من لا يحترم نظام وطنه لا يحترم نفسه ولا يستحق الاحترام، والنظام يعني وضع خارطة طريق واضحة العناصر للوصول إلى هدف محدد، وهذا الهدف المحدد نسعى متعاونين جميعا إلى تحقيقه من أجل الوصول إلى مصلحة الوطن الذي نعيش على أرضه دعوة صريحة من أمير مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل الى كافة من يعيش على ثرى هذه الارض الطيبة ويعمل من أجلها، بضرورة احترام الأنظمة والتعاون على تطبيقها وإطاعة الأوامر والتقيد بحزمة الأنظمة السابقة واللاحقة من أجل إنجاح موسم الحج وإخراجه بالمنظر اللائق بالمكان والزمان لهذا الحدث الإسلامي العظيم اعتمادا على قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ولعل التعاون المطلوب في هذه الآية الكريمة يتجلى في أوضح صورة له خلال موسم الحج، إن هذه القرارات التنظيمية الصادرة في كل عام غرضها خدمة ضيوف الرحمن وراحتهم، ولقد لمسنا أثر هذه القرارات والتنظيمات على أرض الواقع منذ بدأ تطبيق شعار (الحج عبادة وسلوك حضاري) قبل ثماني سنوات من اليوم مما أدى إلى اختفاء الكثير من السلبيات السابقة في أداء المناسك وحفظ النفس، ما يفعله الأمير خالد الفيصل إنما هو أمر يدخل في صميم السياسة الشرعية التي تجيز للحاكم أن ينظم حياة الناس ويحافظ على مكتسباتهم ويرعى حقوقهم ويحترم حرماتهم ويرد المظالم عنهم، فالتقنين لأمور العباد بما يصلح دنياهم إنما هو أمر شرعي له أصل في دين الإسلام يترتب عليه الالتزام بالأحكام والأنظمة والقوانين. فالقرارات المقننة إنما هي لجلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها اعتمادا على أن الشريعة الإسلامية بمضامينها المختلفة إنما قامت على حفظ النفس وصونها، وهنا يأتي دور الأمير الذي شرفه الله بالولاية والإمارة على أقدس بقعة في الأرض فكان لزاما عليه أن يعقد الاجتماع تلو الاجتماع لأمن وسلامة حجاج بيت الله وزواره ويصدر التوجيهات ويفرض الأنظمة لتسهيل مواكبهم وسهولة تحركهم بكل يسر لأداء فريضتهم المباركة والتي جعلها الله مرة واحدة في العمر وقرنها بالاستطاعة وهي على التراخي ولم يجعلها على الفور، والاستطاعة شرط من شروط وجوب الحج فإن لم تتوفر هذه الاستطاعة فإن الحج غير وارد في حق المسلم. فالآية وردت مقيدة لمن استطاع السبيل إلى البيت. إن تعليمات أمير منطقة مكةالمكرمة واجتماعاته المتكررة لتنظيم الحج وإخراجه بالمظهر اللائق يوجب على كافة الأجهزة الحكومية الأخرى المرتبطة بالحج أن تتعاون مع القرارات والأنظمة وتسعى لتطبيقها لإنجاح شعار (الحج عبادة وسلوك حضاري)، فعلى وزارة الصحة مثلا أن تمتنع عن تحجيج المرضى ونقلهم إلى المشاعر في سيارات الإسعاف وتخصيص مخيمات وموظفين لهم لأداء الفريضة رغم سقوطها عنهم مما يربك الحج ويكثر أعداد المتوفين من كبار السن فهم عادة يكونون عرضة أكثر من غيرهم لتقبل العدوى لضعف مناعتهم كما أكد وكيل وزارة الصحة ورئيس القيادة والتحكم د/ عبدالعزيز بن سعيد ل«عكاظ» بأن ضعف المناعة يرفع إصابات كبار السن إلى 90% وأن هناك ارتباطا كبيرا بين إصابات كبار السن بفيروس كورونا وضعف المناعة والأمراض التنفسية الأخرى. فالحج مسؤولية كبيرة تتضخم مع الأيام وتكبر خاصة في هذا الزمن بسهولة ويسر مواصلاته ومشاعر الحنين المتدفق في نفوس المسلمين لهذه البقاع المقدسة. المملكة وفرت ولاتزال بجهد جبار كل سبل الحج وطرقه وهي تسعى جاهدة لتؤمن كل سبل العيش الكريم لهم في أمن وأمان. لقد علمت الدولة أن هؤلاء ضيوف الرحمن وأن مهمتها والتي قدرها الله عليها أن تكون راعية هذا المكان إيمانا منها بمقولة رسول الأمة صلى الله عليه وسلم (لاتزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة -يقصد مكةالمكرمة- وحرمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا). هذا الشعار تبناه مؤسس هذا الكيان وأبناؤه من بعده فكانت عمارة المسجد الحرام وتوسعة المشاعر وشق الأنفاق وتطويع جبال مكة وأوديتها ومشاعرها لاستيعاب هذا الكم المتعاظم من وفود الرحمن في فترة زمنية ضيقة وفي مناسبة نتفرد بها نحن دون العالمين. برؤيته العميقة وإحساسه الوطني يطلب الأمير خالد الفيصل من أبناء الوطن ممن أدوا فريضة الحج مرات كثيرة أن يتوقفوا عنها مقدمين المكان في الحرم والمشاعر لضيوف الرحمن، وضرب لنا مثلا بأنه عندما يحل ضيوف في بيوتنا نقدم لهم المكان الأفضل، فما بالك بمن هم ضيوف الرحمن في دلالة واضحة للقضاء على الحج العشوائي والافتراش والتزاحم وضرورة مراعاة الزمان وجغرافية المكان، وعلى شؤون الحرمين أن تفعل فقه المناسك وتتلمس للحاج الرخص فرسول الأمة مكث في مكة عام الفتح 19 يوما يقصر ويجمع ويقول لأهل مكة (أتموا فأنا على سفر)، فالواجب في حق الحجاج جمع وقصر الصلوات طيلة إقامتهم في مكة وعلى الأهالي والمقيمين أداء الصلوات في مساجد الأحياء، وعلى الدعاة والمطوفين ومؤسسات الحج وكل العاملين على هذا الركن الإسلامي العظيم أن يراعوا الله في ضيوفه ويتبعوا هديه عليه الصلاة والسلام (افعل ولا حرج). قرارات وتنظيمات الفيصل إنما تأتي لتعظيم البلد الأمين ومراعاة ضيوف الرحمن وإظهار مدى حرص الدولة على مشاريع الحج والمشاعر ولن يتأتى ذلك إلا بالعمل الجماعي الجاد والمخلص وتعاون جميع الجهات وتفاعلهم بصدق مع هذه القرارات.