استطاع الأمير الشاب محمد بن سلمان في فترة قصيرة أن يعيد تموضع السعودية ويضع اسمها بفعالية وقوة على خريطة السياسة العربية والإقليمية والعالمية، وذلك من خلال حضوره السياسي القوي في المحافل الدولية حاملا رسالة السعودية لإرساء الاستقرار والأمن للعالم وتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط ولجم الاٍرهاب وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة وإنهاء الكابوس الأسدي الجاثم على صدور السوريين ومنع التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية والخليجية ودعم الشرعية اليمنية. ومن المؤكد أن حصول الأمير محمد بن سلمان على لقب «السياسي الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط» خلال عام 2015 بحسب راديو «سوا» جاء نتيجة الاختراقات الإيجابية التي حققها في المحيطين الإقليمي والعالمي منذ تقلده منصب ولي ولي العهد ووزير الدفاع، محمد بن سلمان يؤمن بسياسة «حرق المراحل» وتحقيق الإنجاز ويعي تماما التحديات التي تواجه المملكة العربية السعودية ولهذا يسعى على الدوام إلى الوصول إلى نتائج تنفيذية وترجمة الأقوال إلى أفعال على أرض الواقع. ومن عاصفة الحزم التي قطعت رأس الأفعى الإيرانية إلى الرؤية السعودية 2030 التي بدأ العالم يتلقفها ويؤمن بأهميتها الإستراتيجية لتنويع الاستثمارات إلى الجولات العالمية، وعندما يرأس محمد بن سلمان وفد السعودية نيابة عن خادم الحرمين الشريفين في قمة العشرين، فإن الأنظار ستتجه إلى رؤية «2030» التي طرحها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحديد أهداف المملكة في التنمية والاقتصاد خلال 15 عاما القادمة. هذه الرؤية تعكس فكرا واعدا وتفكيرا خارج الصندوق، فضلا عن أنها تعكس جرأة من الأمير الشاب الذي لا يريد أن يرى بلاده تعتمد على مصدر واحد للدخل، الأمر الذي وصل إلى حد حالة إدمان نفطية، وهو ما عطل تنمية القطاعات - حسب وصف الأمير محمد بن سلمان - الذي أكد أيضا أن الرؤية كانت ستطلق سواء بارتفاع سعر النفط أو انخفاضه، وأنها لا تحتاج إلى أسعار نفط مرتفعة بل تتعامل مع أقل أسعاره، وأنه يمكن للسعودية أن تعيش في 2020 دون نفط. هذه الأفكار التي تمثل تغييرا على الواقع ونقلة كبيرة لم يكن بإمكانها أن تخرج إلى النور إلا من خلال شخصية بحجم محمد بن سلمان الواضح والمنجز، ويعتمد ولي ولي العهد في هذه النقلة الكبرى على ثلاث نقاط قوية لا ينافس المملكة أحد فيها وهي العمق العربي والإسلامي، القوة الاستثمارية، والموقع الجغرافي. وهكذا يسعى الأمير الشاب إلى رؤية السعودية، التي يحلم بها، الدولة العملاقة التي تنافس أكبر الدول المتقدمة في العالم في مجالات عدة صناعية وتجارية وإنتاجية، ومن ثم فإن عام 2016 اعتبر أنه سيكون عام الإصلاح السريع والممنهج والمخطط له. وتأتي زيارات الأمير الشاب إلى كل من الصين واليابان في إطار التسويق لهذه الرؤية المتكاملة وجذب المزيد من الاستثمارات والشراكات لها، ويرأس ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفد السعودية في قمة العشرين نيابة عن خادم الحرمين، التي تعقد في هانغتشوا شرق الصين غدا الأحد، إذ يطرح سموه، في القمة التي يحضرها زعماء أكبر اقتصادات العالم، الرؤية السعودية ونهج المملكة الرامي في مرحلة ما بعد الاعتماد على النفط، في إطار سلسلة الإصلاحات الاقتصادية التي دشنها في أبريل الماضي بهدف تنمية القطاعات غير النفطية في المملكة، وجذب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات. ويتابع المراقبون أطروحات الأمير محمد بن سلمان في قمة العشرين، خصوصا خطته الاقتصادية التي تتضمن إنفاقا حكوميا بقيمة 270 مليار ريال «72 مليار دولار»، خلال السنوات الخمس القادمة على مشاريع لتنويع اقتصاد البلاد. وتعتبر محطة هانغتشوا الصينية هي الرابعة في جولة سمو ولي العهد التي بدأها في الباكستان، ثم الصين فاليابان التي يختتم زيارته لها اليوم السبت. في قمة العشرين أكبر اقتصاديات في العالم.. سيكتب التاريخ ما صنعه المبدعون.. وتجمُّع مجموعة العشرين، التي تمثل ثلثي التجارة الدولية وثلثي البشر وتملك 90% من الثروات الخام في العالم، خاص بالكبار فقط، والسعودية هي الدولة العربية الوحيدة في المجموعة، إذ قدمت السعودية رؤيتها لقمة العشرين من خلال مشاركتها في الأعمال التحضيرية للقمة، سواء فيما يتعلق بتحديات أسواق العمل الدولية في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي، لتوليد فرص العمل، والرؤية السعودية للاستثمار وعرض التسهيلات الاستثمارية والتجارية التي تقدمها المملكة لتحقيق أهداف التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030. ويؤكد المراقبون أن قمة هانغتشوا ستكون المنعطف الإيجابي التاريخي للرؤية السعودية 2030، التي حققت اختراقا في أمريكا وفرنسا والصين واليابان. وقمة العشرين في هانغتشوا سينتصر الإبداع السعودي فيها، وستحقق الرؤية الاختراق العالمي لتصبح وثيقة عالمية.