الحجّاج الإيرانيون المقيمون في بلادهم لن يتمكّنوا من أداء مناسكهم هذا العام. والسبب هو أن حكومة بلادهم منعتهم من الحجّ إلا وفق التصورات التي كانت تريد فرضها على طريقتها في المشاعر المقدسة. فإن لم يحجّوا على طريقة الاحتشاد وسط الحشود وممارسة رغبات لا تدخل في صلب المناسك ولا في هامشها فلا يسمح لهم بالحج. وبالطبع لم تكن لتسمح حكومة المملكة بهذا المطلب الذي يُربك حركة الحجيج بين المشاعر، ويُضيف أعباءَ ليس لها صلة بما هو راسخٌ في مناسك الفريضة. لهذه الأسباب انسدّ باب التفاهم بين المملكة وإيران بسبب إصرار الأخيرة على فرض رؤيتها المفتعلة في الحج، فقررت حكومة طهران ألا تسمح لمواطنيها بأداء فريضة الحج. ثمة ما لا يمكن تمريره من منطق المعقول في تفكير صُنّاع القرار الإيرانيّ. منطق المعقول يفرض بالضرورة التزام الحجاج جميعهم بما هو متفقٌ عليه من أعمال عبادية، ويفرض على حكومات الدول احترام سيادة حكومة المملكة على أراضيها، ورفض الخروج عن حقوق السيادة. إلا أن هذا المنطق المعقول لا تقبله الجدليات الإيرانية. فهي ترى أنها إما أن تفعل ما تريد على أرض غير أرضها، أو لا حجّ لمواطنيها…! إن اتخاذ قرار منع الناس من الحجّ ينطوي على مسؤولية كبيرة للغاية، وتتحمّل حكومة طهران، وحدها، المسؤولية أمام الله، وأمام مواطنيها الذين يريدون أداء فريضتهم. حكومة طهران هي التي منعت الحجاج، وهي التي حاولت خلط الأوراق، وهي التي هيّجت إعلامها في محاولة لا جدوى منها في رسم صورة غير صحيحة للمسؤولية الجسيمة التي وقفت وراء منع الإيرانيين من الحج.