حين يشاهد الإنسان ثمرة عمله وجهده أمام عينيه يشعر بسعادة عارمة كيف لا وهو يشاهد الوالدين يحتضنان طفلهما بكل فرح وسرور والدموع تنهمر فرحا بعود فلذة كبدهما, فبعد اليأس والتعب والخوف من فقد طفلهما التائه جاء الفرج وعادت البسمة على شفاه عائلة من ضيوف الرحمن فقدت طفلها ذا السنتين والنصف من العمر في مشعر عرفات واستطاعت الكشافة أن ترعاه إلى أن عثرت على ذويه. هذه قصة من جملة القصص والمواقف التي تبين الجهود التي يبذلها رجال الكشافة العاملون في مراكز إرشاد الحجاج التائهين بالمشاعر المقدسة. فقد وصل إلى مقر إرشاد الأطفال التائهين التابع لجمعية الكشافة السعودية أمس الأول في عرفات بلباس الإحرام الطفل مهدي كريم الله وله من العمر سنتان ونصف ومن ملامحه أنه من جنوب آسيا ولكن لا يحمل ما يدل على اسمه أو عنوانه أو رقم جوال أحد أقاربه وكل من حوله مهتم لحاله وهو لايعير أحداً أي اهتمام , فمنذ أن دخل الطفل لمركز الأطفال التائهين بمشعر عرفات حيث كان يحمله أحد رجال الأمن والطفل مستغرق في نوم عميق مما استدعى وضعه في السرير المخصص للأطفال . وهذا الطفل هو أصغر تائه يصل إلى مركز الأطفال التائهين في عرفات مما يزيد من صعوبة التعرف عليه مع استشعار الوضع النفسي لذوي الطفل فهم يتخيلون وضعاً مأساوياً ويتصورون أسوأ الاحتمالات وربما تبددت آمالهم في العثور عليه وسط الزحام الشديد في المشعر . فجأة ورد بلاغ عبر شبكة الاتصالات اللاسلكية التي تستخدمها الكشافة في التواصل بين فرقها المنتشرة في المشاعر عن أب يبحث عن طفله المفقود معدداً بعض صفات الطفل من أنه يلبس إحرام عمره أقل من ثلاث سنوات وكلها تنطبق على الطفل المستغرق في نومه بالمركز الرئيس لإرشاد الأطفال التائهين بعرفات وبعد التأكد من صورته على موقع الجمعية اطمأن الأب جزئيا واكتملت فرحة العائلة وعلى الأخص شقيقته التي واصلت البكاء منذ ضياعه وحتى بعد العثور عليه . ووصل الأب حافي القدمين إلى المركز الرئيس لإرشاد الأطفال التائهين بعرفات وهو في حالة ذهول يرافقه عدد من أفراد العائلة واستقبله الجميع باهتمام , وما أن تعرف على صورة ولده التي سجلت في جهاز الحاسب حتى بدأت الدموع تنحدر من عينيه على خده وعند إدخاله إلى غرفة نوم الأطفال وجد ابنه نائماً احتضنه بلهفة وشوق وضمه إلى صدره بحنان الأبوة أفاق الطفل معها من نومه مفزوعاً وبدأ في البكاء والصراخ وخرج الأب من المركز حاملاً ابنه ولسانه يلهث بالدعاء للكشافة وللحكومة السعودية على خدماتها المميزة للحجاج في المشاعر مما أشعر رجال الكشافة بالغبطة والسرور نتيجة للفرحة التي شاهدوها على شفاه الوالدين اللذين وجدا طفلهما.