذلك وجب إعادة صياغة منظومة التعليم الحالية بما يلبي احتياجات التحول العالمي في بناء مجتمع اقتصادي معرفي متكامل يجعل التعليم أكثر إبداعا وفعالية. أدرك العالم أن مصير الأمم مرهون بإبداع وتنمية أفراد مجتمعاتها، وأن ميزان التحدي بين الدول المتطورة وغيرها هو الاستجابة لمشكلات التغيير ومتطلباته، فتغيير النظام التعليمي هو المشكلة وهو الحل، وإذا بقي التعليم كما هو أو كان التغيير من غير رؤية واقعية أصبح مشكلة، والعجز عن حلها سيؤدي إلى الفشل والتخلف مهما توافرت الموارد الطبيعية والمادية؛ لذلك نجد أن عمليتي التنمية والتعليم تتداخلان إلى حد يشبه الترادف، ويصبح الاستثمار في مجال التعليم أكثر الاستثمارات عائدا خصوصا بعد أن بلغت صناعة «رأس المال البشري» قمة الهرم الاستثماري في العصر المعرفي بصفتها أهم صناعات عصر المعلومات على الإطلاق، لذا فإن عملية البناء يجب أن تبدأ من مرحلة رياض الأطفال التي يتم خلالها تأسيس مهارات التفكير الناقد وأساليب البحث العلمي، وغيرها من مهارات التواصل والعمل الجماعي، وبالتالي يتم تخريج أجيال جديدة من الكوادر الوطنية المؤهلة القادرة على تطوير الاقتصاد المعرفي وقيادته. د. خلود قاسم أكاديمية