مشاريع الهدم والبناء في المشاعر المقدسة والتوسعة الكبيرة في المدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة واجب تحملته الدولة منذ المؤسس رحمه الله وحتى اليوم لتمكين ضيوف الرحمن من أداء العبادات بيسر وسهولة واضعة نصب عينيها أنها خدمة واجبة وشرف عظيم تمنطقت به فخرا فيه عزها وخيرها في الدارين. يقول الحق سبحانه وتعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). يؤكد الأمير خالد الفيصل بأن الله شرفنا بمجاورة البيت الحرام وخدمة ضيوفه الذين يتوافدون لأداء ركن الإسلام الخامس، والتي يتشرف فيها الإنسان السعودي بتقديم الخدمة المناسبة لضيوف الرحمن. لذا وجب علينا التحلي بالسلوكيات الإسلامية وأن نستقبلكم بالابتسامة التي تشعرهم بأنهم لم يغادروا بلادهم وأننا جميعا في خدمتهم ولا منة لنا في ذلك. هذه الأرض المباركة بكل ما عليها من مشاعر مقدسة قال عنها الحق: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). هذه المشاعر ظلت هاجساً على مدى السنين تتوالد عليها الأفكار وتضع من أجلها الخطط لعمارتها وتوسعتها وتطورها حتى أصبحت على حالها اليوم في أبهى صورة من التنظيم والتخطيط والعمارة الحديثة بحيث كفلت لضيوف الرحمن تقديم الخدمات التي تيسر لهم أداء مناسكهم في أمن وأمان وطمأنينة وراحة وسلامة يشهد بها الزمان والمكان وتاريخ الأمم والبلدان. يؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في جلسة مجلس الوزراء على مختلف الجهات الحكومية والأهلية مضاعفة الجهود لخدمة ضيوف الرحمن وبذل كل ما شأنه التيسير عليهم لأداء فريضة الحج وأهمية التنافس والتسابق في خدمتهم والقيام بمزيد من الأعمال الجليلة في سبيل هذه الرسالة العظيمة التي تتشرف بها المملكة قيادة وشعبا، وتنفق المليارات على مشاريع وأعمال توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. ولعل السياسة الشرعية أجازت للحاكم أن ينظم حياة الناس ويحافظ على حقوقهم ويرعاهم ويرد الظلم عنهم وأن يلزم الناس بأحكامه وقراراته المقننة اعتماداً على حرص الشارع الكريم على مبدأ التيسير والحرص عليه في أداء العبادات والفرائض لتحقيق مصالح العباد وحفظ الضروريات الكلية للإنسان وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال، ولعل ما حدث في رمضان الفارط من مبادرة الأمير خالد الفيصل حين وجه بعدم قيام صلاة التراويح في صحن الطواف ليتمكن المعتمرون من إتمام الطواف حفاظاً على أرواحهم وأمنهم الديني أكبر دليل على نجاح ممارسة الحاكم لسياسته الشرعية فيما يعود بالنفع والخير عليهم.. إن كل هذه التوسعات والخطط الضخمة لصالح المكان المحصور في واد غير ذي زرع وبجغرافيته الجبلية لن تظهر إيجابياتها ولن يتلمس أحد عمارتها الهندسية والجهد الذي بذل فيها طالما بقيت بعض الأمور السلبية التي تمارس في هذه البقعة المباركة بإصرار البعض أو عن جهل، فالحق سبحانه وتعالى عندما شرع العبادات وفرضها على عباده المؤمنين ومنها الركن الخامس وهو الحج قرنه بالاستطاعة وقيده بها وجعله على التراخي وليس على الفور ولمرة واحدة في العمر؛ لذا فإن تحجيج المرضى المنومين في مستشفيات وزارة الصحة والعناية المركزة ومن هم في عداد العجزة غير القادرين على اتمام أركان الحج وشروطه عن طريق وزارة الصحة وتحجيجهم محمولين على الأسرة تجهز لهم الطاقم الطبي والإسعافات والتمريض مسببين الفوضى والازدحام وهذا على خلاف الأصل في شرع الله بل هو من الاختراع في دين الله فمن لم يستطع سقط عنه الحج. وبما أن الشريعة مبنية أصلا على جلب المصالح وتكثيرها ودفع المفاسد وتقليلها فإن طلب أمير المنطقة والمسؤول عن الحج الأمير خالد الفيصل بأن يكتفي المواطن والمقيم بحجة واحدة لا يكررها مفسحاً المجال لغيره من مسلمي الأرض بأن يؤدوا فريضتهم دون مضايقة وزحام وتكدس مستشعرين الواجب الذي يحتمه الدين الإسلامي بنية خالصة لوجهه تعالى. وهذا يساهم في حل مشكلة الحج العشوائي الذي يشوه مظاهر الاستعدادات للحج ويأتي على كل توسعة للقادمين من خارج المملكة، فتفعيل العقوبة على كل مخالف أمر من صميم السياسة الشرعية للحاكم كي يسود النظام. من ضمن قرارات أمير مكةالمكرمة أنه لا حج بدون تصريح وهذه ثقافة يجب أن تسود بين الجميع، فالحصول على تصريح من الجهة المختصة أمر مرغوب ومندوب إليه لتنظيم الحج والاستفادة من مشاريع الدولة ولراحة ضيوف الرحمن التي من أجلهم صرفت هذه الملايين لتطوير المكان لزيادة قدرته الاستيعابية وليس لأولئك الذين يكررون الحج في كل موسم. فالحج عبادة وسلوك حضاري وهو رسالة سلام ولعل من ضمن أهداف هذه الرسالة السامية الحصول على تصريح الحج وتأصيل القيم الأخلاقية من خلال أهمية احترام النظام كأهم الركائز في السلام والطمأنينة المنشودة من خلال رحلة الحج. وطالما أن الحج عبادة فلابد من الاهتمام بفقه التيسير وتفعيل حكم الإباحة ورفع الحرج والأخذ بالأيسر والأسهل. وتتبع مقاصد الشارع الحكيم وأن القاعدة الشرعية تنص على أن المشقة تجلب التيسير وأن الأمر إذا ضاق اتسع وغيرها من القواعد الإسلامية الحكيمة وهي كفيلة بطرد المتشددين وعدم إفساح المجال لهم ليشوهوا رسالة السلام. [email protected]