لم تكن رحلة حجاج عدد كبير من الدول العربية بالسهلة أو المتوفرة في أي عام، بل إنها محفوفة بالمخاطر، والإجراءات والتنظيمات المعقدة، التي قد تكون سبباً في حرمان مواطني تلك الدول من أداء مناسك الحج. ولا تتوقف إجراءات تلك الدول على التنظيمات الأمنية التي تفرضها على الحجاج، حينما يكونون أمام الاختبار الأصعب الذي لا حل له سوى الاستسلام لنتائجه، ويكمن في «القرعة» بين المتقدمين والمتجاوزين للإجراءات السابقة. وقصص الحجاج مع «القرعة» طريفة، وبينهم من تقدم لها مرة واحدة وفاز بالحصول على ترخيص حج من بلاده، وآخر تردد لمرات عدة من دون فائدة، لكنها في الأخير ابتسمت له رغما عنها. ويسرد عدد من الحجاج قصتهم مع «القرعة» التي تفرضها عليهم بلدانهم، إذ تؤكد الحاجة المغربية فصيمة تبلغ من العمر 80 عاماً أنها تقدمت لأداء مناسك الحج للعام الحالي، وابتسمت لها القرعة، ومكنتها من التواجد في المناسك، بينما يذكر الحاج العراقي أبو أحمد أن القرعة منحته ترخيص الحج ليكون من ضمن حجاج بلاده، فيما لم يتمكن من إحضار زوجته معه، لأن القرعة لم تقع عليها. ويفرض عدد من الدول العربية نظام «القرعة» في اختيار أسماء المرشحين لأداء مناسك الحج لتجنب نفسها الحرج مع الأعداد الهائلة المتقدمة، التي ترغب في أداء فريضتها، ما جعل للحظ دور كبير في تمكين مواطني تلك الدول من الوصول إلى المشاعر المقدسة. ويعتبر الظهور في القرعة بالفوز، كما يصفه عدد من الجهات المسؤولة في دول عدة عبر مواقعها الإلكترونية، إلا أنها تشدد في الوقت نفسه على سرية المعلومات، والتزامها بالعدل والمساواة بين المتقدمين. ويشير الحاج أحمد إبراهيم إلى أن عددا من الحجاج تقدم للقرعة أكثر من مرة ولم يحصل عليها، فيما تتحقق لعدد منهم عند أول مرة، لافتاً إلى أن «نظام القرعة» أشبه بلعبة الحظ. و«قرعة الحج» لا تعرف صغيراً وكبيراً، ولا تاجراً ولا فقيراً، إلا أنها تمنح تذكرة ذهاب للمشاعر المقدسة لمن حظه جميل، وتؤجل أداء الفريضة لآلاف المسلمين، لكنها تعتبر حلا ضد الواسطة والتلاعب في اختيار الراغبين بتأدية فريضة الحج في بلدان عربية عدة.