** بعد أن تجاوز عدد الحجاج هذا العام ثلاثة ملايين حاج وحاجة.. ** وبعد أن وفقنا الله سبحانه وتعالى لأداء ما يتوجب علينا أداؤه نحوهم من خدمة.. ورعاية.. ومن أمن .. وصحة.. وسلامة وتيسير لسبل أداء الفريضة والحمد لله.. ** وبعد ان تحقق النجاح الذي عملنا على تحقيقه طوال العام.. حكومة .. ومؤسسات.. وأفراداً.. ** فماذا عن العام القادم ؟! ** ثم.. ماذا عن الأعوام القادمة أيضاً ؟! ** نسأل وكل المسلمين – في كل مكان من هذا العالم – يدركون.. أن المملكة العربية السعودية.. قد فعلت وسوف تفعل الكثير من أجلهم.. لتمكينهم من أداء مناسك الحج في كل عام.. بالصورة التي تسعدهم جميعاً.. وتحقق لهم ما حلموا به طويلاً.. ** كما أنهم يدركون.. بأن هذه الدولة تقوم برصد المليارات كل عام.. لإقامة المزيد من المشروعات التي تمكنهم من القدوم إلى هذه البلاد والتمتع بروحانيتها سواء بهدف أداء الحج أو العمرة أو الزيارة.. براحة تامة.. ** ولعل آخر ما عرفناه عما تعتزم الدولة إنفاقه على مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة هو ما أعلنه صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز مؤخراً.. عن تكلفة مشاريع مكةالمكرمة القادمة التي تتجاوز (22) مليار ريال سعودي حتى تصبح مكةالمكرمة شرفها الله من أفضل مدن العالم وتكون مناطق الحج كذلك أيضاً.. ** ذلك ما قدمته وتقدمه المملكة.. وسوف تواصله أيضاً.. ** فما هو المطلوب من العالم الاسلامي عمله حتى تستثمر شعوبه هذه الانجازات.. وتلك المشاريع والتوسعات الضخمة.. ويؤدي الجميع مناسكهم في يسر أكبر في المستقبل ؟! ** إن وصول أكثر من (3) ملايين حاج هذا العام وتوقع زيادة عدد الوافدين إلينا في الأعوام القادمة سيظل يشكل المشكلة الأكبر.. مهما انفقت المملكة .. ومهما قدمت.. ومهما فعلت.. لأن مساحات المشاعر المقدسة الشرعية المتاحة لحركة الحجيج محدودة.. وغير قابلة للتمدد أو التوسع.. ولأن الوقت الذي تؤدى فيه المناسك – هي الأخرى – محددة.. وغير قابلة للزيادة .. ففي عرفات لايستطيع الحجيج ان يمكثوا مدة أطول من مدة إقامتهم بين فجر يوم التاسع وحتى ما قبل غروب شمسه.. وفي مشعر مزدلفة.. لايستطيعون المكوث سوى بضع ساعات.. وفي مشعر منى ليس امامهم غير أيام التشريق الثلاثة وان تعجل بعضهم في يومين.. ** أما في مكةالمكرمة.. فإن المكوث بها لا يتجاوز اداء الصلوات.. وطواف الإفاضة والوداع بعد أداء الفريضة.. وإن كان هناك من يحرص على الإقامة بها قبل الحج وبعده أيضاً.. ** وفي كل الأحوال .. فإن مكة.. والمشاعر.. تظل لها طاقة استيعابية معينة لايمكن تجاوزها.. ** ومن أجل ذلك .. فإن على العالم الاسلامي بشكل عام.. ومنظمة المؤتمر الاسلامي بشكل خاص ان تشاركنا التفكير الجدي في هذه المسألة.. ليس فقط بالنسبة لتحديد نسبة عدد الحجاج القادمين من بلدانهم لأهمية هذا الإجراء.. وإنما للعمل أيضاً على تأهيل حجاجهم وتبصيرهم بما يتوجب عليهم عمله.. والقيام به .. وتحديد من يجب السماح له بالقدوم لأداء الفريضة الواجبة لمرة واحدة.. وليس أكثر.. حتى تتاح الفرصة لمن لم يؤد هذا الفرض بأن يتمكن من أدائه.. في الوقت المناسب.. وفي العمر المناسب.. وبالصورة المناسبة.. ** وعندما أقول بالصورة المناسبة.. فإن علينا – مثلاً - أن نعيد النظر في مسألة حج المرضى وغير القادرين على أداء الفريضة حتى لا يتسبب ذلك في تعريضهم للخطر.. ويشكلون بذلك عبئا على من يرافقونهم وعلينا في آن معاً.. ** ويكفي للدلالة على حراجة هذا الوضع ما صرح به وزير الصحة بأن مستشفيات المشاعر المقدسة ومكة استقبلت هذا العام أكثر من (300) حالة أجريت لها (قسطرة) كما ان حوالي (50) عملية قلب مفتوح قد أجريت لبعض الحجاج.. وهذا يعني ان هؤلاء لم يتمكنوا من اكمال الفريضة بفعل حالتهم الصحية تلك.. فكيف سُمح لهم بأداء الفريضة وهم على هذه الحال من الوضع الصحي غير الملائم ؟! ** نقول هذا .. لأننا في هذه البلاد حريصون على مصلحة الانسان الحاج.. وسلامته.. وحريصون أكثر على ان يعود إلى بلاده في تمام الصحة والعافية بعد أداء الفريضة.. فهل يتعاون الجميع معنا.. ويولون هذا الأمر ما يستحق من اهتمام .. ويعيدون النظر في اعداد الوافدين إلينا منهم لهذه الغاية.. وكذلك في تحقيق مبدأ الاستطاعة الشرعي في من يُؤذن له بالحج؟ *** ضمير مستتر: **(" لايكلف الله نفساً الا وسعها ".. ولا يجب أن تتراخى الدول في مسألة الحفاظ على حياة شعوبها وسلامتها).