كان دخولها إلى العمل في الحقل الكشفي للمرشدات عندما كانت في الصف الثاني الابتدائي، ولقيت -وزميلاتها- تشجيعًا من الملكة عفت زوجة الملك فيصل يرحمهما الله، وتوج ذلك التشجيع بالمشاركة في المخيم الكشفي السابع للمرشدات بالمملكة المغربية عندما كانت فى الصف الثانى الثانوى في أول مشاركة نسائية سعودية في مجال المرشدات. ولأنها تؤمن بأن أسمى خدمة يستطيع الإنسان تقديمها هي خدمة ضيوف الرحمن.. ففور أن علمت أن هناك في الحج مركزًا اسمه (أطفال تائهون) لم تتردد لحظة وسارعت الى المسؤولين لتتطوع لتولى مسؤولية هذا المركز.. وكم كانت فخورة جدا وتشعر بالسعادة الغامرة ويخالجها الاحساس بالرضا وهى ترى الطفل الذى فقد ذويه وقد عاد الى أحضان والديه فى مشهد مؤثر جدا يصعب وصفه لحظة التلاقى والدموع بينهما تعبر عن مكنون ما يدور فى أذهانهم وتتحجر الكلمات فى الأفواه ولا تكفى كل عبارات اللغة للتعبير عما يجيش داخل صدور الامهات من سعادة كبرى وفرحة غامرة بلقاء طفلها بعد أن كاد فؤادها يشرد من بين جوانحها.. وفى كل مرة يعثر طفل على أهله لا تنسى يوم أن ضاعت وهى طفلة صغيرة عمرها لا يتجاوز الثلاث سنوات وكانت لا تدرى شيئا ولا أين هى أو إلى أين تذهب.. إنها السيدة مها أحمد حسن فتيحي رئيسة منتدى السيدة خديجة بنت خويلد التى كان معها الحوار التالى: إزالة الصعوبات * هلّا حدثتنا عن منتدى السيدة خديجة؟ ** منتدى السيدة خديجة بنت خويلد يقام للمرة الثانية، حيث أقيم المنتدى الأول في العام 2007م والثاني هو الحالي في 2010م. السيدة خديجة رضي الله عنها هي زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كانت تاجرة وذات شخصية قوية، وهي التي ثبتت الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن نزل إليها خائفًا من غار حراء ولعبت أدوارًا مهمة في الدعوة الإسلامية وكان لها فضل كبير على المسلمين لأنها أول من أسلمت لذلك نقيم هذا المنتدى حتى يكون أنموذجًا للمرأة العربية والمسلمة وحتى تنتبه المرأة إلى ضرورة أن تكون شخصية السيدة خديجة بورعها وقوة شخصيتها حاضرة فينا جميعًا وحتى نتمكن من إزالة جميع الصعوبات والمعوقات التي تعترض سبيل المرأة السعودية عندما تريد أن تقيم عملًا خاصًا بها سواء أكان عملًا تجاريًا أو خدميًا. نحاول أن نطرح جميع المشكلات التي تعترض سبيل المرأة ونحاول البحث عن حلول لهذه المشكلات. * كيف واتتك فكرة العمل في مجال الكشافة؟ ** بداية لا بد أن ننتبه إلى أن النشاط الكشفي للأولاد يسمى “الكشافة” وللبنات يسمى “المرشدات”. هذا النشاط موجود في العالم كله وعمره أكثر من 103 أعوام وهو موجود في كل دول العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية. عندما كنت في الثانية ابتدائي دخلت في هذا المجال وبقيت فيه حتى خرجت من الثانوية، وعندما كنت في الصف الثاني الثانوي ذهبت ضمن وفد يمثل المملكة في المخيم الكشفي السابع للمرشدات بالمملكة المغربية، وكان ذلك تحت رعاية الملكة عفت زوجة الملك فيصل رحمهما الله وكانت تلك أول مشاركة نسائية سعودية في مجال المرشدات وتعلمنا واستفدنا كثيرًا من تلك التجربة حيث قابلنا كثيرًا من المرشدات من الدول العربية الأخرى. وبعد (30) سنة قمنا بعمل خريجات دار الحنان وكنت رئيسة لجنة خريجات دار الحنان وأعضاء مجلس الإدارة كن (18) منهن (16) في المرشدات، وهذا يدل على أن ذلك العطاء أثر كثيرًا في خدمتهن وعطائهن للبلد ولذلك رأيت ضرورة إعادة ذلك النشاط مرة أخرى، فقمت بإرسال خطاب لسمو الأمير فيصل بن عبدالله رئيس الجمعية السعودية للكشافة ووزير التربية والتعليم لبدء النشاط وكانت لدينا (11) قائدة قمنا بتدريبهن في كشافة ومرشدات البحرين، حيث أتى وفد منهن وقام بالتدريب في المملكة. بعد ذلك قمنا بتجهيز (80) زهرة ومرشدة من مدارس دار الحنان وبقينا لمدة عام في المدرسة إلى أن توفرت لدينا الموافقة على تعميم النشاط على كامل المملكة كذلك قمنا بعمل المنتدى الأول للمرشدات في جمادى الثانية الماضية برعاية الأميرة عادلة بنت عبدالله وخرجنا بتوصيات. بدأت المدارس في تسجيل منسوباتها ولدينا (12) مدرسة في جدة و(8) مدارس في الرياض و(5) في المنطقة الشرقية. * وما النشاط الأبرز للمرشدات في المملكة خلال الفترة الأخيرة؟ ** نشاط المرشدات يتركز في خدمة المجتمع وأسمى خدمة نستطيع تقديمها هي خدمة ضيوف الرحمن وعلمت أن هناك في الحج مركزًا اسمه (أطفال تائهون) تقع مسؤوليته على الأولاد من الكشافة، وكانت تأتي بعض السيدات من وزارة الشؤون الاجتماعية لكنهن كن يفتقدن للتدريب الذي تتلقاه المرشدات. وعرضنا عليهم أن نتولى هذا المركز كمتطوعات وقمت بتجميع السيدات الراغبات في التطوع وكان عددهن (15) متطوعة وقمنا بتجهيز وتنظيف مركز منى وأمدتنا وزارة الحج بالتعاون مع الكشافة مشكورة بألعاب وملابس وأكل وقمنا بترتيب الغرف ووضعنا فيها هذه الأشياء. كذلك ذهبنا إلى عرفة واستقبلنا (75) طفلا تائها قمنا بتسليم (73) منهم لأسرهم. وبعد نهاية موسم الحج قمنا بتسليم آخر طفلين لوزارة الحج وبعد عودتنا علمت أنهم توصلوا إلى أسرهم والحمد لله كان ذلك فضل من الله علينا، وقد وفقنا الله في ذلك واستطعنا إعادة البسمة لهذه الأسر. * صفي لنا شعورك وأنت تقومين بهذا العمل الرائع؟ ** العمل كان شاقًا ولم ننم طيلة هذه الأيام سوى بمعدل ساعتين ونصف ورغم ذلك كنا نشعر بالسعادة. وكنت أحس بالارتياح والسعادة وأنا أقوم بإدخال الفرحة إلى قلوب الآباء والأمهات الذين تاه أبناؤهم وفقدوا الأمل في إيجادهم مرة أخرى وكل أعضاء المجموعة كانوا سعداء بتوفيق الله لهم للقيام بتلك الخدمات الكبيرة. من يخدم ضيوف الرحمن يكرمه الله بأشياء كثيرة ونسأل الله أن يتقبل منا. التجربة الأولى * ولماذا اقتصرت المشاركة على المرشدات الكبار دون الصغار؟ ** بإذن الله سيكون معنا مجموعة من الصغار العام القادم. هذا العام كانت التجربة الأولى ولم أكن قادرة على تخيل كيفية الوضع وخشيت أن يعاني الصغار، وبالفعل لو كان معنا هؤلاء لما كان باستطاعتهم تحمُّل التعب الذي واجهناه. الأمر يحتاج إلى تجهيزات مسبقة حتى نجنِّب الأطفال التعب الذي عانينا منه وأصغر مشاركة كان عمرها (17) عامًا وأكبرهن كان عمرها (55) عامًا. * وكيف يكون حال الطفل التائه عن أسرته؟ ** عندما يتوه الطفل عن والديه وأسرته يشعر بالذعر والخوف الشديد، إضافة إلى التعب جراء المشي لمسافات طويلة تحت حر الشمس. غالبًا ما يكون الطفل حافيًا ومتسخًا ويبكي بصورة مستمرة. عندما يقوم العسكري أو الكشاف بإحضار أطفال تائهين نقوم فورًا باحتضانهم ونهدئ من روعهم ونقوم بغسل الأوساخ عن أجسادهم ونلبسهم ملابس جديدة وفي البداية نقوم بتصويرهم بملابسهم القديمة حتى يتعرف عليهم ذووهم ونقوم بواسطة اللاسلكي بالتبليغ عن فقدان هؤلاء ونكتب أسماءهم في استمارة خاصة ونحاول الترفيه عنهم بإدخالهم إلى غرفة الألعاب لكنهم ما إن يتذكروا أسرهم حتى يعودوا للبكاء من جديد. كثير منهم يبكون حتى يستسلموا للنوم ونظل بجانبهم حتى يناموا. ونقوم بتبليغ جميع نقاط الإرشاد والدفاع المدني والأمن العام بوجود هؤلاء الأطفال ونمدهم بأسمائهم وأوصافهم وأوصاف ملابسهم. وعندم يعثر الوالدان على أبنائهم تكون لحظة مؤثرة ففى في الأدب العربي هناك تعبير “يلثمه لثمًا”، وهو يعني التقبيل بشدة وهذا ما رأيته بعيني عندما تجد الأم طفلها الضائع، حيث تظل الأم تبكي وهي تقبل ابنها وهي غير مصدِّقة أنها وجدته من جديد وكثيرا من الآباء أيضًا كانوا يبكون وهو ما يدفعنا كثيرًا للبكاء. دقة الملاحظة * هل مررت بتجربة مثل هذه وأنت صغيرة؟ ** نعم، فقد ضعت وأنا طفلة صغيرة عمري ثلاث سنوات في معرض دمشق الدولي للكتاب. لا زلت أذكر حتى الآن أنني كنت أقف ولا أدري أين أنا أو إلى أين أذهب والحمد لله أن أسرتي وجدتني في ما بعد. * بماذا تنصحين المرشدات الصغيرات والصحافيات حتى يصبحن مثلك؟ ** أنصحهن بالقراءة والاطلاع وملاحظة الأشياء التي حولهن بدقة، لأن الإنسان لن يدرك أو يفهم إلا بعد أن يصبح لديه أشياء معينة أولها التجربة في الحياة وهذه لن تأتي إلا بالانتباه وملاحظة جميع الأشياء وعدم تركها تمر بدون ملاحظة. * وما هى الكلمة الاخيرة التى تودين قولها قبل نهاية الحوار؟ ** أشكرك جزيل الشكر وأتمنى أن تكوني معنا في الزهرات، وأن نقوم معًا بإصدار صحيفة خاصة بجمعية مرشدات المملكة العربية السعودية.