تشهد المملكة العربية السعودية حالياً نهضة مجتمعية شاملة، وتسير بخطى واثقة نحو مستقبلها المشرق، نحو بناء اقتصاد أكثر تنوعاً، اقتصاد ما بعد عصر النفط، بحيث ينطوي على محتوى معرفي، بعيداً عن الاقتصاد المعتمد على الموارد الطبيعية، خاصة مع التحول الكبير في مقومات الاقتصاد العالمي في العقدين الأخيرين. علينا أن ندرك أنه لا يمكن القيام بالتنمية الوطنية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية إلا بمراجعة نظامنا التعليمي، وحسب ما يفرضه سوق العمل وما تقتضيه المتغيرات التي تطرأ على العالم في التعليم والتنمية، فإن التقدم الحاصل في العلوم والتكنولوجيا فرض نوعاً خاصاً من التعليم حتى نشأ في دول متقدمة، فتغيرت طبيعة الأعمال وأصبح مكتب العمل من المنزل بفضل الكمبيوتر والإنترنت أو في أي مكان عن طريق الكمبيوتر المحمول. تعد المعرفة هي القاعدة الأساسية اللازمة لإنجاز مشروعات التنمية الإنسانية في شتى المجالات لأنها وسيلة ضرورية لتيسير وتنويع الخيارات المتاحة أمام الأفراد لتنمية قدراتهم وطاقاتهم وإمكانياتهم والسمو بأوضاعهم، ويتوقف الفرق بين مجتمع معرفي في دولة ما والمجتمع المعرفي في دولة أخرى على مستويات ومعدلات الأنشطة المعرفية الموجودة في كل منهما، وإمكانيات الحصول على المعلومات والقدرة على استخدامها بكفاءة وتسخيرها في خدمة وتحقيق أهداف معينة. وقد خطت المملكة خطوات جادة من أجل تطوير النظام التعليمي بغية تحقيق مجتمع المعرفة وأبرزها: مشاريع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، والإستراتيجية الوطنية لوزارة التربية والتعليم للتحول نحو المجتمع المعرفي. من أبرز البرامج المعرفية في المملكة (برنامج مجتمع المعرفة) الذي ظهر إلى حيز الوجود في شهر ربيع الآخر من عام 1429 بجامعة الملك سعود بهدف تحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي عبر تفعيل أنشطة توليد المعرفة، ونشرها والاستفادة منها، وجمع الخبرات، وإقامة المؤتمرات، ونشر ثقافة المعرفة والشراكة المجتمعية، ولكننا بحاجة إلى المزيد من البحوث والدراسات والمؤتمرات والندوات التي تكشف الغطاء عن طبيعة هذا المجتمع وأهميته، ودوره في تطور الأمة، ومدى إسهام مؤسسات المعلومات في إرساء دعائم مجتمع المعرفة، ودور اختصاصي المعلومات في دعم هذا الموضوع الحيوي. ومن الضروري أن تهتم الجامعات السعودية بالتحول نحو مجتمع المعرفة من خلال خطوات جريئة وثابتة، وأهم تلك الخطوات تتمثل فيما يلي: تطوير فكر التعليم والتعلم، تطوير المناهج وطرق التدريس وأساليب التقويم، تطبيق تقنيات الاتصال والمعلومات في التعليم، استيعاب متطلبات العولمة، جهود ضمان الجودة، وتطوير طرق إدارة المؤسسات التعليمية. وبالتأكيد فإن المسؤولين في المملكة يدركون أن التحول إلى مجتمع المعرفة قد أصبح ضرورة، تمليها متطلبات النمو في المملكة وخاصة بسبب الظروف والتطورات الدولية، والتي تغير فيها مفهوم المنافسة العالمية، لتصبح المعرفة أساس المزايا التنافسية بين الدول.