المشهد داخل غرف «التائهين» ب«مشعر منى»، يبدو مختلفاً عن خارجه، فعند العثور على طفل فقد أسرته، تستنفر المرشدات للعمل، ابتداء باحتضانه، والتخفيف من فزعه، مروراً بالاعتناء بتغذيته، وانتهاء بتسليته وتقديم الألعاب له. الطفل التائه عندما يدخل إلى مركز الأطفال التائهين، تتلاقفه الأيادي الناعمة بروح الأمومة، في مشهد إنساني حان، تقابل الدموع فيه بابتسامة التخفيف من هول الصدمة على الطفل، تطبطب من خلاله «المرشدات» على وتر الحنان لينثرن طيفا من المشاعر المحسوسة على تراب المشاعر المقدسة. دموع هؤلاء الأطفال التي كانت تتدفق على وجناتهم عندما يدخلون إلى المركز ما تلبث إلى أن تتحول إلى ضحك ولعب، بعد أن اعتادوا على المكان وأمنوا من الغرباء، ليتم إشغالهم بالألعاب والرسومات حتى العثور على أسرهم. دخول الطفل إلى ذلك المكان ليس كخروجه بالنسبة ل«المرشدات»، إذ تختلط فرحة عودة الطفل إلى أسرته بحزن تعلقهن به وفراقه، حتى يتم تسليمه إلى والديه اللذين يستقبلانه بالبكاء وابتهالات الشكر لله، بعودة فلذة كبديهما. تقول خلود البالغة من العمر 16 عاما ل«عكاظ»: تطوعت للعمل في مركز الأطفال التائهين بسبب حبي للأطفال الذي لا يضاهيه أي شيء، فوجودي بينهم يشعرني بالسعادة العارمة فألعب معهم وأقرأ لهم القصص وأعتني بأكلهم وملبسهم وكأنهم إخوتي الصغار. وأضافت أن جميع المرشدات يفرحن بعودة الأطفال إلى عائلاتهم، وفي الوقت نفسه يشعرن بالحزن؛ لأننا نتعلق بالأطفال عند حضورهم إلى المركز ونشعر بأنهم أصبحوا جزءا منا، نتوجع على فراقهم رغم لقائنا بهم لساعات فقط. وتشير في حديثها إلى أن عدد المرشدات في المركز يبلغ 21 مرشدة، يتوزعن على مجموعات، ويعملن على مدار الساعة، مؤكدة أن المركز استقبل حتى أمس الثلاثاء 16 طفلا تائهاً، إذ يستقبل المركز الأطفال الذكور حتى سن 12 عاما، والإناث حتى سن 20 عاما.